يبدو ان الولاياتالمتحدةالامريكية قد دخلت فعليا في خط المدافعة عن الاتفاق الاطاري الذي وقع بين طرفي النزاع السياسي من قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري في الاسبوع الماضي بعد اقرار الادارة الامريكية لحزمة اجراءات قاسية امام المعرقلين للاتفاق سواء أكانوا عسكريين أو مدنبين . سياسة الجزرة والعصا وفي ذات الاتجاه فقد رجح مراقبون خطوة امريكا العصية تجاه المعرقلين لمسار التحول الديمقراطي مردها الى ان الولاياتالمتحدة قد وضعت كل حساباتها السياسية كرهان في رصيد اتمام عملية الاتفاق الاطاري عبر احاطتها للاتفاق بما يعرف ب"الجزرة " مع ابقاء "العصا" قيد الجاهزية مقابل المعرقلين لمسار الانتقال الديمقراطي .. محاسبة المعرقلين وفي ذات الصدد كان ان ألمح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الأربعاء الماضي وفقا لوكالة "رويتر " إن الولاياتالمتحدة ستتوسع في سياسة تقييد التأشيرات المتعلقة بالسودان لمحاسبة العسكريين والسياسيين الذين يقوضون العملية الديمقراطية في البلاد أو يعطلونها ،وقال بلينكن في بيان إن هذه السياسة ستشمل "أي مسؤولين سودانيين حاليين أو سابقين أو غيرهم ممن يُعتقد أنهم مسؤولون عن تقويض الانتقال الديمقراطي في السودان أو متواطئين فيه، بما في ذلك من خلال قمع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وأقاربهم من الدرجة الأولى". واردف بلينكن في البيان: "مثلما استخدمنا سياستنا السابقة لتقييد التأشيرات ضد من قوضوا الحكومة الانتقالية السابقة التي قادها مدنيون، لن نتردد في استخدام سياستنا الموسعة ضد مخربي عملية الانتقال الديمقراطي في السودان. البحث عن المصالح الخطوة الامريكية تجاه الشخصيات والقوى التي تقف في خط عرقلة الاتفاق الاطاري صنفها البعض في اتجاه ان بلاد " اليانكي " تريد الحفاظ على مصالحها في ارض النيلين في المقام الأول من خلال فرض الاستقرار السياسي في البلاد دون اي تشويش من قبل الناقمين والرافضين للاتفاق من قبل العسكريين و المدنيين على حد سواء ..وعطفاً على تلك الخطوة فإن باب التكهنات حول الدعاوي الامريكية بفرض العقوبات حيال المناوئين لمسار الانتقال الديمقراطي اضحت مثار تساؤل وشكوك حول نوايا امريكا الحقيقية تجاه مساعيها لحماية مصالحها في البلاد من باب الادعاء لحفاظ نسيج الاستقرار السياسي ..ومن هذه يبرز السؤال التالي : هل تحاول امريكا دفع عجلة الاستقرار السياسي بدحرجتها الى الأمام وصولا لحكومة مدنية أم أن الموضوع ينحصر في اطار البحث عن مصالحها في البلاد..؟ شريك استراتيجي من جهته يرى القيادي بحزب المؤتمر السوداني نور الدين صلاح الدين ان مواقف الولاياتالمتحدة تجاه السودان كانت على الدوام منسجمة مع عمليات التحول الديمقراطي في البلاد لافتا الى ان امريكا لعبت ادواراً مهمة في سقوط حكومة البشير من خلال الدعومات التي قدمتها لقوى الحراك الثوري في ثورة ديسمبر.. واشار صلاح الدين ل(الحراك) بان حرص الولاياتالمتحدة على قضية الاستقرار في السودان يأتي نتيجة للتوازنات الاقليمية التي تقوم بها الخرطوم خصوصا على صعيدي الهجرة غير المشروعة والتمحور في ساحل البحر الأحمر.. وجزم صلاح الدين بان كل تلك الامتيازات جعلت الامريكان ينظرون للسودان بعين الشريك الاستراتيجي المهم في المنطقة. انسجام المواقف وثمة العديد من التساؤلات لاتزال حاضرة حول سر تحول المواقف الامريكية تجاه السودان الى النقيض منه في اطار دعمها لعملية الانتقال الديمقراطي على عكس مواقفها السابقة، فهل البحث عن مصالحها هو الذي ادى الى تليين مواقفها تجاه السودان والنظر اليه بعين الرضا والايجابية ..؟ وللاجابة على هذا التساؤل يقول القيادي بالحزب الشيوعي: إن سياسة امريكا في اطار البحث عن مصالحها في السودان هي سياسة قديمة لكنها تخضع الى معايير التبادل في المواقف.. واشار يوسف ل(الحراك) بان مواقف امريكا في تقييد حركة معرقلي التحول الديمقراطي في البلاد تأتي متناسقة ومتماهية مع موقفها من الاتفاق الاطاري الذي تعد هي أحد عرابيه. بعثرة الأوراق ويرى محللون سياسيون ان الدعاوي الامريكية بمعاقبة معرقلي مسار التحول الديمقراطي في البلاد ستكون رهينة بالاختراقات الايجابية التي ستتمخض عن الاتفاق بحيث ان كلما عجز الاتفاق بالايفاء بمطلوبات التحول الديمقراطي فان امريكا سترفع بعصاتها في وجه المعرقلين له .. وفي ذات الاتجاه ذهب المحلل السياسي استاذ العلوم السياسية بجامعة ام درمان الاسلامية د. راشد التيجاني الذي ألمح الى ان المساهمات المقدرة التي بذلتها امريكا تجاه الاتفاق تجعلها تمضي الى رفع العقوبات في وجه اي جهة او قوى تسعى الى بعثرة اوراق الاتفاق بما لايتفق مع المواقف الامريكية قبالة الانتقال الديمقراطي .. وبحسب رأي التيجاني فإن امريكا الآن تدلف الى مرحلة رفع العصا في وجه السياسيين والعسكريين الذين يحاولون تعكير اجواء الانتقال بعد ان عبر الاتفاق الاطاري مرحلة الجزرة . الحراك السياسي