في ذكراها الرابعة يستعد الثوار لمواكب انطلاقة ثورة ديسمبر، التي ما زالت نارها موقدة ومشتعلة، رغم محاولة التسوية الجارية لقطع الطريق أمامها على أساس الاتفاق الإطاري ومشروع الدستور باسم المحامين، واستمرار المواكب تحت شعارات "لا شراكة ولا شرعية ولا تفاوض ولا تسوية"، وإسقاط لانقلاب، وقيام الحكم المدني الديمقراطي، رغم القمع الوحشي الذي استمر حتى بعد توقيع الاتفاق الإطاري مما جعله حبرًا على ورق، كما في مليونية 8 ديسمبر التي تم قمعها بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، ومدافع "الأوبلن" التي تطلق الحجارة والزجاج وعلب البمبان صوب أجساد المتظاهرين وتلحق بهم أضرارًا جسيمة، والدهس بالمدرعات، مما أدى إلى 49 إصابة بينها 4 حالات دهسًا بالمركبات، حسب بيان رابطة الأطباء الاشتراكيين 8 ديسمبر، حتى وصل عدد الشهداء منذ الانقلاب (121) شهيدًا، وأكثر من (7 ألف) إصابة، واعتقال وتعذيب المئات، مع حالات الاغتصاب الموثقة، إضافة للجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان… الخ ،وحرق القرى وتهجير الألاف من قراهم، بواسطة قوات مليشيات السلطة الانقلابية بهدف الاستيلاء على أراضيهم الخصبة ومراعيهم، والثروات المعدنية (ذهب، كروم، يورانيوم… الخ) وتهريبها للخارج إلى تشاد والإمارات ومصر… الخ، رغم ذلك استمر النهوض الثوري، واتسعت قاعدته. 2 كان طبيعيا أن ترفض قوى الثورة ولجان المقاومة الاتفاق الإطاري الذي استبعد قضايا الثورة الأساسية لمناقشتها في مرحلة ثانية وهي: العدالة والعدالة الانتقالية، الإصلاح الأمني والعسكري، والإصلاح القانوني وللأجهزة العدلية، اتفاق جوبا، تفكيك التمكين واستعادة أموال الشعب المنهوبة. رغم الحديث عن مناقشة نلك القضايا في مرحلة لاحقة، إلا أن الهدف السير قدمًا في تسويف معالجتها التي ما قامت الثورة إلا من أجلها، والاستمرار في خطوات التراجع عن الثورة، كما في خرق "الوثيقة الدستورية 2019″، ونهج السلام في جوبا المخالف للوثيقة الدستورية في عدم تكوين المفوضية والاستعاضة عنها بمجلس السلام، ونهج المحاصصات بدلًا عن الحل الشامل الذي يخاطب جذور المشكلة، والبطء في تفكيك التمكين واستعادة الأموال والممتلكات المنهوبة، رغم الجزء الضئيل الذي تمّ استرداده، وتأخير تكوين التشريعي والمفوضيات، وندهور الأوضاع المعيشية مع تآكل الأجور كما في الإضرابات من العاملين والموظفين والمهنيين والمعلمين واساتذة الجامعات لزيادة الأجور وتركيز الأسعار. إضافة إلى أن المجلس العسكري الانقلابي الذي هو امتداد للنظام البائد ما عاد مكان ثقة من جماهير شعبنا الذي اتسم بالمراوغة ونقض العهود والمواثيق كما في انقلاب 11 أبريل 2019 الذي قطع الطريق أمام الثورة، بحجة الانحياز لها!!، وتعطيل إنجاز مهام الثورة، وتدبير مجزرة فض الاعتصام التي كانت انقلابًا دمويًا على الثورة، وخطأ قوى الحرية والتغيير في الحوار معها بعد موكب 30 يونيو الذي أعاد للثورة زخمها وبريقها وعنفوانها، والتوقيع على الوثيقة الدستورية "المعيبة"، وحتى الوثيقة "المعيبة" انقلب عليها العسكر، وتوقيع اتفاق جوبا الذي كان انقلابًا على الوثيقة الدستورية الذي تحول لمحاصصات ولم يوقف الحرب في دارفور، حتى اعتصام "الموز" بمشاركة حركات جوبا، وانقلاب 25 أكتوبر الدموي الذي أعاد التمكين والأموال المنهوبة للفاسدين، واصل القمع الوحشي للمواكب السلمية، مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية، واستمرار المجازر في دارفور وجنوب وشمال كردفان بهدف نهب الثروات المعدنية والأراضي الخصبة بإبادة وتهجير السكان المحليين، أي الاستمرار في سياسات النظام البائد القمعية والاقتصادية ونقض العهود المواثيق والاتفاقات الجزئية التي تهدد وحدة البلاد والتفريط في السيادة الوطنية، ونهب وتهريب ثروات البلاد المعدنية والحيوانية والزراعية. فالتسوية لاستكمال تصفية الثورة والتي تعجل بالانزلاق للهاوية، والحوار الكاذب تهدف إلى التقاط قوى سلطة الانقلاب لأنفاسها، والعودة لممارسة القمع والتمكين والنهب والتفريط في السيادة الوطنية وتفكيك البلاد، فضلًا عن استمرار اللجنة الأمنية في تجربة نظام الانقاذ في الاتفاقات ونقض العهود والمواثيق بهدف إطالة عمره التي أصبحت معلومة، ونابعة من السياسات التي خبرتها جماهير شعبنا منذ أكثر من 30 عامًا، ومن طبيعة نظام الرأسمالية الإسلاموية الطفيلية الذي ما جاء إلا لينسف استقرار البلاد والحل السلمي الذي توصلت له الحركة السياسية السودانية بعد اتفاق "الميرغني– قرنق"، وكان انقلاب 30 يونيو 1989م الذي مكن للرأسمالية الطفيلية الإسلاموية في الأرض، وهو نظام شيمته القمع والمراوغة ونقض العهود والمواثيق، وتغيير جلده بتعديلات وزارية مع الإبقاء على جوهره، ورفع شعار الحوار بهدف إطالة عمره، والعمل بدأب من أجل تفتيت وحدة المعارضة المدنية والمسلحة، باستخدام سياسة "سيف المعز وذهبه"، وترجع جذور نقض العهود والمواثيق إلى الحفاظ على المصالح الطبقية للرأسمالية العسكرية والطفيلية الإسلاموية والجديدة المتحالفة معه.. 4 ما هو البديل للاتفاق الإطاري؟ الهدف من الاتفاق الإطاري الذي تم بتدخل إقليمي ودولي إجهاض الثورة، والافلات من العقاب، وقطع الطريق أمام إنجاز مهام الفترة الانتقالية، وعدم قيام نظام ديمقراطي يكون منارة في المنطقة، وكبح تأثير الثورة على شعوب المنطقة، تحت عبارات مثل انهاء الانقلاب التي تهدف للتشويش وتعني العودة للشراكة التي كانت قائمة قيل انقلاب 25 أكتوبر. لمواجهة ذلك يجب التمسك بشعارات الشارع كما في: لا شراكة ولا مساومة ولا تفاوض ولا تسوية مع الانقلاب العسكري، وأن الهدف المباشر قيام اوسع تحالف ثوري مناهض للتسوية ولمواصلة الثورة وهادف للتغيير الجذري الذي يضع حدًا للانقلابات العسكرية، ويرسخ الديمقراطية والدولة المدنية الديمقراطية، ويحقق البديل للتسوية يحقق الآتي: – إسقاط الانقلاب العسكري وانتزاع الحكم المدني الديمقراطي، وإلغاء كل قرارات الانقلاب، وإعداد وثيقة دستورية جديدة تعزز فعلًا لا قولًا الديمقراطية والحريات والحقوق الأساسية، وإلغاء كل القوانين المقيدة للحريات، الإصلاح العدلي والقانوني، إصلاح الأمن والجيش تحت إشراف الحكم المدني، بعد عودة الجيش للثكنات، وحل جهاز الأمن ليكون لجمع المعلومات وتحليلها ورفعها، وقيام دولة المواطنة التي تسع الجميع. – إلغاء اتفاق جوبا والحل الشامل العادل والمؤتمر الجامع الذي يشترك فيه النازحون في المعسكرات والتنظيمات السياسية والمدنية الذي يضمن وقف الحرب وعودة اللاجئين لحواكيرهم ورجوع المستوطنين لبلدانهم، والتعويض العادل وإعمار مناطقهم، وحل المليشيات، ومحاسبة مرتكبي جرائم الحرب، وقيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية الذي يقرر في شكل الحكم. – قيام المجلس التشريعي الذي يختار رئيس الوزراء، والحكومة، يجيز القوانين المطلوبة. – القصاص للشهداء في مجازر دارفور بتسليم البشير ومن معه للمحكمة الجنائية، والمحاكم للمجازر والانتهاكات الأخيرة في دارفور والمنطقتين، ومجزرة فض الاعتصام، ومجازر ما بعد انقلاب 25 أكتوبر. – حل وتسريح مليشيات الدعم السريع، ومليشيات الكيزان، وجيوش الحركات المسلحة، وجمع السلاح في يد الجيش، وقيام الجيش القومي المهني الموحد. – ضم كل شركات الجيش والدعم السريع والشرطة والأمن لولاية وزارة المالية. – تمكين المرأة وتمثيلها بنسبة لا تقل عن 50% في المؤسسات التنفيذية والتشريعية، وتوفير فرص التعليم والتدريب والعمل للشباب. – تحسين مستوى المعيشة ومجانية التعليم والعلاج، ودعم السلع الأساسية، وتركيز الأسعار، وسيطرة بنك السودان على النقد الأجنبي، وقيام بورصات الذهب والصمغ ومؤسسات الأقطان والماشية، وانسياب عائدها بالعملة الصعبة لبنك السودان. – وقف السير في سياسة التحرير الاقتصادي والاستمرار في الخضوع لشروط صندوق النقد الدولي في رفع الدعم وتخفيض الجنيه السوداني، وعدم تكرار تجربة حكومة حمدوك التي ضربت بعرض الحائط توصيات المؤتمر الاقتصادي، مما ضاعف من معاناة الجماهير، إضافة لانعدام الأمن ومصادرة حق الحياة، واشتداد حدة الصراع القبلي، وتعدد الجيوش بعد اتفاق جوبا في المدن الذي يهدد بتمزيق وحدة البلاد، وعدم قيام الجيش القومي المهني الموحد، واستمرار التفريط في السيادة الوطنية. حتى قيام انقلاب 25 أكتوبر. – التفكيك الكامل لنظام انقلاب 30 يونيو 1989 واستعادة أموال وممتلكات الشعب المنهوبة. – السيادة الوطنية وعدم الارتباط بالمحاور الخارجية والرفض الحازم للتدخل في الشؤون الداخلية لبلاد، واستعادة أراضي السودان المحتلة (حلايب، شلاتين، ابورماد، الفشقة… الخ)، ووقف قيام القواعد العسكرية في البلاد، وإعادة النظر في كل الاتفاقات حول الأراضي والتعدين المجحفة بشعب السودان ومستقبل أجياله. وأخيرًا تكرار التجربة الفاشلة في إعادة الشراكة كما في الاتفاق الإطاري مع العسكر في ظل هيمنته لن يحل أزمة البلاد بل يزيدها تعقيدًا. ولا بديل غير مواصلة التراكم النضالي الجماهيري الجاري والمتصاعد حتى الانتفاضة الشعبية الشاملة والإضراب السياسي العام والعصيان المدني لإسقاط الانقلاب وقيام الحكم المدني الديمقراطي الذي ينجز مهام الفترة الانتقالية وأهداف الثورة. الميدان