د. عمر بادي في الأسبوع الماضي تم منح جائزة نوبل في الطب للطبيب السويدي سفانتي بابو الذي تخصص في علم الجينات الوراثية للإنسان وقدّم من خلالها أبحاثاً عدة عن الجينات الوراثية المعروفة بأل (دي، إن، إيه D,N,A) لأصل الإنسان في شكل تسلسل جيني للإنسان العاقل الأحسن تقويماً منذ آلاف السنين ولشبهاء الإنسان الذين تواجدوا على الأرض قبل ذلك. لقد ظهر تشريحياً من أبحاث العالم بابو التي أجراها على إنسان الهوموسابيان الأحسن تقويماً أنه ظهر في أفريقيا قبل 300 ألف عام، في حين أظهرت أبحاثه في جينات شبيه الإنسان المعروف بإنسان النياندرتال أنه ظهر في أوروبا و آسيا قبل 400 ألف عام وإستمر إلى ما قبل 30 ألف عام ثم إنقرض، ودلت أبحاثه في سيبريا إلى إكتشاف فصيلة أخرى لشبيه الإنسان أطلق عليها إنسان دينيسوفان. توصل أيضاً العالم بابو إلى أن الإنسان الأحسن تقويماً عاش في أفريقيا وقد بدأ في الخروج منها في شكل هجرات منذ 70 ألف عام وأطلق عليه الإنسان العاقل، ولذلك فقد تعايش الإنسان العاقل في أوروبا وآسيا (أوراسيا) مع شبيه الإنسان لعشرات السنين. في عقد التسعينات تم إكتشاف تسلسل الجينوم البشري ، و من ذلك أُجريت الدراسات لإظهار العلاقة الجينية بين مختلف المجموعات البشرية ، ثم إنتقلت الدراسات لإظهار العلاقة بين الإنسان الأحسن تقويم وشبيه الإنسان وكان الأمر يتطلب دراسة تسلسل الحمض النووي الجيني لشبهاء البشر من العينات القديمة المتواجدة والتي تعود لمئات آلاف السنين وهي مهمة في غاية الصعوبة أو مقاربة للإستحالة لأن بعد آلاف السنين لم تتبق غير كميات قليلة من الحمض النووي والتي أصبحت ملوثة وصارت طرق فحصها متطورة جداً. في عام 2010م أظهرت التحليلات المقارنة أن تسلسلات الحمض النووي لشبيه الإنسان صارت تحمل تشابهاً مع تسلسلات الحمض النووي للإنسان العاقل الأحسن تقويماً القادم من أفريقيا. هذا يعني أن التزاوج قد تم بين الإنسان وشبيه الإنسان ! هذا البحث التاريخي العلمي الكبير عن تسلسلات الحمض النووي للإنسان منذ وجوده على سطح الأرض هو بحث علمي في غاية الأهمية ويستحق أن يُمنح عليه الدكتور سفانتي بابو جائزة نوبل في الطب، فحقيقة هذا البحث العلمي يثبّت حقائقاً متداولة ويدحض إستنتاجاتٍ كانت تُعتبر حقائقاً. أما الحقائق التي أثبتها إكتشاف الدكتور بابو عن طريق تسلسلات الحمض النووي للإنسان العاقل فهي : 1 – أن الإنسان العاقل قد وُجد على الأرض وهو في أحسن تقويم، وهذا إثبات لما جاء في الكتب السماوية التي أنزلها الله تعالى برواية إنزال آدم وحواء إلى الأرض. 2- كانت هنالك مخلوقات قد أرسلها الله تعالى إلى الأرض قبل الإنسان وهم أشباه البشر الأقل عقلاً من الإنسان وأكثر عدوانيةً وإفتراساً والذين كانوا يعيشون على القتل والدمار، وهم الذين قالت فيهم الملائكة لله تعالى في الآية 30 من سورة البقرة : بسم الله الرحمن الرحيم (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون). هذه المخلوقات التي سبقت الإنسان على الأرض إعتبرها المفسرون هم الجن وربما كانوا نوعاً من الحيوانات كالشيمبانزي وقد أرسل الله عليهم الملائكة فحاربوهم وقتلوهم وأجلوهم إلى الأماكن والجزر البعيدة , وهنا ربما كانوا إفتراضاً هم أشباه البشر، فقد حدث تلاقٍ بين الإنس والجن. 3 – أن الإنسان ظهر في أفريقيا ثم خرج منها بعد ذلك إلى بقية العالم. لقد قال علماء الوراثيات الأنثروبولوجية نفس هذه الحقيقة أن الإنسان الأول قد ظهر في أفريقيا ومن ثم إنتشر منها إلى بقية أنحاء العالم منذ حوالي 50 – 60 ألف سنة وقد تم التعرف على ذلك من خلال العودة إلى الحمض النووي DNA للسلالات البشرية وخاصة الكروموسومات Y التي تحمل الجينات الذكورية . إن الآثار التي ترشدنا إلى الكيفية التي إنتشر بها البشر عبر كوكب الأرض والتي إكتسبوا بواسطتها فروقهم العرقية البادية للعيان حاليا كلها مكتوبة في ال DNA وخصوصاً في الكروموسومات وقد أدى تتبع الكروموسوم Y إلى تتبع الهجرات البشرية التي حدثت منذ سالف العصور. يفسر العلماء ذلك بأن للكروموسوم Y خاصية المحافظة على النوع لأنه لا تتبادل إلا أجزاء صغيرة على أطرافه مع الكروموسوم X . إن الرجل يرث كروموسوم Y من والده وكروموسوم X من أمه . أما المرأة فترث كروموسوم X فقط من والديها ونتيجة لذلك فإن كروموسوم Y ينتقل سليماً في معظمه من الوالد إلى إبنه إلى ما لا نهاية , و يضيف كل رجل جزءاً يسيراً جداً إليه . لقد أثبت العلماء أن جذور شجرة الكروموسوم Y موجودة في أفريقيا وبذلك أثبتوا أن سيدنا آدم قد عاش في أفريقيا . هذا الإثبات العلمي لا يتنافى مع حضور سيدنا آدم إلى جزيرة العرب وطوافه بالكعبة كما يقال وكذا تسمية مدينة ( جدة ) على جدتنا الأولى حواء , وكما هو معروف فإن البحر الأحمر عبارة عن أخدود ظهر حديثا . الان صار في الإمكان معرفة التاريخ السلالي لكل رجل من خلال أخذ عينة من دمه وفحص الكروموسوم Y وبذلك يثبت العلم أن الإنسان يحمل معه تاريخه السلالي ويحمل معه أيضا تاريخه الوراثي الجيني ويحمل معه أيضا أعماله في ذاكرته , وكأنه يحمل معه كل ذلك في سجل كتابه , وسبحان الله . 4 – لقد صار مؤكداً أن لون بشرة الإنسان العاقل ذي التقويم الحسن كانت سوداء وهذا وارد من وصف الله تعالى للإنسان عند خلقه في آيات عدة أنه خُلق من طين كالصلصال و أنه خُلق من حمأ مسنون وهو الطين الأسود المتغير وأن إسم آدم من الأدمة والأدمة لغويا معناها البشرة السوداء ! وقد ورد أنه تم التوصل إلى كشف علمي يبين أن عملية تغيير حمض أميني واحد في جين وراثي يؤدي إلى تغيير في عملية تغيير لون البشرة الذي تظهره الصبغة اللونية لجسم الإنسان. هذا الكشف قد قاد العلماء إلى إستنتاج مفاده أن الأفارقة يحملون نسخة أصلية من هذا الجين، بينما المنحدرون من أصول أخرى يحملون نسخا معدلة منه . هذا الإستنتاج قد دعم النظرية التي تقول أن لون البشرة يتغير بهدف التلاؤم مع ظروف الإضاءة خاصة من الشمس، ولذلك فقد تغير اللون الأصلي وهو الأسود بمرور الزمن إلى اللون الأبيض مع ظروف الإضاءة الضعيفة عند الذين هاجروا إلى المناطق شمال الكرة الأرضية ! أما الإستنتاجات التي كانت تُعتبر حقائقاً وقام الدكتور بابو بدحضها عن طريق تسلسلات الحمض النووي للإنسان العاقل فهي: 1 – تأكيد الدكتور بابو لخطأ نظرية النشوء والتطور لشارلس داروين عن أصل الأنواع والتي تتحدث عن تطور الكائنات الحية من خلال البيئة والطبيعة التي حولها فتحدث فيها التحولات بشكل تدريجي، وقد ذكر من خلالها أن الإنسان أصله قرد شيمبانزي تطور عبر آلاف السنين ليصبح إنساناً عاقلاً في أحسن تقويم. شارلس دارون هو عالم تاريخ طبيعي وكان يسافر عبر البحار حول العالم ليدرس الأحياء كالحيوانات والحشرات والطيور ويبدي ملاحظاته عن تطور بعضها. لم يجب داروين على كيفية وجود العقل عند الإنسان العاقل ووقف محتاراً فسمى ذلك الحلقة المفقودة! 2 – تأكيد الدكتور بابو بأن القرد الشيمبانزي لم يتطور ليصبح إنساناً عاقلاً في أحسن تقويم، والصحيح كما ذكر هو أن الشيمبانزي كشبيه للإنسان قد تزاوج مع الإنسان العاقل وقد ظهر ذلك في تسلسلات الحمض النووي الجديدة لكليهما في المناطق والجزر البعيدة كما ورد، وأظن هذا تفسير مقبول أكثر وفيه حل للحلقة المفقودة عند داروين. [email protected]