رشحت بعض المعلومات عن المبادرة السعودية التي تحدث عنها وزير الخارجية السعودي في اتصاله بداية هذا الإسبوع برئيس السلطة الإنقلابية عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك والتي ابدى فيها رغبة المملكة العربية السعودية في التوسط لتقريب وجهات النظر بين المدنيين والعسكريين. رشح بإن المبادرة تتضمن مقترحا برحيل البرهان عن المشهد وتوفير ملاذ آمن له ولإسرته بالمملكة العربية السعودية، وهو نفس العرض الذي رفضه المخلوع البشير قبيل سقوط نظامه المقبور في أبريل 2019. إن صحت هذه التسريبات فإن رحيل البرهان ورغما عن سقف المطالب العالية للشارع الثائر، سيشكل بداية مناسبة لحل حالة الإختناق وإنسداد الأفق السياسي التي أفرزها الإنقلاب المشروم في الخامس والعشرين من أكتوبر من العام الماضي، الذي أزهق اثنتان وخمسين روحا من خيرة شباب هذا الوطن دون ذنب سوى مطالبتهم بعودة المسار الإنتقالي وتسليم السلطة للمدنيين، كما تم تعطيل كافة مناحي الحياة وتوقف الإنتاج تماما وتفاقمت احداث القتل والتشريد في غرب دارفور وفي معسكرات النازحين بشمال دارفور نتيجة التفلتات الامنية التى تسببت فيها السلطة الإنقلابية ممثلة في المكون العسكري بمجلس السيادة بمماطلته في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية التي وردت ضمن البنود العاجلة في سلام جوبا، وغيرها من الإخفاقات الأخرى التى تسببوا فيها عن قصد تمهدا لإنقلابهم على السلطة الإنتقالية والأنفراد بها بزريعة ضبط وحفظ الأمن في البلاد. فوجود البرهان في اي موقع من سلطات الفترة الأنتقالية اصبح امرغير مرغوب فيه، فالرجل قد عافه الشعب تماما شبابه، كنداكاته وقواه السياسية والمدنية، عافوه لنكوصه عن العهود والمواثيق، فقد تعهد بحماية اعتصام القيادة فغدر بالمعتصمين العزل صبيحة يوم عيد الفطر، تعهد بتفكيك وتصفية خلايا وعناصر حزب المؤتمر الوطني داخل القوات المسلحة ولم يفي بوعدخ، وتعهد بحماية الإنتقال وانقلب عليه لينفرد بالسلطة وحده تحقيقا لحلم أبيه. لذلك من العسير جدا أن يثق فيه احد حتى داخل المنظومة الأمنية التى عمل على اضعافها بدعمه وانحيازه الواضح لقوات الدعم السريع وقائدها لارتباطها بمصالح اقتصاديه ولتورطهما في جرائم الحرب والإبادة الجماعية في دارفور وجبال النوبة وجريمة فض الاعتصام وقتل المتظاهرين بعد انتصار ثورة ديسمبر المجيدة في ابريل 2019. رحيله ربما يفتح افقا للحوار بين مكونات الثورة والقوات المسلحة حول عملية ترتيب تسليم السلطة كاملة للمدنيين وكذلك يحقق المطلب العاجل بإعادة هيكلة القوات المسلحة وتطهيرها من العناصر المؤدلجة التى تتبع لحزب المؤتمر الوطني المحلول، وكذلك الاهتمام بتدريبها وتطويرها كمؤسسة سيادية حامية للشعب وثورته وللدستور، والعمل على إبعادها تماما عن العمل السياسي لتقوم بدورها الوطني بعيد عن التقاطعات السياسية ولتحافظ على قوميتها المنصوص عليها في الدستور. من المتوقع أن تدعم الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول الترويكا والإتحاد الأفريقي هذا الإتجاه حال طرحه رسميا في المبادرة السعودية المتوقعة، لأن الجميع بات مقتنعا بأن البرهان لم يعد مرغوبا فيه وأصبح يشكل عقبة في مسار الإنتقال والتحول الديمقراطي، بل ربما يؤدى وجوده في السلطة إلي تشطي وإنهيار الدولة السودانية والذي سيشكل تهديدا كبيرا للأمن والسلم في دول الإقليم والعالم. الديمقراطي