لم تنحصر حوادث الاعتداء في المواكب التي أعقبت قرارات الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م الموصوفة بالانقلابية على الثوار وعناصر لجان المقاومة، بل تعدى ذلك إلى الصحفيين والمصوريين والعاملين بالمستشفيات، أشهره الاعتداء الشهير على بنك الدم المركزي بمعمل (استاك) وتحطيم الأجهزة. ووصف المراقبون والناشطون الحقوقيون ذلك بأشبع أنواع انتهاك الحريات في تاريخ السودان الحديث بينما لم توقف بيانات الإدانة الدولية والمحلية العنف المفرط الذي تستخدمه الأجهزة الأمنية ضد المحتجين والإعلام. أشهر حادث ولعل أشهر حادث اعتداء على الصحفيين في مواكب الخرطوم، هو تعرض الصحفي علي فارساب لعنف مفرط من عناصر الشرطة أثناء تغطيته لمواكب بحري في نهاية العام الماضي، يروي الصحفي فارساب تفاصيل حادث تعرضه للاعتداء من مجموعة من عناصر الشرطة، بأنه في ذلك اليوم يمم شطره صوب المؤسسة حيث مواكب السابع عشر من نوفمبر العام الماضي، ولكنه لم يدرك أنه سيكون ضمن ضحايا هذه المواكب التي ووجهت من قبل السلطات الأمنية بقمع مفرط وتم تطويق المنطقة واستباحتها واقتحام بيوتها واعتقال المتظاهرين. ويمضي فارساب في سرده " تمكنت من الوصول إلى مقدمة الموكب في شارع المؤسسة بيد أن الشرطة كانت تطلق وابلاً من الرصاص مما اضطرنا للاحتماء، إلا أن رصاصة طائشة أصابتني بجرح سطحي في رأسي وأسرع فارساب وفق قوله مبتعداً من المكان إلا أنه تفاجأ بأحد الثوار مسجياً وغارقاً في دمائه وتوقف لإسعافه رغم إصابته، ولكن أحد العناصر الأمنية باغته بسلاح ووجهه صوب رأسه وأخذ ينادي على زملائه ويمضي بقوله " جاء عنصران من عناصر الشرطة وانهالوا عليه بالضرب بالهراوات وحذائهما وسحله، ومن ثم وجد نفسه فوق مركبة الشرطة مع تقييد رجليه ويديه ويضربونه بقوة. إصابة بالرصاص هذه واحدة من الحوادث التي تعرض لها زملاء صحفيون للاعتداء في مواكب الخرطوم عقب الانقلاب العسكري، بيد أن عشرات الصحفيين والإعلاميين تعرضوا للعنف كاد يودي بحياتهم، وعلى نحو غير متوقع تفاجأ العاملون بقناة الحدث الإخبارية باقتحام قوة من الأجهزة الأمنية مكاتب القناة والاعتداء بالضرب على مدير مكتبها بالخرطوم لينا يعقوب، ومراسلها نزار البقداوي، قبل مصادرة المعدات، بينما تعرض مصور (شبكة عاين) الصحفية الاستقصائية، بالإصابة بالرصاص في أحد مواكب الثوار بالخرطوم . اقتحام معمل (ستاك) وتعرض العاملون ببنك الدم المركزي في مارس الماضي للإصابة جراء اقتحام عناصر أمنية لمبنى البنك بالمعمل القومي الخرطوم (ستاك)، وكشفت مديرة خدمات نقل الدم بوزارة الصحة الاتحادية ومديرة بنك الدم بالمعمل القومي للصحة العامة (استاك)، د. ماريا ساتي، في ذلك الوقت عن وقوع إصابتين وتحطيم ثلاثة أجهزة وكسر باب أحد المعامل الداخلية ببنك الدم؛ إثر مُداهمة قُوّة نظامية لقسم طوارئ بنك الدم بمعمل استاك. وقالت د. ماريا حسب صحيفة (السوداني)، إن أسباب مداهمة القُوة النظامية للمعمل تعود إلى مُلاحقة القُوة للثوار داخل (حوش) المعمل وأوضحت أن الإصابتين خفيفتين، الأولى لطبيب مختبرات بالمعمل، والآخر موظف استقبال، وتفاصيل الأجهزة المُحطّمة هي: (2) من أجهزة (التِريما) التي تعمل على فصل مُشتقات الدم وتستخدم في فصل الصفائح عن الدم، أما الجهاز الثالث فهو جهاز فحص الدم الكامل. اعتداء مدني وفي الغضون كشف الصحفي بمكتب قناة الجزيرة في الخرطوم، عبدالرؤوف طه عن تعرضه لاعتداء أثناء تغطية تظاهرة مؤيدة للجيش بشارع الستين قبيل شهور وكتب عبدالرؤوف في تدوينة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" : "أثناء تغطيتهم لمسيرة مؤيدة للجيش، انهال عليه أكثر من 100شخص من أنصار المسيرة المؤيدة للجيش بالضرب بالعصي وبأيديهم دون أسباب، وتابع " أكثر من مية شخص في مواجهة شخص واحد أعزل، هؤلاء المرتشون الجبناء لو كانوا رجالاً لما واجهوني في شكل مجموعات، بعضهم سرق أموالاً من جيبي وآخرون سعوا لسرقة هاتفي، رموني في الأرض أكثر من ثلاث مرات وهم ينهالون علي ضرباً وركلاً، المحزن بعضهم كان في عمر والدي وهم ينهالون علي بالضرب وأنا ساقط أرضاً، تباً لهم المرتشين الجبناء" كما تعرض زميله المصور الطيب حسن للضرب بالعصي على رأسه. إدانة الانتهاكات وأدان قانونيون هذا المسلك الذي وصفوه بالهمجي في مواجهة سلميين ليس بأيدهم غير القلم والكاميرا، وقال المحامي معاذ زكريا ل "الحراك" إن محاولة إسكات صوت الإعلام إمعان في تمييع الحقائق وحجب الجرائم التي تمارسها السلطة ضد مواطنيها، وهذا ما سلكه العسكر في مواجهتهم للحراك السلمي. وأضاف زكريا بأن أبشع جريمة في حق الإنسان هو محاولة مصادرة حياته أو ترهيبه لإزهاق الحقيقة. ويمضي بقوله "إذا كانت الدولة تتمتع بقانون لا يحدث ما حدث للإعلاميين وللعاملين بمعمل الدم في (ستاك). الاعتداء اللفظي ولم يسلم قادة الحرية والتغيير الذين خرجوا في مواكب مناهضة للانقلاب العسكري من الاعتداء اللفظي والبدني، حيث كال المحتجون الغاضبون بالسباب على القيادي بالمؤتمر السوداني إبراهيم الشيخ في أحد المواكب، واتهموه بالخائن في إشارة لتماهيه مع العسكر في بداية سقوط النظام البائد، بينما تعرض القيادي في ذات الحزب خالد عمر يوسف (سلك) لمحاولة اعتداء بالأيدي في أحد المواكب . ويقول المحلل السياسي سعد محمد أحمد ل "الحراك" إن الغاضبين الذين تعرضوا لإبراهيم الشيخ بالهتافات كانوا يشعرون بمرارة الخذلان من قادة الحرية والتغيير، بتمهيد الانقلاب على ثورتهم التي مهروها بالدماء. وأضاف أن مثل هذا الاعتداء لا يرتقي لجريمة بل رد فعل متوقع، فيما وصف سعد الاعتداء على الصحفيين في المواكب بأنه اعتداء ممنهج لا يرتكبه إلا الدكتاتوريون، الذين يخشون من ظهور حقيقة ممارساتهم ضد شعوبهم وهذا ما حدث في الخرطوم في المواكب المناهضة. صحيفة الحراك السياسي