الجنوبيون يرتكبون الفظائع على الأرض ويتباكون في الأسافير    الملاعب.. والمتاعب السودانية..!!    أبو لولو والورفلي    إعلامية كتبت يوم سقوط الفاشر: (يوم حزين، الفاشر وبرشلونة)    في كم واحد مبسوط من البعملوهو زي السفاح أبو لولو؟    سقوط السودان بيعني تساقط دول كثيرة بعده، زي قطع الضمنة: domino effect    ليفربول يواصل الترنح بخسارة جديدة في كأس الرابطة الإنجليزية    شاهد بالفيديو.. وصفت نفسها بأنها "ترند مصر الأول".. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تحيي حفل زواج مصري وتغني وترقص على طريقة راقصات مصر    بيان حول الدعوة للمشاركة في ورشة نيون – سويسرا    الرئيس التنفيذي لإكسبو 2030 الرياض: دعوة 197 دولة للمشاركة وتوقعات باستقبال 42 مليون زائر    صفقات بملايين الدولارات.. كيف أصبحت الإمارات بوابة ترامب الجديدة لتوسيع نفوذه؟    وزير الطاقة يتلقى خطاب تهنئة من نظيره الاذربيجاني    شاهد بالفيديو.. اعتدى عليه أثناء تصوير مقطع بالفاشر.. الناشط بالدعم السريع "شيخ بدران" يهرب ويجري من "جمل" غاضب والجمهور ينفجر بالضحكات: (تخاف من جمل طيب لو جاتك مسيرة تعمل شنو؟)    نادي ساردية شندي يوزع المعدات الرياضية    الرابطة نوري بطلاً لكأس السودان المحلي كريمة مروي    والي الجزيرة يعلن تدريب المستنفرين على الأسلحة الثقيلة    فينيسيوس يطلب الصفح من جماهير ريال مدريد    كامل إدريس يؤكد الإهتمام بدعم وتطوير القطاع الزراعي    السودان يحذر من خطر نشر الميليشيا الفوضى في الإقليم بشكل واسع وتنسيقها مع حركات سالبه    محمد حامد جمعة نوار يكتب: خطأ مميت    مباحثات"سودانية مصرية" وتأمين على هدف    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    السلطات الصحية في الخرطوم تزفّ خبر حزين    حسين خوجلي يكتب: الفاشر والسياب جدلية الجسد والوطن    شاهد بالصورة والفيديو.. من داخل الطائرة.. "بقال" يغادر تشاد في طريقه إلى تركيا ويؤكد اقتراب عودته للخرطوم وبورتسودان    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تستعيد ذكرياتها مع زوجها بلقطات رومانسية (معًا على الدرب، نمضي قدمًا نحو الأفضل)    "جاء الوقت الذي أضع فيه عائلتي في المقام الأول".. فنانة سودانية معروفة تفاجئ جمهورها وتعلن إعتزالها الفن وتقرر الهجرة لفرنسا بصورة نهائية    إليسا تحتفل بعيد ميلادها في لبنان بحضور نجوم الفن    نقل 218 جثمان من مواقع متفرقة بقشلاق الشرطة بمنطقة ابو سعد جنوبي امدرمان وإعادة دفنها وفقاً للإجراءات القانونية    4.5 مليون فرنك مكافأة لكل نادٍ رواندي بسبب مشاركة الأندية السودانية في الدوري    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    وزير الداخلية يشيد بقوات مكافحة التهريب بقوات الجمارك لضبطها عدد 586 كيلو جرام من مخدر الأيس    مسؤول أممي: التدّخل في شؤون السودان يقوّض آفاق السلام    ترامب: أحب إيقاف الحروب    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تربط جميع مكاتبها داخل السودان بشبكة الألياف الضوئية لتسهيل إستخراج الفيش    تطوّرات بشأن"مدينة الإنتاج الحيواني" في السودان    ستيلا قايتانو.. تجربة قصصية تعيد تركيب الحرب في السودان    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    أمين تجار محاصيل القضارف : طالبنا الدولة بضرورة التدخل لمعالجة "كساد" الذرة    والي النيل الأبيض يدشن كهرباء مشروع الفاشوشية الزراعي بمحلية قلي    السودان يعلن عن اتّفاق مع روسيا    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    علي الخضر يكتب: نظرة الى اتفاق الصخيرات .. لماذا تسعى الإمارات لتخريب مبادرة الرباعية ؟    معلومات مهمّة لمسؤول سكك حديد السودان    ترامب: نهاية حماس ستكون وحشية إن لم تفعل الصواب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    بدء عمليات حصاد السمسم بالقضارف وسط تفاؤل كبير من المزارعين    ترامب يتوعد: سنقضي على حماس إن انتهكت اتفاق غزة    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط عدد( 74) جوال نحاس بعطبرة وتوقف المتورطين    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة هيكلة الجيش أم الدولة؟ (1-10)
نشر في الراكوبة يوم 04 - 01 - 2022

مسألة إعادة هيكلة القطاع الأمني في السودان على رأسه الجيش السوداني – القوات المسلحة الرسمية السودانية – وإخراجه من العملية السياسية أصبحت الشغل الشاغل لكل المعنيين والمهتمين بالعملية السياسية في السودان ، بدءا من القوى السياسية السودانية ، المجتمع المدني ، وكل المهتمين بنشر وإرساء ثقافة الديمقراطية وإحترام وحماية وصون حقوق الإنسان وإحقاق السلام وبناءه على كافة المستويات ، المحلية والإقليمية والدولية.
إلا أنه يظهر – بقصد أو غيره – أن الغالبية من هذه الجهات بينها قيادات الرأي العام السوداني تحديدا عادة ما تتجاوز المدخل السليم لحل الأزمة السودانية – وهو تحديد طبيعة المشكل ، لتقفز هذه القوى مباشرة على طرح حلول إستنادا على تصورات هي الأخرى تساهم بطريقة ما في خلق تشويش وتغبيش وتعارض وإرباك يقدم بدوره دوافع مجانية للممانعين المستفيدين من هذه الوضعية المختلة ، وبالتالي هدر الدماء والأرواح والوقت والموارد، وتعطيل عملية بناء دولة مستقرة في السودان تؤسس على القيم التي ظلت ترددها قوى المقاومة والثورة السودانية المختلفة منها على سبيل المثال لا الحصر "حرية سلام و عدالة" التي مثلت أعلى سلم شعارات حراك ديسمبر 2018م – 2022م (المستمر) .
وبالنظر إلى أن الجيش الحكومي الرسمي في السودان قد لعب دورا رئيسيا في تأخير عملية بناء الدولة في السودان من خلال تعطيل العملية السياسية والسيطرة على السلطة لأكثر من خمسين عاما ، إلا أن القوى السياسية السودانية مجتمعة وبإعتبارها الجهة المعنية بقيادة عملية بلورة رؤية سياسية شاملة ترقى لأن تكون حجر أساس لبناء دولة مستقرة في السودان ، يتضح أنها هي الأخرى تتفادى معالجة الأزمة السياسية وذلك من خلال تجنبها لمناقشة وتداول وطرح طبيعة المشكل السوداني قبل الحديث عن أي حلول.
تحديد المشكل السوداني والاتفاق عليه من جميع القوى السياسية هو المدخل السليم لمعالجة حالة الإختلال التي تبرر للجيش والمستفيدين سياسيا منه – محليا وإقليميا – ليس التدخل في السياسية وحسب ، وإنما خلق أزمات ومليشيات وعصابات تسيطر على جميع مناحي الحياة – بما ذلك الاقتصاد وإبتكار إقتصادات الحروب والتهريب والممنوعات والإتجار بالبشر والإنخراط في الإجرام الدولي – ومن ثم إدارة الدولة بعقلية السمسرة باعتبارها صنعة من لا صنعة له ، بحيث تبيح القيام بكل شئ دون أي وازع أو رادع بسبب الحصانات التي توفرها هذه المؤسسات العسكرية.
هروب القوى السياسية من تشخيص المشكل السوداني وإنتهاجها التجهيل كأداة لكسب الوقت أملا في خلق واقع منفصل عن تاريخ وأصل المشكل السوداني ، من خلال ممارسات الدولة الجائرة بحق مجموعات كبيرة من السودانيين طوال القرنين الماضيين والتقليل من نضالات المتضررين من بطش الدولة، والصمت عن تنفيذ مشروع تقسيم سودان (1821م – 2011م) بدواعي عنصرية بحتة ، لهو في حد ذاته توافق سياسي كبير بين هذه القوى من جهة ، والجيش كأداة في تنفيذ هذا المشروع.
ذلك أن القوى السياسية في الخرطوم ترى أن في السلام والاستقرار مهددا لها ولمجموعات إجتماعية تنتسب إليها وتعتقد أن الجيش حاميها من غبن تاريخي متوهم، دون أدنى مراعاة لسيول النازحين السودانيين إلى الخرطوم وإستظلالهم الأشلاع والطرقات لعقود من الزمان، ناهيك عن ممارسات هذا الجيش الحكومي في المناطق التي يقود فيها حروبا ضد مواطنون سودانيون ويتحكم فيها عبر ضباط حديثين بسلطات مطلقة – يكتبون الموت والحياة وقتما شاؤوا ولمن أرادوا ذلك – وفقا لقانون الطوارئ الذي ظل يحكم هذه المناطق لما يزيد عن قرن من الزمان.
ويتجلى التوافق ما بين قوى الخرطوم السياسية والجيش في موقف هذه القوى الثابت تجاه الجيش رغم تكرار بعضها أن هناك أكثر من خمسة ملايين سوداني قتلوا في حرب الجيش السوداني ضد المواطنين في مناطق متفرقة بالسودان.
أيضا ، وبالرغم من تبني هذه القوى لبعض المبادرات في جوانب مختلفة ، وإنطلاقا من حقيقة أن القوى السياسية تسيطر بطريقة أو بأخرى على عمل قوى المجتمع المدني أو تتخللها بعناصر يدعمون توجهاتها، لم يذكر في تاريخ هذه القوى على مختلف مسمياتها وكذلك المؤسسات الإعلامية والصحفية – بينها تلك المملوكة لقوى سياسية معينة – أن قدمت أي بينات حقيقية أو معلومات تكشف عن ممارسات الجيش السوداني طوال تاريخ حربه المقترنة بعمر إعلان إستقلال السودان في الأول من ينائر 1956م أو قبله بقليل.
تدرك جميع هذه القوى حقيقة أن الجيش السوداني يمارس أبشع جرائم القتل والتنكيل وحرق القرى وتهجير الأّهالي وفق نظريته المعلنة "تجفيف منابع التمرد"، وكذلك مسح القرى والبلدات بغرض التنقيب عن النفط والمعادن ، وكذلك السيطرة على الأرض لأجل إحداث تغيير خارطة سكان هذه المناطق وإستعبادهم بواسطة مليشياته بل وإستبدالهم بآخرين خدمة لتوجه الدولة العروبي ، وهو التوجه الذي يمثل المشروع السياسي لمعظم هذه القوى، سواء أن أخفي بغطاء ديني أو أي مشروع آيديولوجي مستجلب ليس له أي علاقة فلسفية بواقع السودان.
وفيما كانت لحظة إزاحة البشير عن السلطة في أبريل 2019م سانحة عظيمة يمكن إستغلالها من قبل قوى الخرطوم لإجبار الجيش على الإعتراف بأخطاءه وجرائمه ومن ثم تقديم إعتذار للشعوب السودانية وإرغامه على الإبتعاد بصورة نهائية عن السياسة وعدم عودته إليها مرة أخرى، إلا أن ذات القوى قد حرصت على أن يكون الجيش جزءا من المعادلة السياسية معللة ذلك بظروف أمنية تمر بها البلاد في إشارة منهم إلى النضال المسلح أو ما يعرف في الخرطوم "بالتمرد" – رغم إن معظم هذه القوى ظلت تدعي أنها حليفة لما يعرف بالتمرد وتوقع معه المذكرات والإتفاقات السياسية طوال فترة حكم البشير – وهذا ما يجعل قوى الخرطوم والجيش معا على أنهم جزء من المشكل السوداني.
توافق قوى الخرطوم السياسية مع الجيش أعاق فرصة إستماع هذه القوى لأطروحات ظلت تقدمها قوى مقاومة أو قوى ثورية سابقة أو حالية تثير قضايا جوهرية يمثل مجموعها أصل الصراع في السودان – مثل قضايا الهوية ونظام الحكم والعلمانية والحرب والسلام والتعريب والأسلمة القسرية وغيرها من اساسيات الصراع في السودان – وذلك لأن القوى السياسية ظلت تنظر إلى هذه الأطروحات لكونها رؤى غريبة ومتمردة كما يفعل الجيش وبالتالي يتوجب ضرورة محاربتها وحسمها عسكرياً.
في حال أن الجيش ظل طوال هذا التاريخ هو الأقرب لمجموعات الثورة والمقاومة المسلحة – التي يقاتلها – لأسباب عسكرية في أحايين كثيرة جدا وأخرى سياسية في بعض الأحيان كما حدث ويحدث في التسويات الجزئية التي يعقدها الجيش مع بعض قوات المقاومة المسلحة من وقت لآخر لإعترافه بها بدرجة ثانوثة، وبغرض إستغلالها بالدرجة الأولى ضد قوى المقاومة العصية عليه من جانب وتعضيد مواقفه السياسية في الداخل من جانب آخر وهو ما كان واضحا في إعتصام القصر 16 أكتوبر 2021م توطئة لإنقلابه الأخير على الحكومة الإنتقالية في الخامس والعشرين من ذات الشهر.
المدخل السليم لحل الأزمة السودانية يجب أن يكون من خلال الحديث عن إعادة هيكلة الدولة وبالتالي البدء من صفحات غير محبرة البتة، وتحديد المشكل السوداني وتشخيصه والإعتراف به وبكل قوى المقاومة والثورة السودانية بعيدا عن محاولة إحتكار الحق او الفعل السياسي، وإعتبار كل ما هو مطروح جزء من المشكل السوداني بما في ذلك إعادة هيكلة الجيش الرسمي وبناء جيش موحد بدلا من الإصرار على حلول تعجز عن إستيعاب كامل المشكل ، وبغض النظر عمن يطرح هذه القضايا ، منفردة كانت أم مجتمعة، لأن الدولة التي يمثلها الجيش ويأتمر بإمرتها في البطش ضد مواطنين هي نفسها لا تجد الإعتراف لديهم ناهيك عن هذا الجيش الذي سنفرد له مساحات منفصلة في هذه السلسلة.
بشاعة جرائم الجيش السوداني الحكومي التي لم تتوقف يوما ضد السودانيين ظلت بعيدة عن الأنظار لعقود عدة ليست بسبب غياب التكنولوجيا كما يروج البعض ، وإنما بسبب الغطاء السياسي الذي توفره القوى السياسية – حكومات ومعارضات – وقوى المجتمع الأخرى إلى أن تكشفت عورته بقتل الشباب الأعزل على جدر وداخل رئاسات قيادة الجيش نفسه في العاصمة السودانية الخرطوم وغيرها في مجازر فض الإعتصامات الشهيرة بتاريخ 3 يونيو 2019م ، ومع ذلك لا نزال نسمع من هذه القوى السياسية من يقول أن بالجيش شرفاء ، فيما يجرم المليشيات الأخرى التي من صنع ذات الجيش، وهو ما يجعل إسهام هذه القوى والجيش معا في المشكل السوداني على حد سواء إن لم يكن بأكثر.
يتواصل ..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.