ببزوغ فجر يوم الجمعة، تكون مدن كثيرة، ودول ومنظمات إقليمية ودولية متعددة ، قد بدأت احتفالاتها ابتهاجا، بمناسبة اليوم العالمي للمسنين، أو كبار السن، الذي يصادف الأول من أكتوبر كل عام. وتأتي احتفالات هذه السنة تحت شعار( المساواة الرقمية لجميع الأعمار) الذي يعني تمكين المسن ، كغيره من أفراد المجتمع، من الوصول الي الخدمات والعالم الرقمي والمشاركة الهادفة فيه، مما يجعل حياتهم أكثر سهولة وتواصلا مع المجتمع، وكذلك في الحصول علي احتياجاتهم المعيشية والصحية من خلال التقنية الرقمية المتاحة في بلدهم. وكاتب هذا المقال، والحمد لله، قد تجاوز الستين من عمره ، منذ فترة، وأصبح بذلك من كبار السن…وبهمني بالطبع الاحتفال بهذا اليوم العالمي. غير أن تصنيفا حديثا لمنظمة الصحة العالمية قد اعادتني إلي الوراء درجات ، جعلتني من فئة الشباب متوسطي العمر..حيث يعتبر أصحاب الفئة العمرية من(66 ) إلي( 79)، متوسطي العمر. أما كبار السن فهم أصحاب الفئة العمرية ما بين ( 80) و( 90) سنة…بينما تطلق صفة ( المعمرون) في الأرض، علي من تجاوزوا المائة عام… وتتوفع الاحصائيات الدولية، أن يبلغ عدد المسنين،من من تجاوزوا الستين عاما( حسب التصنيف القديم)..أن يبلغ عددهم المليار ونصف المليار نسمة بحلول عام 2050. ورغم اهتمام الدول والمنظمات بكبار السن، إلا أن فرص الاستفادة منهم في مجالات العمل، التي تركوها بعد التقاعد، تتضآل كل ما تقدم بهم العمر، ويشمل ذلك حتي أساتذة الجامعات والتخصصات العلمية النادرة ، ما عدا قلة من الدول ومراكز البحوث العلمية في أمريكاوالصينواليابانوكندا. وغالبا ما يثار سؤال عند التحدث عن هذه الفئة العمرية: هل كبار السن أصبحوا قيمة مضافة يمكن الاستفادة منها، أم أصبحوا قيمة سالبة وعبئا علي أسرهم وأبنائهم والمجتمع؟ غير أن هناك بعض علماء النفس والاجتماع والدراسات الإنسانية، يحتجون علي طرح السؤال بتلك الكيفية التي تشابه السؤال التعجيزي الذي لا يترك لك حرية الاختبار إلا من خلال ما حدده السائل وهو( هل حلو السكر أم حامض الليمون ) ويقولون يجب صياغة السؤال علي النحو التالي : كيف يمكننا أن نجعل من كبار السن قيمة إضافة للأسرة والمجتمع؟ الإهتمام والاحتفال لكبار السن، لم يبدأ باليوم العالمي الذي أقرته الأممالمتحدة عام 1990 والاحتفال به رسميا في أكتوبر 1991 ..بل كانت هناك شعوب ودول عربية تقوم بذلك منها الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث كانوا يحتفلون بعيد الأجداد منذ عام 1978، وفيه يومان منفصلان يوم للجد واليوم الآخر الجدة.وكانت تجري هذه الاحتفالات في السادس والعشرين من يوليو كل عام وتشاركها كندا في مثل هذه الاحتفالات. أنا في اليابان فبحتفلون بعيد( إحترام المسنيين ) الذي تجري مراسيمه في يوم الأثنين (الثالث ) من شهر سبتمبر كل عام، ويعتبر يوما وطنيا وفيه يحصل الموظفون علي عطلة ثلاثة أيام متواصلة ، بالإضافة إلي عطلة السبت والأحد لقضاء أوقات ممتعة مع الآباء والأجداد والأسرة مجتمعة. أما في الصين، فهناك إحتفالية( التاسع المضاعف) احتفالا وتكريما لكبار السن. وللصينيين فلسفة خاصة في حساب الأيام والسنين والعمر الحقيقي للإنسان…وبالتالي فربما تعني كلمة ( التاسع المضاعف ) ، متوالية العدد تسعة وحتي التاسعة والتسعون من العمر. نخلص من ذلك، بأن كل تلك الاحتفالات سواء أكان علي المستوي المحلي في كل دولة، أو المستوي الدولي كما فعلت الأممالمتحدة، تهدف الي تذكيرنا بما قدمه هؤلاء الآباء والأجداد لنا من خدمات إنسانية جليلة وتجارب وخبرات علمية ثمينة ، وأنهم لازالوا زخيرة وقيمة مضافة للبشرية يمكن الاستفادة منها. كما تهدف ، مثل هذه الاحتفالات، إلي التوعية بحقوق هؤلاء الآباء والأجداد علينا من الرعاية الوقائية والعلاجية والتقديم الخدمات لهم..وحث الحكومات والمنظمات الدولية والأسر لتقديم الدعم من أجل توفير بيئة جيدة لصحة ورفاهية المسنين