السودان وطني الذي أحببته منذ نعومة اظافري احببت انسانه بتنوعه الديني والعرقي والثقافي وموروثه الحضاري وظللت كغيري من أبنائه نحلم بتطوره ونمائه وان يتبوأ مكانه الطليعي والطبيعي بين شعوب الأرض فهو موطني ومنشأ صباي بيد انه أرض البطولات وميراث الحضارات كما توثق لنا ذاكرة التاريخ كما أعشقه يعشقه كل أبنائه ويزودون عنه باللسان والسنان ويغيرون عليه من عاديات الزمان فهو شرفنا الباذخ وتاريخنا التليد ومجدنا الخالد الفريد اكتسب موقه الجغرافي في القارة السمراء أهمية خاصة باطلالته علي البحر الأحمر واصبح احد الأطراف المهمة في امنه وسلامة الملاحة البحرية الدولية فيه . ورغم عن عمق تاريخه المتجذر في القدم تعايشت بسلام ومحبة كل مكوناته الاجتماعية ومجموعاته السكانية لقرون خلون من الزمان الا انه في تاريخه الحديث تعرض لكثير من الأزمات والكوارث الطبيعية والحروب الأهلية الدموية والصراعات الجهوية التي اقعدته عن ركب الحضارة الإنسانية وتاخر كثيرا عن رصيفاته من دول وبلدان العالم لا تملك ما يملكه من مقومات نهوض شاملة من موارد ضخمة لثروات ذاخرة في باطن الأرض وظاهرها ولعل الانظمة الشمولية الدكتاتورية المستبدة التي تعاقبت علي حكمه لعبت دورا كارثيا في دماره فقد أهملت هذه الأنظمة التنمية والحياة الكريمة لإنسانه فلا تعليم ولا صحة ولا خدمات ضرورية للبقاء رغم اعتماد السلطة في مواردها علي الجبايات والضرائب الناتجة من انشطته التجارية والصناعية التي تقوم علي المجهودات الفردية والقدرات الذاتية لشعبه الذي يبزل كل شيء ولا يحصل علي شيء . فالسلطة القائمة علي امره غير مهتمة بالتنمية واستغلال الموارد وتسخيرها لخدمة المجتمع تنمية وازدهار ورفاه هذا الاهمال الذي وجدته اقاليم السودان المختلفة علي السواء بسبب اختلالات السلطة اوقع ظلم كبير علي شعوبها وخلق حالة من الاحتقان والغبن والشعور بالتهميش ومهد الطريق امام الاحتجاج بكافة أشكاله الذي واجهته السلطة في اغلب الاحيان بالحيل الأمنية المنكرة والتدابير العسكرية المهلكة فاشتعلت الحروب الأهلية العبثية في اكثر من مكان ضاعفت من معاناة شعبنا وعمقت جراحه وشرخت نسيجه الاجتماعي وزادت ماسينا وجراحنا جراح وهدمت لبنات أحلامنا البهية واوقفتنا علي عتباتها فلا نرى غير الدماء والدموع ندفع بالصبر الجميل الأحزان ونتغلب بين النزوح واللجؤ والفقر والفاقة والحرمان . والأدهى والأمر من ذلك كله عدم تلبية صناع القرار في المركز لمطالب الجماهير الكادحة والعقلية المستبدة التي اداروا بها الخلاف جعلت معظم الحركات المطلبيه تحمل السلاح في وجه الدولة فبعدما كانت احتجاجات سلمية اصبحت مسلحة نفذت من خلالها تأججها ايادي أجنبية أشعلت أوارها وعمقتها اكثر ووقفت الانظمة الشمولية المستبدة عاجزة عن بزل حلول ناجعة لقضايا الوطن واقاليمهوسخرت إمكانيات الدولة وعنفها ضد شعبها واذاقته ويلات جحيمها واصابت تجربة الحكم الوطني في مقتل بعميق فشلها وعدم قدرتها على احتواء الأوضاع فخرجت السيطرة نهائيا من يدها واضحت بيد القوي الأجنبية التي لها مصلحة في استثمار معاناتنا لصالح اطماعها وطموحها في الهيمنة والاستحواز هذه العقلية المستبدة لصناع القرار في مركز السلطة جعل الزعيم المناضل جون قرنق ينتبه لانه لا توجد مشكلة في الجنوب اوغيره من اقاليم السودان انما المشكلة تكمن في مطبخ صناعة القرار في المركز العاجز عن ادارة الدولة بطريقة مدنية علي اسس ديمقراطية تحسم فيها قضايا الهوية باعتماد الهوية السودانية بتنوعها الثقافي والديني والعرقي أساس المواطنة ونيل الحقوق واداء الواجبات ثم الشروع فورا في عملية التوزيع العادل للثروة والسلطة حسب الثقل السكاني وإحداث تنمية متوازنة علي امتداد رقعتنا الجغرافية في مختلف أقاليم السودان والتي هي أساس السلام ولئن ذهب منا الجنوب نتيجة صفقة هي غض الطرف عن جرائم النظام المباد من قبل بعض من الدول الكبرى فإننا لم نستطع ان نتجاوز محطات الفشل ولم ندرك اهمية ان نحسم مسألة كيف يحكم السودان؟ وكيفية الوصول للحكم فيه؟ بوسائل مدنية انتخابية تعتمد في قوة جذبها علي قوة البرنامج الوطني المطروح استجابته لطموح وتطلعات الجماهير الراغبة في حياة كريمة مستقرة . ولئن كان الإهمال والظلم قد طال معظم اقاليم البلاد فإن اقليمنا الشرقي الذي يمثل قلب الوطن النابض كان الإهمال الغير مبرر فيه فاجع واكثر ظلامية وظلم من غيره فهذا الاقليم لعقود طويلة لم يلقى من كل الأنظمة المتعاقبة علي حكم البلاد سوي الإهمال المتعمد فعلي مر تاريخ حكمنا الوطني ظل يعطي ولا ياخذ الا الفتات فعانت جماهيره من الفقر والمرض والعطالة وتدني كافة الخدمات الأساسية لادني مستوياتها وقابل سكانه كل ذلك بالصبر الجميل . واليوم بعد ثورة ديسمبر المجيدة تدفعهم غيرتهم علي الاقليم ومستقبله الي التحرك والمطالبة بالحقوق وهي حقوق مستحقة وعادلة كما لشعبنا في كل اقاليمه قضايا عادلة وعلي السلطة المركزية الاستجابة لها والنزول علي رغبة اهلها حتي لا تتفاقم الأوضاع اكثر خصوصا وان ايادي الخونة اعداء الحرية والسلام من اتباع النظام المندحر يتاجرون بقضية الشرق لحساسيتها واهميتها وتاثيراتها علي امن البحر الاحمر بل كل الجوار الافريقي والآسيوي الذي سيصبح مهددا اذا ما اندلعت حرب اهلية بين قبائله ومكوناته العرقية المتنوعة والتي كان للنظام المندحر دور خبيث في تسيس قبائلها وإدارتها الأهلية ومكن بعض الاطراف علي حساب الآخرين . فعلي كل إنسان غيور علي امن وسلامة السودان ان يرفع يده عن شرقنا الحبيب فالشرق قضيته عادلة ومحل اهتمامنا كقوي ثورة انما جاءت بشعارات الحرية والعدل والسلام والديمقراطية وتثبيت أركان الحكم المدني ذو المرجعية الدستورية وفصل السلطات الثلاث ولن نسمح باستغلال الشرق الحبيب لتمرير اجندة قوي الظلام من ارباب وبقايا فلول النظام المندحر وسدنته الحانقين علي ثورتنا والحاقدين علي شعبنا والواقفين حجر عثرة امام تطلعاته ورغبات شعبه في الاستقلال والتوحد الاستقرار فنرى ان يعقد مؤتمر إقليمي مصيري جامع لقضايا الشرق تشارك فيه كل مكوناته التاريخية والاجتماعية وقواه الحية بمختلف اتجاهاتها السياسية والفكرية والاثنية ليصل لخلاصات منطقية بارادة موحدة ورؤي واضحة مستلهمة من موروثه الحضاري القيم لحلول ناجعة ترضي تطلعات ورغبات انسانه في مستقبل مشرق جميل باهر . الغرفة المشتركة للحراك الثوري [email protected]