من أو ما تعلمناه في الطب الاكلينيكي النفسي (ألا نحصر المريض في ركن Dont corner your patient) أي يجب أن نترك له طريقا للهرب أو على الأقل نحسسه بأن هناك طريقا متاحا للهرب حتى لا يفكر في الهرب بعنف. أما وقد ابتلانا الله بمرضى يحكموننا بقوة الحديد والنار، وهم بالطبع بيدهم النار والحديد فسيسخدمونها لا شك في ذلك إن تعذر عليهم إيجاد مهرب. وللأسف هذا هو الوضع الراهن في لسودان خاصة بعد النجاح المنقطع النظير لمليونيات 30 أكتوبر والذي كان متوقعا من كل من يراقب الموقف إلا العساكر وناس عسكوري وهجو وعبد الباسط وحنفي وحتى الذين دخلوا الجحور (من بدري) والذين تسابقوا في القفز من المركب بعد أن ثقبوها بسافه قولهم وفعلهم، كلهم كانوا يعلمون أن 30 أكتوبر لن يكون هزة ارتدادية ولا تابع لزلزال سبق وإنما ستكون الزلزلة التي ستقلب عاليها سافلها فهربوا باكرا وركنوا لتطمينات فرويدية من شاكلة خسرنا معركة ولم نخسر الحرب أو الإنكار التام لما حدث أو إسقاط فشلهم الأمني طوال سنتين على حكومة حمدوك. ولكن الدفوعات النفسية لفرويد تطمئن تطمينا كاذبا ولا تمثل حلا، وهي لا تختلف ابدا عن دفن النعام رأسه في الرمال. أنا لا يهمني ما يحس به المدنيين من الذين ظاهروا الانقلاب ناس الميثاق وقحت 2 وتلك الهطرقات، بل وحتى مهووسي السلطة الذين برزوا طامعين في أن تعهد إليهم أو تشملهم التشكيلة الحكومية الجديدة والتي يقولون إنها مدنية أو لتكن عسكرمدنية أو خاتفة لونين لا يهمنا فهي على كل لن ترى النور. ما يهمني هم العسكر وأيضا الذين بيدهم السلاح من المليشيات التي ساعدت في (المجهود الحربي) للإنقلاب. هؤلاد إن أحسوا بأنهم حصروا في الزاوية فستكون ردة فعلهم عنيفة جدا حتى ولو انبرت لهم فئة من شرفاء القوات المسلحة فسنصل لنقطة الاقتتال في الشوارع والفوضى. لذلك يجب علينا التفكير في نقطتين يضمنان أولا عدم الرجوع والردة لما قبل 25 أكتوبر وثانيا عدم حدوث عنف وصراع مسلح في الشارع ولنبدأ بالنقطة الأولى: عدم العودة لما قبل 25 أكتوبر: 1. يجب العودة ل 11 أبريل 2019 قبل ظهور الوثائق ونعيد العمل بدستور 1974. 2. تشكيل حكومة (خبرات سياسية) وليس (خبرات فنية – تكنوقراط) فما تحتاجه بلادنا اليوم الخبرة السياسية المحنكة وليس الخبرة الفنية، ولو توفرت في حكومة حمدوك خبرة سياسية كافية لما حدث كل ما حدث. تشكيل هذه الحكومة يجب ألا يخضع للمحاصصة وإنما للسيرة الذاتية. 3. العسكر هم من انتهكوا بل والغوا الوثيقة الدستورية ويجب أن يوضح ذلك للعالم جيدا وأننا اصبحنا في حل منها وأننا ننطلق من تفويض الشارع الذي طالب بحكومة مدنية وستكون خيانة عظمى للشارع إن لم تكن مدنية وفق دستور 74. 4.وثيقة جوبا جاءت بالحركات المسلحة لمستويات السلطة التي كانت قائمة قبل الانقلاب وقد تواطأوا للأسف مع الانقلابيين، فأطاحوا (بسلطتهم) ولم نطح بها نحن. لكننا حفاظا على السلام سنقبل بالخطوات الآتية كحل مرضي للجميع: يتطلب التمهيد لهذا الحل: أولا تعيين مجلس تشريعي ويضم بالضرَرة كل الأقاليم ومنظمات الجتمع المدني. ثانيا القيام بإحصاء سكاني قبل تنفيذ الخطوات التالية. أ. تحول الحركات وتسجيلها كأحزاب سياسية إن ارادت منفردة أو مجتمعة، تمثل الهامش أو تمثل مناطقها. ب. حل مشكلة الهامش وفق مبادئ ثورة ديسمبر (عدالة ثم سلام ثم حرية ثم تنمية). ج. التسريح وإعادة الدمج بعد هيكلة القوات المسلحة. ويكون الدمج وفق شروط التجنيد المتبعة في الجيش السوداني وذلك لمستوى الأفراد، أما مستوى الضباط فتنظر فيه لجنة مشتركة من الجيش ومندوبين ممثلين للحركات ومندوبين من مؤسسات عسكرية دولية ولتشارك اليوناميتس في ذلك. د. قيام مؤتمر اقتصادي (حقيقي) ينظر في تنمية كل السودان متزامنا مع مؤتمر دستوري ليؤطر دستور السودان الدائم ومتزامنا مع (المؤتمر الإداري) ليعيد هيكلة مؤسسات الحكم ويعيد تكوين جميع مؤسسات الدولة مركزية مثل الخدمة المدنية، ومستقلة مثل السكة حديد والمخازن والاشغال والمفوضيات اللازمة، واقليمية مثل البلديات والادارة الأهلية. ه. بعد الفراغ من هيكلة الدولة ووضع دستور لها تقام الانتخابات البلدية والبرلمانية والرئاسية. ثانيا: لتجنب الصراع المسلح وهو أمر محتمل جدا إذا حصرنا البرهان وجماعته في الزاوية. عليه: 1. الغاء قرارات 25 ديسمبر. 2. إعفاء أعضاء المجلس العسكري. 3. اعتبار البراءة العسكرية حصانة ضد المحاكمة في ما يخص الانقلاب . 4. الدماء التي تثبت المحاكم نسبتها لمرتكبيها لا تشملها البراءة وتكون احقية العفو فيها لأولياء الدم. 5.العفو العام لأعضاء الجلس العسكري ويواجهون الادعاءت ضدهم كمدنيين في محاكم هجين يشترك فيها من نختار من المجتمع الدولي. هاتين النقطتين سيشكلان الحل وصمام الأمان لمخاوف عدم العودة لما قبل 25 أكتوبر ولعدم الانزلاق في صراع مسلح لكن تبقى بعض القرارات الضرورية التي ستساعد في استقرار الدولة لضمان نجاح عملية التحول الديموقراطي: أ. عودة المؤسسات الاقتصادية التابعة للجيش لوزارة المالية. ب. لضمان عدم اشتغال الجيش بالسياسة ينأى الجيش بنفسه عن المشاركة في العملية السياسية الانتخابية. قد يكون ذلك مخالفا للممارسة في كل العالم ولكنه ضروري في السودان. ج. إقامة (نوع من الجدار العازل) بطول الحدود السودانية البرية والبحرية (حوالي8000 كيلومتر) بعدها يتم: حظر تداول السلاح الناري في السودان. قيام جهاز شرطة جديد بديل للشرطة الحالية بعقيدة جديدة قوامه شباب الثورة من حملة الشهادات. قيام جهاز أمن بديل قوامه شباب الثورة من حملة الشهادات. حصر الجنسية السودانية وتضمينها بسجل وطني. تغيير العملة السودانية. تحريم خروج أي كمية من الذهب مهما صغرت من السودان. تجريم محاولة تهريب أي ثروة قومية. إن عملية إيجاد حل للوضع الراهن يجب ألا تتوقف عند اشكالية الانقلاب وإنما تمتد لمسببات الوضع وللمعقبات المتوقعة. قد يبدو هذا المقترح أقل من طوحات من خرجوا أمس في طوفان 30 أكتوبر لكنه يمثل الممكن ويمثل صوت العقل ويمثل الضمان لعدم العودة لصيغة الوثيقة أو الوثيقتين بحيث تكون علاقاتنا قائمة على اساس دستوري متين. وهي في نفس الوقت استباق لأي تنازلات قد يطرحها أي (شخص) أو أي (تنظيم) يكون أساسها العودة لمشية الغراب العرجاء والتي لن تقدم بقدر ما تؤخر.