مرّت الأيام الأولى من افتتاح معرض اكسبو دبي 2021 ، وجناحنا الحاضر الغائب كأطرش في زفّة لاعلاقة له بمنهجيتها ، شأنه شأن التائه الذي ركب قطارا بالخطأ فوجد به وجوها وطبائع لم يملك معها سوى أن يفغر فاه ويفتح عينيه عن آخرهما طوال الرحلة ، فلاجناحنا يشبه الأجنحة من حيث إلهام الفكرة ، ولامحتوانا يليق بمقاصد شعار الحدث ، ولاحتى القابضين الرسميين والمتغوّلين على الملف يفكرون بعقلية الحدث ، والجالية السودانية بالامارات توهّم البعض إمكانية استبعادها ، واعتقدها بعض قاصري العقول فلول دون معرفة بتاريخها الناصع الذي قدّمت فيه الكثير من التضحيات وحتى الدماء ، فرياضييها قدّموا أبناءها شهداء للثورة ، والكثيرون منها تعرّضوا للسجن والاعتقال وكافة صنوف التعذيب فور عودتهم للوطن ، وكثيرون منها كانوا ضحية سلكها الدبلوماسي الذي كان في السابق مركز تجسس على أبناء الجالية والأمثلة لاتنضب ، ويكفي ما أصاب الجالية من مضار ووهن طوال الفترة الماضية بسبب محاربة النظام السابق لها ، وصراعات الأندية نموذجا لاتخطأه العين ، وحتى القنصلية العامرة بدبي والتي ينام كل سفير في البيت المبني في داخلها آمنا مطمئنا ، لم تبنيها الحكومة ولا حتى اشترت الأثاث بما فيه الكراسي التي يجلس عليها الكل من السفير وحتى المراجع ، فالجالية لها من التاريخ الناصع ما أنسى من ألصق بها تلك التهمة ، أن جناح الوطن في اكسبو حتى الآن ماكان ليكون مفتوحا بكل علاته لولا الجالية ، فالمتطوعين الذين استعان بهم للوقوف في الجناح هم أبناء ومنتسبي الجالية ، والاعلاميين الذين حاول التمييز بينهم لضرب تماسكهم ، كلهم ينتسبون لهذه الجالية ، والصحفيون والتلفزيونيون الذين هبّوا بحملة إعلامية ضاربة لإسعاف الموقف تطوعا ووطنية ، هم أيضا أبناء الجالية ، فتجاوز الجالية في ضمّ ممثليها المنتخبين في وفد حضور افتتاح معرض اكسبو كان خطأ فادحا ، ووصفها بالفلول خطأ ثاني ، والتسلل لمكوناتها من ورائها خطأ ثالث ، والمحاولات المستميتة لإبعادها عن الجناح خطأ رابع ، ولكنه لن يتم ، فسكوت الجالية لايعني عجزها وضعفها ، وغضبة الحليم بدأت بوادرها في الكثير من المؤشّرات العملية في الساحة ، وحقّ للجالية ممثلة في مجلسها الشرعي المنتخب ، وأعمدتها باختلاف مقاماتهم ، أن تؤدّي دورها الحقيقي المناط بها ، لأن زيارات الشخصيات الإعتبارية بالدولة للأجنحة قد تشملنا ولابد أن نكون مستعدين لاستقبالهم بمايليق بجناحنا الفقير حتى من زيارات الزائرين العاديين القادمين للتعرّف على الشعوب والدول عبر أجنحتها ، والفن مقياس الحضارة الحقيقي ، ويبدأ بإيحاءات التصميم وينتهي بكل الدلالات التي يحتويها. وبعيدا عن الرأي الشخصي ، فإن القراءة التي أوردتها الأستاذة مني يوسف الطيب ، مدير عام / مونديرا لتنظيم المعارض والمؤتمرات – ممثل اتحاد الغرف التجارية ، والخبيرة في تنظيم الأجنحة ، حول جناحنا، تستحق التوقف ، فقد أوردت في تقريرها أكثر من عشرين نقطة أكّدت فيها أن تصميم الجناح بحسب وصفها تقليديا بدائيا يفتقر الاحترافية ، وتساءلت عن دلالات الألوان المستخدمة التي كان يمكن استبدالها باللون الأبيض أو الأزرق للمياه والأخضر للزراعه والأصفر للذهب أو ألوان مجتمعه لعلم السودان ، وأن أرضيته المكونة من خشب الباركيه ، كان من المفترض أن تكون نجيله صناعيه كرمز للزراعة ، والسقف المفتوح علي جملون ، كان بالإمكان تزيينه بتركيب أجهزة الإضاءه للإسقاط الضوئي كعروض الليزر والهندراكس او غيرها من السقوفات الجميله التي تزيد جمال وروعة التصميم مع تزيين الارضيات بباظات ورد صناعي متوفرة في كل الأسواق الشعبية بالبلاد ، وقالت أن الجناح بشكله الحالي ، لايختلف عن جناح اي شركة مشاركه في معرض الخرطوم الدولي أو أي معرض محلي ، وليس جناح بمثل دولة السودان في محفل عالمي مثل الإكسبو بحسب تعبيرها . وبعيدا عن رأي الخبيرة الذي دعمته خبرة دولية مشهودة ، فإن جناحنا الأشبه بأندية المشاهدة المتناثرة في أطراف المدن يمكنه تعويض الفارق برؤى إبداعية بسيطة ، ولازلنا نردد بأن مراجعة المحتوى من قبل خبراء متخصصين في الجالية قبل عرضه مسألة ضرورية ، ولابد لكل أفراد الجالية من المشاركة في إنجاح الجناح وإنقاذ مايمكن إنقاذه ، فسجل الزائرين حتى هذه اللحظة مخجلا للغاية ، وزائري الجناح معظمهم من السودانيين الذين أتوا لنقل صورة وموقف الجناح للرأي العام القلق ، ولايتجاوز عددهم أصابع اليد ، ولم نسمع حتى الآن عن أية مخططات أو برامج لجذب الاستثمار أو عرض مشاريع استثمارية !!! . وحسنا مايقوم به البعض حاليا في التجهيز لجناح عرض المنتجات السودانية في عجمان ضمن معرض الخمسين الذي يضم معنا دولا افريقية أخجلنا ظهورها الابداعي الطاغي في اكسبو مقارنة بعرضنا المتواضع لجناح دولتنا ، وحقا من عيوبنا الأساسية التي تسكن جيناتنا أننا كأفراد وكوطن ، لانحسن دائما عرض أنفسنا أمام الآخر ، غير أن الزمن تغيّر ومشاركة السودان التي يتبجح البعض بأنها مشاركة دولة ، نسي أن كلمة دولة لاتعني حكومة ، وأنها تعني كل من ينتمي إليها ، ومشاركة الكل في إبراز دولته بالشكل اللائق فرض عين لاكفاية مهما كانت وجهة النظر ، فغرق المركب لايستثني بحارا ولاطاقما ولاراكب وقد بلّغت كسرات :- – فقيدين عظيمين فقدتهما الساحة الإعلامية ، فعلى المستوى الداخلي فقدت البلاد الراحل محي الدين تيتاوي ، ورغم رأينا الصريح والواضح حول توجّهاته ، إلا أنه لم يسجل له أي موقف خلط بين السياسة والزمالة المهنية ، وساهم في تطوير اتحاد الصحافيين وضمّ له المؤيدين والمعارضين على السواء ، وحتى في الفترات التي شهدت حظر تجديد جوازات سفر بعضنا ، لم يتقيّد بالقرار واستمر في تجديد البطاقات الصحفية لمنتسبي الاتحاد المعارضين خاصة من هم بالخارج ، وفقدت الساحة العربية الزميل الخلوق الأستاذ محمد علو ، الذي وضع بصمات إخراجية واضحة في أكثر من عقدين قضاهما مخرجا متميزا في تلفزيون الشارقة ، ألا رحم الله فقيدي الإعلام وأسكنهما فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون . – ماحيّرني في العلّة الطارئة المفاجئة التي تعرّض لها الفيسبوك فألزمته الغياب لساعات ، أن الناس بدلا من العودة للحياة الطبيعية ، واقتناص تلك الغيبة لإعادة الكثير الجميل ولو دردشة قصيرة مع الأبوين والأسرة ، هرعت تبحث عن مأوى آخر لتتحول التطبيقات لمخيمات لجوء ذلك العدد الهائل من سكّان الفيسبوك الذين هجّرتهم جائحة اختفائه الغامض . – مايحدث الآن في عاصمتنا مصنوعا كان كما قال حميدتي ، أو حقيقيا كما قالت التقارير الأمنية ، ينبهنا حقا للفراغ الكبير الذي تركه غياب جهاز أمننا الوطني رغم ماعليه من مآخذ ، ولازلنا نحذّر من أي سوء تقدير للتفكير حول هذا الجهاز ، فالقوانين الحامية للمواطن يجب التسريع بإقرارها ، والإسراع أيضا بتقوية جهاز أمننا الوطني وجعله بالقانون أمنا للمواطن والوطن لاعليهما ، واشتراط الطرف العسكري لعودته إلى اجتماعاته مع الشق المدني في الحكومة ، بإقالة شخص أو أشخاص بلا بينة أو دليل قانوني قضائي يتيح ذلك ، أمر مرفوض في ظل عدالة الثورة ، وما جعل قضاؤنا محل شك هو تلك الإشتراطات البعيدة عنه والشخصيات التي تعمل على تقويضه ، فوجود لجنة إزالة التمكين ضرورة ملحة لاستكمال مطلوبات الثورة بغضّ النظر عن الأشخاص ، ولجنة إزالة التمكين يجب أن تزاد صلاحياتها وتشمل تمكين ماقبل وبعد الثورة ، وأن تبدأ بالخدمة المدنية وتعرض الفرص بكل شفافية ليتولاها الأكفأ بغض النظر عن لمن ينتمي من قوى الثورة المتناحرة ، أحلامنا يجب أن لاتموت تحت خلافاتنا ، وأحقادنا يجب أن لاتطغى على وطنيتنا ، فلا أحد حتى الآن اختاره الشعب من رأس الدولة حتى أخمض قدميها ، وهناك من فرض نفسه ، وهناك من ارتضاه الشعب كأمر واقع ، ولامزايدة لشخص على آخر ، ولا يجب على القائمين بالأمر الرضوخ لاشتراطات إقالة فلان لأجل عودة علان ، فالقوة العسكرية ليست أقوى من القوة الإلهية عندما تتجلّى في إرادة الشعب ، وثورتنا خير نموذج . ونواصل … [email protected]