هيثم الفضل فلول الإنقاذ البائدة كانوا (رُوَّاداً) في إكتشاف نظريات وأساليب جديدة في إسباغ الحق بالباطل في شتى مٌساجلاتهم ومنافساتهم مع مَنْ عارضوهم أو فضحوا نواياهم التي لا علاقة لها دائماً بشعاراتهم وما يُفصحون ، تلك النظريات والأساليب لا تعرف عنها جموع السودانيين أو فلنقُل السواد الأعظم منهم شيئاً إذا نظرنا لما في جُعبة هذا الشعب الأبيّْ من قيِّم وأخلاقيات ومباديء (مُكتسبة) ومتوارثة جيلاً بعد جيل وهي محل إتفاق جماعي لا خلاف حولهُ مهما تبايَّنت الأعراق والقبائل واللُغات والثقافات ، ذلك أنها بالفعل كانت عُصارة ما تواثقت عليه الإنسانية جمعاء من قيِّم وأخلاقيات ومباديء عبر قرون مديدة من التجارُب التاريخية المُثقلة بالإنتصارات والهزائم والوقائع والأحداث ، من أهم تلك الأساليب التي برِع فيها الكيزان وإستطاعوا أن يستثمروها في صراعهم مع هذا الشعب الذي (ضعُفت مهاراته فيها) هو عدم الحياء من معظم ما يستحي منه السودانيون من أفعال وأقوال ، لذلك لم أستغرب يوماً سؤال الأديب الراحل الطيِّب صالح الذي أصبح بمثابة مثل مُتفَّق عليه في باب غرائب الأحوال والأفعال والأقوال (من أين أتى هؤلاء؟!) ، هل كان يخطُر على بال كل الذين سبقوا في حكم هذه البلاد وفي مقدَّمتهم مؤسسي الشموليات العسكرية كاللواء عبود والمُشير جعفر النميري بكل ما فيهما من جبروت وطُغيان ، أن يبيعا السكة حديد وسودان أير ومشروع الجزيرة وشركة الصمغ العربي ومُقرن النيلين ، من أجل توفير ميزانية تؤمِّن لهما البقاء في الحكم ؟ ، هل يخطُر على بال سفَّاحٍ يستولى على الحكم في بلاده ويغلبهُ كابح الحياء بالدرجة التي تدفعهُ إلى تشريد وطرد وتغريب ما يفوق الخمسين ألف موظف وعامل من مؤسسات الدولة والخدمة المدنية بأمر قانون (الطالح العام) تمكيناً لأتباعهِ من فاقدي الأهلية الأخلاقية والمهنية ليتحوَّلوا إلى غولٍ جائع ينهش بلا رحمة في جسد البلاد والعباد ؟ . ما سبق ذكره أوردتهُ فقط للتذكير بأن ما يحدُث الآن من محاولات لوأد إرادة الشعب السوداني وإعادة بناء صولجان الطُغيان والجبروت والظلم المؤدلّج ، ليس غريباً بالنظر إلى إيماننا بتفوَّقهُم غير المسبوق في السباحة ضد تيار الحق والحقيقة ومؤالفتهم المُختبَرة لمستنقعات الباطل ، كيف لكم أن تستغربوا مِنْ مَنْ يُنادي بحل الحكومة وهو أبرز أعضاءها مُتهِّماً إياها بالفشل في القضاء على معاناة الجماهير وهو المُتحكِّم الإستراتيجي في نمائها الإقتصادي بإعتباره وزير ماليتها ، إنهُ إخوتي المستغربون مُجرَّد عدم الحياء الذي ما زالوا هُم فيه بارعين ، كيف لحاكم أكبر الأقاليم في السودان ، وفي ذات الحكومة التي يُنادي بحلها أن يُبرِّر فعلهُ هذا بإستهدافهِ (توسعة) قاعدة المشاركين في الحكومة الإنتقالية بما فيهم فلول الإنقاذ البائدة ، وفي ذات الوقت لم يزل يتبَّاهى كل يوم في الفضائيات بأن شعب دارفور تعرَّض للمجاذر والإبادة الجماعية من ذات الفلول التي كانت على رأس النظام الغاشم والذين يتخذهم اليوم (حُلفاء) في مواجهة الشعب السوداني وبنات وأبناء دارفور مُتخطيَّاً بذلك أيضاً كل ما تبَّقى من سُتر (الحياء) ، لا أستنكر أبداً على أعضاء المجلس السيادي من العسكريين إذا (طمعوا) في قلب الطاولة على مُمثلينا من المدنيين أياً كانت مستويات أداءهم وتوجُّهاتهم وأحزابهم ، ما دامت ثورتنا للآن لم تستطع أن (تُسكت) الذين لا يستحون من السودان وشعبه لأنهم ببساطة لا يؤمنون بالسودان الذي نُريد ولا يحترمون عقل ووعي هذا الشعب المُتطلِّع بكل إصرار وعزيمة للإنعتاق ، لن نسمح مرةً أخرى أن تعتلي ظهورنا جحافل المُحترفين في سوءة عدم الحياء والمُناداة بالباطل مُزركشاُ بثوب الحق . [email protected]