بدا فضل الله برمة ناصر الرئيس المكلف لجزب الأمة القومي واضحاً في حديثه والخطوات السياسية التي قطعها الحزب في فترة رئاسته كشأن من سبقه في قيادة الحزب (الإمام الصادق)، وذلك حينما كشف في وقت مبكر الاتفاق الشهير بين البرهان وحمدوك قبيل إعلانه، وقد شارك فيه حزب الأمة بمعية قوى سياسية أخرى بقوة. هذا الإعلان أورد الرجل موارد الانفطام والعزلة المبكرة من قبل قيادات الحزب الشبابية التي ترى أن في الخطوة تجاوز للمؤسسية التي يجب أن يتبعها الحزب وهو يشارك في تحالف عريض (قوى الحرية والتغيير)، وكان برمة قد أكد مشاركة حزب الأمة في الاتفاق وأنه أحد المساهمين في تقريب وجهات النظر بين البرهان وحمدوك وقاد دفعة المحادثات بينهما إلى أن تم تتويجها بهذا الاتفاق الجرئ. بعض المراقبين يرون أن حزب السياسة دوماً فيها المعلن والمستور وأن حزب الأمة اختلط عليه الأمر فكشف المستور ولم يخفِ المعلن. لكن آخرين يرون أن الأمة تحت قيادة برمة ناصر لم يخلتف كثيراً عنه تحت قيادة المهدي لجهة أن الرجلين لم يخفيا أمور السياسة وكان برمة واضحاً كوضوح الصادق المهدي في التعاطي مع الشأن السياسي. الاتفاق السياسي الذي جمع ما بين البرهان وحمدوك قد دقَّ إسفين في مركب حزب الأمة القومي أحد أكبر أحزاب مركزية قوى الحرية والتغيير التحالف الحاكم السابق في السودان، فهل سيتجاوز الحزب هذه الأزمة التي هددت بمستقبل فترة حكم برمة ناصر، وهل سيطيح الشباب الرجل في وقت يعد فيه من، حكماء الساحة السياسية السودانية أم إن ما قاله الرجل إن قيادات الحزب على علم وموافقة بالخطوة سيشفع له ويتجاوز هذا المطب؟. علم الحزب: وكشف رئيس حزب الأمة المُكلف اللواء فضل الله برمة ناصر ل(اليوم التالي) أن تحركاته في الوساطة حتى توقيع الإعلان السياسي تمت بتفويض من مؤسسات الحزب، وقال برمة في حوار يُنشر بالداخل: "كنت أمثل حزب الأمة القومي في هذه الوساطة، نحن مجرد ما حصل الانقلاب أصدرنا بياناً، اجتمعنا كقيادات للحزب في المجلس التنسيقي وناقشنا كيفية التصدي للانقلاب"، وأوضح أنه تم تكوين لجنة لدراسة الأمر وإعداد رؤية للتحرك وفقاً لوسائل علمية أعدت لها الدراسة بالفعل، وقال: "نحن اجتمعنا وتحركنا وفق رؤية وكونا لجنة سداسية على أساس أن مجموعة منا تتحرك مع العسكريين ومجموعة تتحرك مع المدنيين السياسيين، وأنا تحركت مع القوى السياسية، وكنا كلنا نتحرك هنا وهنا وكونا لجنة للاتصالات، وأكد برمة موافقة نائب رئيس الحزب مريم الصادق المهدي على الإعلان السياسي وقال: "مريم لم تكن رافضة الإعلان السياسي، لكن أريد أن أقول لك، هناك أشخاص كثر عندهم وجهة نظر مختلفة في الحزب، وحرية الرأي مكفولة للجميع حتى الشباب، لكن الرأي النهائي هو رأي المؤسسة". وأقرّ برمة بخطأ مجموعة الإعلان السياسي بشأن عدم تنويرها لأحزاب قوى الحرية والتغيير بالإعلان السياسي، خاصة أن ما تضمنه الإعلان يمثل مطالبها. وأعرب رئيس حزب الأمة المكلف عدم انزعاجه من أصوات شباب الحزب المُطالبة بإقالته وقال: "نحن حزب ديمقراطي، أي شخص فيه يعبر عن آرائه وأنا شخصياً غير منزعج لآراء شباب الحزب هذا حماس الشباب وهذه هي الممارسة الديمقراطية". حديث مناوي: وكان رئيس حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي قال إن حزب الأمة الذي يعارض الإعلان السياسي كان جزءاً من صياغة الإعلان الذي تم التوقيع عليه من قبل القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبدالفتاح البرهان ورئيس الوزراء الانتقالي الدكتور عبدالله حمدوك. وقال مناوي لقناة الحدث (إن ما ورد في بيان حزب الأمة بشأن الاتفاق السياسي؛ هو مزايدة سياسية ليس إلا، وقد كانوا معنا لآخر لحظة ثم انسحبوا؛ على حد تعبيره؛ وأضاف: "لقد كنت شاهداً على أن حزب الأمة شارك بوضع بصماته على الاتفاق أكثر من غيره، ولا أعلم لماذا يعترض عليه)، تلك التصريحات تسند الأدلة التي تخصم من رصيد الأمة القومي وتتهمه بعدم الثبات على الموقف ويقول المحلل السياسي الصديق الشريف إن حزب الأمة من الأحزاب الغريبة وهو موجود داخل أي كتلة حاكمة كانت أو معارضة وأن مسيرة قائده المرحوم الصادق المهدي حافلة بتلك التناقضات حتى أصبحت أحد أساليب الحزب الذي يستخدمها في الحزب في ممارسة سياسته مشيراً إلى أن مشاركة حزب الأمة في إعداد مسودة الإعلان السياسي اعترف بها القيادي فضل الله برمة ناصر الذي أكد أنهم من (هندسوا الإعلان ) ورغماً عن ذلك انتقد بيان الحزب ونبه الشريف إلى أن حزب الأمة يجيد الانسحاب والإقدام في الزمن بدل الضائع موضحاً أن الحزب في طريقه للخروج من جلباب أسرة المهدي بعد وفاة الصادق المهدي ويجب أن يهتم الحزب بأن تكون له مواقف ثابتة خاصاً وأنه من الأحزاب التاريخية وله شعبية واسعة وسط الأنصار ومن الأحزاب المؤهلة لحكم السودان عن طريق الانتخابات ولكن ينقصه البرنامج والمواقف الواضحة وقال الشريف إن (حزب الأمة بصورته الراهنة لا يمكن أن يرجح أي كفة ولا أن يكون له تاثير في الأوضاع السياسية في السودان لكون السياسة التي يمارسها بالتسلل وسط الأحزاب والمجموعات للفوز بالمكاسب) واعتبرها طريقة لا تليق بحزب كان له تأثيره في استقلال السودان ومواجهة الاستعمار. المحافظة على الاستقلال وقال د. السر محمد علي أستاذ الشؤون السياسية، إن حزب الأمة من الأحزاب الكبيرة في الساحة السياسية السودانية وأن أي خطوة تأتي من قبله يجب أن تكون ذات أثر واضح في مجريات الراهن السياسي الذي افتقد للحكماء إلا من أمثال برمة ناصر وغيره من قيادات الأحزاب الذي لم نسمع لهم صوتاً خلال هذه الفترة المليئة بالتحديات والمطبات. وأكد السر ل(اليوم التالي) أن الأزمة الأخيرة التي طويت باتفاق شارك فيه حزب الأمة تعد من أصعب الفترات التي مرت على الشعب السوداني لجهة أن الثورة الشبابية التي عصفت بنظام المعزول البشير لم تترك هناك ثوابت في الساحة اليوم وقد بدأت الإشارات السالبة تعد بمثابة المهدد لأي تقارب بين القوى السياسية، وأنه يحمد لحزب الأمة مشاركته بجدية في الاتفاق الذي أُبرم وجنَّب الوطن مآلات الخراب الذي لحق بدول جارة. وطالب بأن يستمع شباب الأحزاب لصوت العقل منادياً بضرورة احترام الرأي والرأي الآخر مشيراً إلى أن حزب الأمة يجب أن يكون هذا هو حذوه لأن التاريخ لم يرحمه إذا فرط في وحدة وسلامة البلاد باعتبار أنه حزب تاريخي كبير وساهم في استقلال البلاد وعليه تبعاً لذلك المحافظة على هذا الاستقلال. اليوم التالي