لم يستبعد مراقبون بأن قائد الانقلاب عبد الفتاح البرهان والذي يتشكك فيه غالبية السودانيين بأنه يتحالف سراً مع المنظومة البائدة ويجتهد في خدمة أجندتها عبر وجوده في رأس السلطة الانتقالية، بأن يكون متعمداً الحديث والحوار مع تحالف الحرية والتغيير المجلس المركزي حول إمكانية تسوية سياسية محتملة. والبرهان الذي ظهر وهو مُبشراً بقرب اتفاق مع الحرية والتغيير، يدرك جيداً أن المجتمع الدولي ممثلاً في الآلية الرباعية وبعثة الأممالمتحدة، جميعهم يسعى إلى استعادة المسار المدني الديمقراطي ، وأن الطريق إلى ذلك بات مستحيلاً دون أن تنخرط الحرية والتغيير تحديداً في عملية سياسية لأجل التوافق. ولأن الحرية والتغيير في نظر المجتمع الدولي هي الشريك الفعلي في الحكومة الانتقالية وهي التي أزاحها المكون العسكري عبر انقلاب 25 أكتوبر، وأن الحرية والتغيير انخرطت في مناهضة الانقلاب لكنها ظلت تتحدث عن ضرورة "إنهاء" الانقلاب ولم تتحدث عن إسقاطه أو رفض الحوار معه مثلما تتطرح لجان المقاومة وبقية الكيانات الثورية الأخرى، والبرهان يدرك أيضاً أن القوى المؤيدة لانقلابه والمتمثلة في أطراف سلام جوبا وبعض المجموعات الأخرى المكونة للحرية والتغيير – التوافق الوطني، ستكون هي الأكثر رفضاً لمشروع أية تسوية مع الحرية والتغيير، لأنها هي القوى التي حرضت العسكر للانقلاب على الحرية والتغيير. ومن جانب آخر يؤمن البرهان بأن قوى الثورة الحية ممثلة في لجان المقاومة والحزب الشيوعي والمهنيين وأسر الشهداء، فهم ينظرون للحرية والتغيير بريب شديد ويتهمونها بأنها قوى للهبوط الناعم، هذا فضلاً عن أن كل الكيانات الأخرى التي توالي المنظومة البائدة فهي ترفض وجود الحرية والتغيير في أجهزة الحكم، ولهذا كله يصبح أن الافتراض البديهي بأن البرهان أراد التبشير بالتسوية مع الحرية والتغيير ، لأنه يعلم بأنها سوف تُقابل برفض عريض من كل ألوان الطيف السياسي، كلٌ على حسب أجندته، وبهذا يكون البرهان قد تخلص من الحرية والتغيير أمام المجتمع الدولي وقام بإحراقها بأنها غير مرحب بها عند كل السودانيين وليست العسكر وحدهم. الجريدة