مليونية الخامس والعشرين من ديسمبر لم تثبت تزايد أعداد المتظاهرين ولا أن الثورة مازالت فى أوج عنفوانها فحسب، بل حمل تاريخها العديد من الرسائل والمضامين التي تمثلت فى عزم الثوار وجسارتهم وإصرارهم الكبير فى دعوتهم إلى دولة مدنية كاملة، على الرغم من أن السلطات الأمنية واجهتهم بآلة قمعية عنيفة وأعداد وحشود هائلة لا مثيل لها. (1) والشاهد أن الاستعدادات الكبيرة التي واجهت بها السلطات حراك الخامس والعشرين من ديسمبر هي الأولى منذ سقوط النظام البائد في أبريل (2019)م، الأمر الذي يعيد المشهد إلى حقبة النظام البائد من جديد وخاصةً أن القمع الذي واجهه (2) كما أن السلطة القائمة حالياً طورت آلية القمع أكثر حيث كانت أساليبها في مواجهة التظاهرات مختلفة هذه المرة ، ففي مواكب الخامس والعشرين من أكتوبر ظهرت أساليب جديدة من القمع بخلاف استخدام الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع والمياه الملوثة التي يشتبه بأنها مياه الصرف الصحي ، حيث تم قطع الإنترنت وخدمات المكالمات ، ولأول مرة استخدمت السلطات الأمنية أسلوب ( الثوار) في التتريس، وتم استخدام ( الحاويات ) لأول مرة لإغلاق الطرق والكباري فكانت في كبري المك نمر كحاجز كبير أعاق مرور موكب بحري إلى الخرطوم ، بالإضافة إلى ظهور المدرعات والكتل الأسمنتية في كباري أم درمان والمنشية. (3) من جانبه كشف تجمع المهنيين السودانيين عن ممارسات (للسلطات الانقلابية) استبقت مواكب أمس الأول مشيراً لتحويل الشوارع إلى ثكنات عسكرية، ونشر السيارات الرباعية الدفع ( التاتشرات) في الشوارع والقوات المدججة بالسلاح وإغلاق الجسور والاعتقالات والمداهمات لمنازل الثائرات والثوار من أعضاء لجان المقاومة والأجسام النقابية والثورية وقطع خدمة الإنترنت والاتصالات بالبلاد لعزل السودان من العالم والتغطية على مجازره وانتهاكاته. (4) بينما أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية، بأنها رصدت (178) إصابة في مليونية 25 ديسمبر التي خرجت يوم السبت في الخرطوم ومدن أخرى. كما تناقلت المواقع ووسائل التواصل الاجتماعي التعزيزات العسكرية والحشود الكبيرة جداً للقوات النظامية المختلفة بما فيها المليشيات، ناشطون سياسيون كتبوا على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) و(تويتر) مجمعين على أن تلك الحشود العسكرية والأمنية كانت للحيلولة دون وصول الثوار للمرة الثانية موضحين بأن ذلك الأمر فيه تحد كبير للسلطة التي قررت مواجهة الحشود بالعنف حتى لايتكرر فشلها للمرة الثانية ،ولكن رغم ذلك كسر الثوار الطوق الأمني والعسكري ونجحوا في الوصول للقصر مرة ثانية بعد كر وفر طويل. (5) وكانت حكومة ولاية الخرطوم قررت إغلاق الجسور في العاصمة اعتباراً من مساء الجمعة، التي استبقت تظاهرات السبت واستثنت جسري الحلفايا وسوبا، وصدر القرار عن لجنة تنسيق شؤون أمن ولاية الخرطوم . وقالت اللجنة إن (الخروج عن السلمية والاقتراب والمساس بالمواقع السيادية والاستراتيجية بوسط الخرطوم مخالف للقوانين وسيتم التعامل مع الفوضى والتجاوزات مع التأكيد على حق التظاهر السلمي). نقلاً عن الإنتباهة