في وقت دخلت فيه لجان المقاومة التي تقود التصعيد الثوري في الشارع ضد السلطة الانقلابية، فعلياً في تدشين جداولها للحراك الثوري الخاص بشهر يناير، والذي شهد قمعاً عنيفاً من قبل السلطات الأمنية في يوم ال2 وال4 وال6 من يناير، وأحصت اللجنة المركزية لأطباء السودان تساقط عدد من الشهداء، فضلاً عن مئات المصابين، وكذلك أوضحت قوات الشرطة عبر بيانٍ رسمي بأن عدد من أفرادها تعرضوا أيضاً لإصابات متفاوتة، يشهد السودان حالة من انسداد الأفق السياسي من خلال تمترس جميع الأطراف في مواقفها، سواء الرافضون لاستمرار السلطة الحالية، أو المؤيدون لها، وهو ذات الأمر الذي يدفع الآن المجتمع الدولي والأممالمتحدة على وجه التحديد للدخول في أتون الأزمة لإحداث اختراق حقيقي في المشهد السوداني المتحجر في خانة المواقف الواحدة والمتشددة. دخول الأممالمتحدة
بمجرد فراغ لجان المقاومة من تدشين أول مليونية رسمية في جدول يناير في يومه السادس والتي شهدت أحداث عنف استثنائية، قررت لجان مقاومة أمدرمان العزم على تسيير مليونية لهذا اليوم التاسع من يناير، رداً على الانتهاكات واستمرار سقوط الضحايا من قبل السلطات الأمنية، وكذلك ارتفعت الدعاوي هنا وهناك بضرورة الدخول في عصيان مدني شامل ، بالمقابل رفعت الأممالمتحدة عقيرتها للدخول بقوة في المشهد السوداني بديلاً عن بيانات الشجب ولفت الانتباه، حيث أطلقت الأممالمتحدة، أمس السبت، رسميا عملية سياسية بين الأطراف السودانية للوصول إلى اتفاق لحل الأزمة السياسية الجارية في البلاد، والمضي قدما نحو الديمقراطية والسلام. وقال المبعوث الأممي إلى السودان، فولكر بيرتس، في بيان: "لقد حان الوقت لإنهاء العنف والدخول في عملية بناءة وستكون العملية شاملة للجميع وستتم دعوة كافة أصحاب المصلحة الرئيسيين من المدنيين والعسكريين بما في ذلك الحركات المسلحة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني والمجموعات النسائية ولجان المقاومة". وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان، تلقى اتصالا هاتفيا من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تم خلاله التأكيد على التزام المنظمة الدولية بدعم الفترة الانتقالية في السودان حتى الوصول للانتخابات. وبحسب الأخبار الواردة من منصات إعلامية رسمية، اطلع رئيس مجلس السيادة، خلال الاتصال الهاتفي، الأمين العام للأمم المتحدة على تطورات الأوضاع في السودان والجهود التي يبذلها شركاء المرحلة الانتقالية من أجل العبور بعملية الانتقال نحو التحول الديمقراطي والحكم الرشيد. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة خلال الاتصال اهتمام المنظمة الدولية باستقرار الفترة الانتقالية وتشجيع الحوار بين كافة الأطراف السودانية، لضمان الانتقال السلس الذي يفضي لإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحقق تطلعات وآمال الشعب السوداني. وأضاف البيان "ستبقى الأممالمتحدة ملتزمة بدعم تحقيق تطلعات الشعب السوداني إلى الحرية والسلام والعدالة".
أصحاب المصلحة
وعلى الرغم من أن بيان الأممالمتحدة أشار بوضوح لضرورة دخول أصحاب المصلحة الحقيقية من التغيير في الحوار السوداني، إلا أن مراقبون يرون أن أية آفاق للحل لابد أن تمر عبر قنوات لجان المقاومة لأنها هي التي تُسيطر على الشارع وهي التي تقود التصعيد الثوري، وأنها هي التكتلات الشبابية التي أنجزت ثورة ديسمبر وهي صاحبة المصلحة الأولى من تحقيق غايات ثورتها، ودونها لن يتم أية استقرار ولن يشهد السودان تحولاً مدنياً ديمقراطياً حقيقياً. وتتمسك لجان المقاومة بشعاراتها الثلاث لا تفاوض لا حوار ولا شرعية، وترى أن الحل يكمن في ذهاب المجلس العسكري الانتقالي وتسليم السلطة للمدنيين، وبالمقابل ينضم لهذه الرؤية التي تطرحها لجان المقاومة عدد كبير من الأجسام المهنية ومنظمات المجتمع المدني والأجسام المطلبية، فضلاً عن أن غالبية أحزاب الحرية والتغيير المجلس المركزي، ترفض أيضا وجود قيادات المؤسسة العسكرية الحالية في هياكل السلطة الانتقالية وتحملهم وزر الانقلاب ولا ترى أن إعادة الثقة في الشراكة أمراً وارداً الآن، خصوصاً مع استمرار القمع الذي شهدته المظاهرات الرافضة للانقلاب، وبحسب (السوداني) و في أول تعليق لها، حول الدعوة إلى عملية سياسية بين الأطراف السودانية؛ التي أطلقها فولكر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، قالت لجان المقاومة بمدينة الخرطوم ل(السوداني): "إلى الآن لم نتخذ قراراً بأن نكون جُزءاً من هذه المبادرة والمشاركة فيها". وأوضح المتحدث الرسمي باسم لجان المقاومة لمدينة الخرطوم، المهندس عثمان أحمد، أن دعوة فولكر لم تُقدّم للجان المقاومة بصورة رسمية، وأنهم طالعوها عبر الميديا. وأضاف: "نحن جسم أفقي قاعدي؛ وإلى الآن لم نتخذ قراراً لنكون جُزءاً من هذه المُبادرة والمُشاركة فيها، وفي حالة التوصُّل إلى قرار سيتم إعلانه عبر الصفحات الرسمية للجان المُقاومة وعبر المُتحدِّثين المعروفين. ويرى مراقبون بأن رؤية الأممالمتحدة يمكن أن تساهم في حل حقيقي، في حال اتفقت المكونات المدنية فيما بينها على رؤية سياسية واحدة، ولكن عملياً هذا الأمر غير ممكن الآن، بحسبان أن هناك عدد كبير من التكتلات السياسية والحركات المسلحة لا ترى أن الذي قام به القائد العام للجيش انقلاباً، بل هي أعلنت تأييدها لهذه الإجراءات وترى أن تسير بقية الفترة الانتقالية دون استصحاب أحزاب الحرية والتغيير المجلس المركزي، وفي ذات الوقت لا تمانع من دخول لجان المقاومة في المعادلة السياسية، بيد أن لجان المقاومة لها رأى واضح وصريح في المكون العسكري وحلفائه من الحركات والواجهات السياسية الأخرى. &&& ♫♫♫&&& كواليس (راندوك) شباب "المقاومة" يُجبر السلطات على إحكام الإغلاق الشامل للخرطوم !! شهدت أجواء ما قبل المليونية الأخيرة في السادس من يناير، ظهور بيانات لعدد من لجان ولاية الخرطوم بلغة "الراندوك" التي كانت تظهر في أحايين متفرقة في بيانات تجمع المهنيين السودانيين خلال فترات الحراك الثوري ضد نظام المخلوع البشير، لكن هذه المرة ظهرت في بيانات الدعوة للتظاهر ورسم خارطة مساراتها عند لجان المقاومة، في وقت باتت المليونيات التي تدعو لها لجان المقاومة والتي تتخذ من القصر الرئاسي وجهة نهائية لها، باتت تشهد قمعاً مفرطاً، يسبقها مزيد من إجراءات أمنية مشددة مثل إغلاق الكباري ب(الحاويات)، وإغلاق الطرق الرئيسية المؤدية للقصر الجمهوري، وانتشار القوات الأمنية في عدد من نقاط الارتكاز. لكن يُلاحظ أن بيانات (الراندوك) هذه المرة، وبحسب نشطاء، أعطت انطباعاً مُغايراً عن المعتاد الذي اعتادت عليه السلطات الأمنية، حيث حملت البيانات إشارات متعمدة بأن لجان المقاومة ربما تكون أرادت أن تُخفي خطتها الميدانية على القوات الأمنية، وقررت المباغتة تجنباً للقبضة الأمنية، ومن هذا الافتراض فسر كثير من المراقبون لحراك السادس من يناير، بأن السلطات وبناءاً على هاجس الحذر الذي تنامى بفعل تلك اللغة، لغة (الراندوك) غير المفهومة لكثير من قيادات القوات الأمنية، بأن السلطات لجأت إلى تكثيف الإجراءات الأمنية عبر إحكام الإغلاق الشامل للكباري والطرق الرئيسية وزيادة الانتشار الأمني، فضلاً عن اللجوء لإفراغ العاصمة القومية من المارة وإغلاق كافة المحلات التجارية ، وتنشيط عمليات التفتيش في الشوارع وملاحقة القيادات الميدانية البارزة في حراك لجان المقاومة من وقتٍ مبكر وبحسب أخبار الصفحات الرسمية للجان مقاومة الخرطوم. وتزامنت هذه الإجراءات المشددة مع تنامي الدعوات من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي التي ظلت تدعو اللجان الميدانية لتغيير خطة الحراك الثوري التي أضحت مكشوفة للسلطات الأمنية، وهو ذات الأمر الذي جعل من الصعب جداً وصول الثوار إلى محيط القصر خلال آخر مليونيتين سيرتها لجان المقاومة، وهو ذات الأمر الذي جعل من لغة (الراندوك) بوصلة اضطرارية أجبرت السلطات الأمنية للتحوط على أوسع نطاق للحيلولة من أية عناصر للمباغتة خلال الحراك الثوري الذي تقوده لجان المقاومة. &&& ♫♫♫&&& همهمة الشارع تضجر المواطنيين من الإغلاق وليست التظاهرات !! ارتفع ضجر المواطنيين وسخطهم من الإجراءات الأمنية التي تتخذها السلطات لمنع وصول التظاهرات لمحيط القصر الجمهوري، من خلال إغلاق الكباري والمحلات التجارية وإفراغ العاصمة من حركة المواطنيين، بالمقابل لم ترصد (الجريدة) أية أصوات تصوب النقد للمتظاهرين ، خصوصاً بعد ظهور مقطع فيديو لمقابلة تلفزيونية من نائب رئيس مجلس السيادة يتحدث فيها عن أن إغلاق الكباري نتيجة لتجنب الزحام وهو ذات الأمر الذي حُظي باستهجان شديد من قبل المواطنين!!. &&& ♫♫♫&&& سؤال الملف كيف يكون هناك حلاً للأزمة السودانية دون أن يمر عبر "موافقة" لجان المقاومة ؟ &&& ♫♫♫&&& همس الكاميرا في كل (لستك) وميض نار يُضئ درب العاشقين للخلاص !! الجريدة