بدا أن لا خيارات جديدة أمام رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان يقدمها للقوى السياسية بعد إعلان سابق عن مغادرة العسكر للمسرح السياسي إذ يتمسك الرجل بتسوية سياسية لأجل محدد ينتهي بقيام انتخابات لتأسيس الدولة المدنية، وظل يردد رؤيته هذه منذ انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، ومؤخراً جدد أيضاً البرهان ذات الرؤية والموقف بشأن معالجة الأزمة في السودان، حيث دعا إلى إيجاد مخرج آمن، لتُطرح ذات التساؤلات مجدداً حول كيف يمكن تحقيق ذلك؟، وهل هي دعوة للانتخابات المبكرة خاصة في ظل تصاعد انقسامات المكون المدني؟، وإمكانية تأثير الخطوة على مواقف المجتمع الدولي واستراتيجيته في التعامل مع أزمة الفرقاء السودانيين بعد فشل الأممالمتحدة في الوصول إلى حل للأزمة في ظل تصاعد رفض الأحزاب السودانية الانتخابات المبكرة، فما هي آفاق الحلول وأسباب الرفض؟ أسباب الرفض واستغرب القيادي بالجبهة الثورية ورئيس مكتب حركة العدل والمساواة السودانية بإسرائيل، زكريا عثمان بنقو، رفض الأحزاب للانتخابات المبكرة رغم أنها توصف الأحزاب السياسية بأنها أداة من أدوات الديموقراطية ولديها دور فاعل في تشكيل الوعي السياسي والاقتصادي والاجتماعي وصولاً إلى السلطة عبر العملية الانتخابية لتحقيق برنامجها السياسي، بيد أن زكريا عاد وقال في حديثه ل(اليوم التالي): "لكن الحالة السودانية مختلفة نوعاً ما"، وتابع: أحزابنا مجرد لافتات لنشطاء لا يملكون مشروعاً سياسياً، علاوة على أنها تضع برامج عمل واهية وخيالية غير قابلة للتطبيق، واستطرد بالقول: "هي أحزاب بيوتات صغيرة دون جماهير معتبرة تعمل على تغبيش الوعي السياسي والتضليل والنفاق كأداة من أدوات أسباب بقائها في المشهد والمحافظة عليه بأي ثمن، وتستخدم عناصرها في المؤسسة العسكرية لأجل الوصول إلى السلطة عبر الانقلابات". وأشار بنقو إلى أن الأحزاب ترفض الانتخابات المبكرة لدوافع واضحة، بينها عدم امتلاكها مشروع سياسي مقبول وعقلاني عبر تأريخها السياسي، بالإضافة إلى ضعف عناصر خطابها السياسي الأمر الذي يودي إلى ضعف استقطاب الجماهير وهنا مكمن الخلل الأكبر، وأضاف: "الانتخابات القادمة ستكشف عن تلك الأقنعة الزائفة". تجربة ضعيفة واعتبر المحال السياسي الفاتح عثمان في حديثة ل(اليوم التالي) أن الأحزاب السياسيه السودانية التي ترفض الانتخابات المبكرة معظمها لم يسبق له الفوز بأي مقعد في البرلمان في الانتخابات إبان حقب الديموقراطية الحزبية الثلاث وهو حال كل أحزاب قوى الحرية والتغيير عدا حزب الأمة القومي أو نال بضعة مقاعد مثل الحزب الشيوعي، وأضاف: لكن حزبي الاتحادي الديموقراطي الأصل وحزب الأمة القومي هما أكثر حزبين جاهزين للانتخابات ويرغبان بشدة في انتخابات مبكرة لاعتقادهما بأن أي انتخابات مبكرة ستأتي بهم مرة أخرى للحكم، فيما يرى أن الإسلاميين يظنون أن فرصتهم كبيرة في منافسة الحزبين التقليديين، لكن يصعب عليهم ذلك حالياً. توقيت حساس فيما يرى مقرر الجبهة الثورية محمد زكريا في حديثة ل(اليوم التالي) أن توقيت الانتخابات هو توقيت حساس لجميع الأطراف خاصة التي وقعت على اتفاق السلام والتي ترى أن تنفيذ قدر معقول من الاتفاق يضمن عودة المتأثرين بالحرب إلى مناطقهم باعتبارهم كتلة انتخابية وتنفيذ بنود الترتيبات الأمنية وغيرها من برتكولات السلام التي رأى أنها مهمة جداً قبيل تحديد تاريخ الانتخابات، وأضاف زكريا: "لابد من أن يترك الأمر إلى بعض الوقت وأن تحديد سقف الانتخابات". وأشار إلى أن الدعوة للانتخابات في هذا التوقيت أمر غير مقبول، مشيراً إلى ضرورة إجراء حوار وصفة بالموضوعي يستصحب المعطيات المختلفة بينها أطراف السلام نفسها ومطالبهم حول تنفيذ الاتفاقية وضرورة إكمال التحول الديمقراطي وعدم تطويل الفترة الانتقالية، علاوة على الاتفاق حول آليات إجراء الانتخابات وتكوين المفوضيات وغيرها من الخطوات الإجرائية التي تتطلب بعض الوقت قُبيل الإعلان عن موعد الانتخابات. عراقيل ومتاريس أما عضو المجلس الانتقالي مصطفى تمبور، فيقول في حديثه ل(اليوم التالي) إن الأحزاب السياسية ترفض أي انتخابات مبكرة لعلمها التام بعدم قدرتها على تحقيق أي نتائج تؤهلها لقيادة البلاد، وبالتالي تضع العراقيل والمتاريس، وتابع: "المضحك المبكي أنها غير منظمة وليس لديها أي ارتباط مباشر بالجماهير، بل ظلت فوقية وصفوية اكتفت بالتنظير وزحمة الإعلام"، وأضاف تمبور: لذلك أنا أجزم أن الانتخابات أياً كانت (مبكرة أم غيرها) إذا أجريت ستكشف عن فضائح لا يعلم مداها أحد وستحدد الحجم الحقيقي لأي حزب سياسي أو تنظيم. اليوم التالي