ما سقط شهداء الثورة السودانية إلا للمطالبة بالحرية والسلام والعدالة والديمقراطية، سالت دماء الشباب السوداني، لينعم الوطن بالاستقرار وتسود فيه القيم الفضلى، ولا أحد يستطيع أن ينكر فضل الشهداء في إسقاط النظام المباد الذي جثم على صدور السودانيين ثلاثة عقود حسوماً. لتتعاقب الحكومات عقب سقوط المؤتمر الوطني، بفضل تضحيات الشهداء الذين قدموا أرواحهم رخيصة فداءً للسودان، حتى حكومة الانقلاب التي طعنت شركاءهم في حكومة الفترة الانتقالية يعود الفضل في ذلك إلى الشهداء. وعقب الانقلاب الذي وقع قبل عام وأدخل البلاد في متاهة كبيرة في شتى المجالات، تأتي على رأسها الأزمة السياسية التي جعلت البلاد تعيش عاماً بلا حكومة. في غضون ذلك اتجهت قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي نحو الحل للأزمة، باتباعها التفاوض المباشر وغير المباشر مع المكون العسكري الانقلابي. لتنتهي تلك اللقاءات عن اتفاقية برعاية دولية بإيجاد تسوية سياسية، فالتسوية التي أصبحت محل اختلاف بين مؤيد لها وما بين رافض لها، إلا أنها لم تشر بشكل مباشر إلى الوقوف بجانب الشهداء، ليخرج الأمين العام لمنظمة أسر الشهداء عن صمته بقوله: التسوية على حساب الشهداء مستحيلة. شدد الأمين العام لمنظمة أسر الشهدأء أبوبكر عمر الإمام – وفقاً لصحيفة الجريدة- على ضرورة مساءلة لجنة التحقيق في فض الاعتصام بالقيادة العامة والتي يرأسها المحامي نبيل أديب، عن الأسباب الحقيقية لعدم قيامها بدورها الحقيقي طوال الثلاث سنوات الماضية أو أكثر. وطالب الإمام بمعرفة إن كانت هنالك تدخلات سياسية عليا أو تواطؤ أو أسباب أخرى حالت دون الكشف عن نتائج التحقيق، مؤكداً على أن أركان القضية مكتملة تماماً باعتراف الطرف الأساسي قبل تجاوزها. ووصف الانقلاب بأنه غدر وسرقة للثورة تحت مسمى تصحيح المسار في 25 أكتوبر، واعتبره خيانة عظمى من أجل تحقيق الاتفاقيات التي تم عليها تحت الترابيز على حد تعبيره. وقال إن إمكانية حدوث تسوية على حساب ملف الشهداء أمر مستحيل لاسيما وأن الحراك لازال مشتعلاً، وسخر من لجان التحقيق في المرحلة الانتقالية قائلاً جميعها كانت تهدف لتسويف وتخدير وقتل القضايا بعامل الزمن، كما عمل أديب والذي بيده أركان القضية مكتملة باعتراف كامل من الذين قرروا فض الاعتصام ومولوه ونفذوه. وأضاف ترك كل ذلك ليقول إنه يحقق مع الآلأف ممن يسميهم شهوداً أحياناً وأحياناً أخرى يلوح بترك التحقيق، للعبث بمستندات القضية من قبل العسكر أو عدم وجود معينات من أجهزة فنية. بينما قطعت الناشطة السياسية نسرين محي الدين بعدم مساومة قضية الشهداء، وقالت ل(الحراك): دم الشهداء ليس ملكاً لذوي الشهداء إنما هو ملك لكل السودانيين، بالتالي الرأي أصبح عاماً وليس من شأن الأسر لوحدها. وأكدت على وقوف القوى الثورية ضد التسوية التي طرحت مؤخراً في الساحة السياسية، لأنها لن تنصف أسر الشهداء ولا تأتي بحقوق الشهداء الذين فدوا الثورة بأغلى ما يملك الإنسان في حياته، وقالت إذا لم نأتِ بقصاص جميع الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن كرامة السودانيين سواء بولاية دارفور أو بالنيل الازرق وكردفان، مروراً بشهداء ثورة ديسمبر بكافة ولايات ومدن السودان، وانتهاءً بشهداء الانقلاب الذين تجاوزوا ال(119) شهيداً، سوف تتواصل الانتهاكات في حق الثوار وسوف يسقط المزيد من الشهداء والجرحى والمفقودين. وأشارت إلى أن المساومة بدماء الشهداء مرفوضة وهذه القضية تعتبر خطاً أحمر، وتعتبر أحد المواضيع التي لا يمكن عرضها للتسوية أو المساومة والبيع. ووعدت بأن كافة الأحرار سيقفون حجر عثرة أمام أي جهة تريد أن تتجاوز دماء الشهداء وقضيتهم العادلة. أما المحلل السياسي د. الطيب أحمد قال ل(الحراك): أي حل للأزمة السودانية لا يضمن العدالة في مقتل الشهداء لن يستمر وسيكون عمر الحل قصيراً، والتاريخ شاهد على ذلك، بدليل أن الفترة التي أعقبت توقيع الوثيقة لم تحقق العدالة على الرغم من تكوين لجنة، إلا أن اللجنة لم تخرج إلى الآن بتقرير توضح فيه من المسؤول عن قتل الشهداء. وأضاف: فالتسوية المزمع الاتفاق عليها لن تدوم طويلاً بدليل حالة الغليان التي تشهدها الشوارع، فالثورة كشفت أقنعة الكثيرين وهي تكشف بشكل يومي من هم وراء بيع دماء الشهداء. الحراك السياسي