لم تزل لعنة الحرب ونزيف الدماء، يلاحقان دارفور وأهلها على الرغم من اتفاق سلام جوبا الذي بدا واضحا انه، لم يتعدى، سوى الحبر الذي كتب به. مواسم القتل في دارفور تتجدد في شهر العبادة، دون أن تنتهي حتى غدى الموت مرعبا ومخيفا. فالصراع داخل الاقليم المازوم ظل ومازال يعتبر اكبر مهددا للامن على مدى سنوات طويلة بدأت منذ العام 2003 دون أن تهدأ الا عقب اتفاق السلام في أكتوبر 2020، قبل ان تخيب الآمال ويتجدد الصراع ويتنوع بين المناطق والمحليات والولايات، على مدار أشهر العام، وسط تباطؤ حكومي تجاه القضية، فالجمعة الماضية اندلعت اشتباكات في مدينة كرينك غرب دارفور عقب نحو شهر ويزيد، من أحداث جبل مون التي قتل وجرح فيها العشرات، غير أن عدد الضحايا هذه المرة اتسع على مرائ ومسمع الجميع، ليتطور الأمر أمس الأحد ويسفر عن مقتل 168، بينهم 6 معلمين، ويصاب العشرات في أحدث عنف دامية. اتفاق مناصب روايات رسمية واخرى مختلفة حول احداث مدينة كرينك، تتباين فيما بينها، لكن يظل القاسم المشترك هو نزف الدماء الذي اريق، وفيما يعد الصراع داخل إقليم دارفور قبليا، الا ان السيناريوهات تتعدد وتتنوع، لكن رغم ذلك يغلب الطابع القبلي، وفق المتحدث الرسمي باسم المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين باقليم دارفور آدم رُجال ل "الراكوبة" الذي قال إن ما توالى من أحداث عقب الصراع القبلي كان يمكن السيطرة عليه، مؤكدا أن الوضع داخل الولاية كارثي مع توقعات باتساع رقعته على كامل الولاية. وشهدت مدينة كرينك هجمات متتالية على خلفية مقتل اثنين من الرعاة على أيدي مسلحين. وتلاحق الحكومة الانتقالية اتهامات بالضلوع في هذه الأحداث وبحسب رُجال فإن القوات الأمنية درجت حال اندلاع اشتباكات الانسحاب والنظر إلى المواطنين دون أدنى تدخل منها، وتابع: ما يحدث في الاقليم اثبت أن السلام الذي تم توقيعه انه اتفاق مناصب لايمت لأهل الاقليم ومعاناتهم بصلة واليوم كلف مجلس الأمن والدفاع خلال جلسته الطارئة وفداً سيادياً للوقوف على الأحداث بولاية غرب دارفور وتهدئه الأوضاع وتكوين لجنة لمعالجة الأوضاع الإنسانية و تحسين وتطوير بيئة لعمل النيابات والمحاكم، الأمر الذي اعتبره رجال لن يجدي حلا الا بعودة الحكم المدني، مؤكدا أن ما يحدث الانقلابيين. تشريد الآلاف ويزداد الوضع في دارفور تعقيدا كبيرا جراء اندلاع الاشتباكات، الأمر الذي يؤثر على السكان، وفي ديسمبر الماضي أشارت وكالات أممية إلى أن الوضع في دارفور يزداد سوءا، حيث سيحتاج حوالي 6,2 مليون شخص في جميع أنحاء دارفور إلى مساعدات إنسانية في عام 2022. وقد أدى تصاعد العنف الأخير إلى تشريد الآلاف من الأشخاص منذ نوفمبر اي عقب الانقلاب، كما عبر الكثيرون الحدود إلى الجارة تشاد. ويرى متابعين أن التقرير الأممي في ديسمبر، لخص الحالة وفق الاحداث وقتها، قبل أن تزداد الأوضاع سوء. وامس أبدت سفارة المملكة المتحدةبالخرطوم قلقها من اندلاع أعمال العنف والدمار بولاية غرب دارفور . وطالبت في بيان لها جميع الأطراف تحمل مسؤولياتها لمنع المزيد من العنف ودعم الضحايا. ودعت السلطات الحكومية الى تكثيف الجهود لتنفيذ الخطة الوطنية لحماية المدنيين بالاشتراك مع الموقعين على إتفاق جوبا للسلام لانشاء القوة المشتركة. وشددت على ضرورة تنفيذ بند الترتيبات الامنية الى جانب تنفيذ عمليات نزع السلاح وقيام مفوضيات الأراضي والعدالة. وأوضحت السفارة ان تنفيذ تلك الخطوات يتطلب حلًا سياسيا شاملًا للأزمة السودانية. ولفتت الى ان الأحداث الراهنة بغرب دارفور تعكس الحاجة الملحة للتوصل لإتفاق عاجل يفضي الى تشكيل الحكومة الانتقالية. ويؤكد المتحدث الرسمي باسم المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين باقليم دارفور آدم رُجال، خطورة الوضع الذى من شأنه أن يفاقم اعداد النازحين
قانون إقليم دارفور
ويعتبر مختصون أن الأحداث التي تندلع في الاقليم بسبب الحركات المسلحة واطماعها الشخصية، في ظل غياب قوة مشتركة في دارفور تحمي المواطنين نتيجة للظروف والأوضاع المتسارعة هناك. من جانبه اتهم حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، الأجهزة الأمنية في دارفور، بالتواطؤ والتباطؤ، في الأحداث الدامية التى تشهدها عدد من المناطق في ولاية غرب دارفور. ونفى في كلمه له الأحد أمام حشد من أبناء دارفور بمناسبة أفطار رمضاني أقامته منظمة التسامح والسلام في الخرطوم، أن يكون للحركات المسلحة دور في تحريض الأطراف المتقاتلة فى الإقليم، وقال إن الأجهزة الأمنية تباطأت في حماية ممتلكات المواطنيين إلى درجة دفعت القوات التشادية إلى التدخل وقال إن هناك فوضى عارمة في ولايات دارفور سببها عدم وجود القانون، ودعا مجلس السيادة الانتقالي إلى "سرعة إجازة قانون إقليم دارفور حتى يتسنى معالجة المشكلات، وإنهاء الفوضى. وأضاف أن المشاكل التى تشهدها ولايات دارفور الآن، "يتم تحريكها من المركز" متهما جهات لم يسمها بأنها "تقف" وراء ذلك. معركة الحفاظ على الوطن في مقابل ذلك رفض الصحفي والمحلل السياسي عبد الله آدم خاطر، تأطير الصراع داخل إقليم دارفور في سياق (القبلية) مؤكدا أن القبيلة كانت تعتبر الموقف التقليدي قبيل تدخل المركز، موضحا في حديثه ل "الراكوبة" منهجية النطام السابق في استجلاب مجموعات من غرب أفريقيا لمساعدته كنوع من محاربة القوى المتمردة، وقال: على الرغم من توقيع عدد من الاتفاقيات الا ان التدابير الأمنية والعسكرية لم تتم، ليصبح التطور الذي حدث من خلال اتفاق سلام جوبا وكأنما عملية تطبيع مع المجموعات القادمة من غرب أفريقيا. ويرى خاطر أن الاتهامات تلاحق حميدتي باستخدام سلطة الدولة والنفوذ المالي لتوطين هذه المجموعات الأمر الذي شكل حالة من (الاستفزاز) لقبيلة المساليت لاعتبار تاريخهم الكبير في الاقليم وتابع: ما حدث في كرينك كان معركة الحفاظ على الوطن، بعد أن اعتقد المواطنين أن الحكومة تخلت عنهم وجعلت الدعم السريع تفعل بهم الافاعيل.