أختتمت القمة الأمريكية الأفريقية أعمالها في العاصمة واشنطن دي سي،حيث إجتمع نحو (49) من قادة وممثلي حكومات القارة في محاولة لتعزيز العلاقات المشتركة ،وخلال القمة أعلن الرئيس جوزيف بايدن أنه يخطط لزيارة دول في أفريقيا جنوب الصحراء،وهي رحلة -إن تمت- ستكون الأولى لرئيس أمريكي منذ 2015م،وسيكون بايدن أول رئيس أمريكي يزور المنطقة منذ جولة الرئيس الأسبق باراك أوباما في يوليو 2015م التي قادته إلى كينيا وإثيوبيا،ولم يخف الرئيس السابق دونالد ترامب عدم إهتمامه بأفريقيا جنوب الصحراء،وكان أول رئيس منذ (4) عقود لم يزر أفريقيا أثناء توليه المنصب،وقد تسهم القمة التي استمرت (3) أيام – من 13 إلى 15 ديسمبر الجاري- بشكل كبير في تأكيد الدعم الأمريكي لأفريقيا، من خلال تعهدات ملموسة بشأن قضايا ذات أهمية بالغة:- رؤية 2063م تعتبررؤية عام 2063م أو(أفريقيا التي نريدها) مشروع قاري أطلقته مفوضية الإتحاد الأفريقي إثر إحتفالات اليوبيل الذهبي في مايو2013م،وحمل المشروع آنذاك شعار(أفريقيا موحدة ومزدهرة ومسالمة، يقودها مواطنوها،وتمثل قوة ديناميكية بالساحة الدولية)،على هذا الأساس حمل القادة الأفارقة حقابئهم إلى العاصمة الأمريكيةواشنطن لمناقشة تلك الرؤية مع الإدارة الأمريكية،حيث تهدف تلك الرؤية بشكل أساسي إن تحقق القارة بطاقات أبنائها وبناتها إكتفائها الذاتي وتفعيل حضورها على الصعيد الدولي، لكن في ظل الأزمات التى تعيشها القارة السمراء اليوم وحالة الضعف التي تعتري المفوضية الأفريقية لا تزال تلك الرؤية مجرد أوراق لم يتحقق منها الكثير رغم مرور (9) سنوات على إطلاقها،لذا كان توجه القمة الأمريكية لإنجاح تلك الرؤية بإطلاق استثمارات لقطاعات عديدة في البنية التحتية أو قطاعات إنتاجية لزيادة الإنتاج وتنويعه في القارة الأفريقية. دور أفريقي أكبر دعا الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن، إلى دور أكبر لأفريقيا على الساحة الدولية، معرباً عن دعمه لحصول الإتحاد الأفريقي على عضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي، وعلى مقعد دائم في مجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى التي تنتمي إليها جنوب أفريقيا وحدها من القارة الأفريقية،وقال بايدن، في تصريحات خلال القمة الأمريكية الأفريقية ، أدعو إلى إنضمام الإتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين كعضو دائم، مشيراً إلى أن أفريقيا جزء من المفاوضات في كل غرفة، في كل غرفة تتم فيها مناقشة التحديات العالمية، وفي كل مؤسسة تجري فيها مناقشات،مؤكداً أن بلاده تدعم بشكل كامل إصلاح مجلس الأمن الدولي حتى يشمل عضوية دائمة للإتحاد بالمجلس،وأكد أن شعوب أفريقيا شركاء لا غنىً عنهم لتحقيق المكاسب ليس فقط لأفريقيا والولاياتالمتحدة، وإنما للعالم بأسره،ويقول مسؤولون أمريكيون إنهم على إتصال بالهند للتأكد من ضم الإتحاد الأفريقي قمة مجموعة العشرين لعام 2023م ،وأوضح بايدن أن الولاياتالمتحدة بالتعاون الوثيق مع الكونغرس تخطط للإلتزام باستثمارات بمبلغ (55) مليار دولار في أفريقيا خلال السنوات الثلاث المقبلة، وأن الهدف هو النهوض بالأولويات التي نتشاركها ودعم أجندة أفريقيا 2063م. مساعدات غذائية لأفريقيا إلى ذلك أعلن الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن عن مساعدات إنسانية إضافية بمليارات الدولارات لمعالجة إنعدام الأمن الغذائي الحاد في أفريقيا، التي تواجه أزمة غذائية أكبر وأكثر تعقيداً من أي وقت مضى،وقال البيت الأبيض في بيان إن الولاياتالمتحدة تعهدت بتقديم (2.5) مليار دولار إضافية كمساعدات طارئة ومساعدات للأمن الغذائي متوسطة إلى طويلة الأجل لنظم الغذاء الأفريقية وأسواق الإمدادات المرنة،وقال بايدن في اليوم الأخير ، نواجه أزمة غذاء عالمية، وأكثر من يشعر بها القارة الأفريقية،وأضاف اليوم تجتاح المجاعة القرن الأفريقي مرةً أخرى وأسعار المواد الغذائية المرتفعة والحواجز التجارية العالية تؤثر على حياة وسبل عيش الملايين من الناس في أنحاء القارة،وتفاقم إنعدام الأمن الغذائي في كثير من أنحاء أفريقيا في السنوات الأخيرة، مدفوعاً بالنزاعات المسلحة التي طال أمدها وتأثيرات تغير المناخ، مما أدى إلى موجات الجفاف المطولة في بعض المناطق والفيضانات المدمرة للمحاصيل في مناطق أخرى،كما أعلنت الولاياتالمتحدة والإتحاد الأفريقي عن شراكة إستراتيجية لتسريع عملهما نحو الأمن الغذائي في المنطقة ووضعوا عدة أهداف، وفقاً لبيان منفصل صادر عن البيت الأبيض،وتضمنت الأهداف قصيرة المدى للشراكة تحديد الوسائل لأفريقيا لتأمين مصادر أكثر تنوعاً ومرونة من الحبوب والأسمدة، لتلبية إحتياجاتها العاجلة وتقديم المساعدة الإنسانية،ومن بين الأهداف المتوسطة والطويلة الأجل استكشاف طرق لتحسين وصول أفريقيا للأسواق العالمية، وزيادة الوصول الموثوق للأسمدة ،وتنويع إنتاج السلع الزراعية. تحدي إقناع الأفارقة قالت صحيفة (نيويورك تايمز) ، إن الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن سعى إلى إنعاش علاقة بلاده الفاترة مع القارة الأفريقية، ووعد بمبادرات اقتصادية متنوعة لتعويضها عن تجاهل سلفه دونالد ترامب لها الذي حطّ من قدرها، بالإضافة إلى اللحاق بمنافسين استراتيجيين -مثل الصين- الذين وسّعوا نفوذهم،وأوردت الصحيفة أن بايدن يهدف إلى إعطاء زخم جديد للعلاقات الأمريكية الأفريقية، بعد أن تخلّفت بلاده عن ركب الصين في التأثير في القارة،غير أن الاجتماع لم يتضمن –في الوقت نفسه- مبادرة شاملة وملهِمة، مثل خطة الرئيس جورج بوش الإبن الطارئة للإغاثة من الإيدز، المعروفة إختصاراً باسم برنامج (بيفار)، أو حملة الرئيس باراك أوباما لكهربة عشرات الملايين من المنازل في أفريقيا. وتعتقد صحيفة (نيويورك تايمز) أن من غير الواضح ما إذا كانت إلتزامات بايدن ذات البهرجة الأقل سيكون لها تأثير ملحوظ، وإحداث إنطباعات إيجابية عن الولاياتالمتحدة،ويُنظر إلى الولاياتالمتحدة على نطاق واسع على أنها متخلّفة عن الصين في مجال الزراعة بأفريقيا، وهي منافسة جيوسياسية توسّعت في السنوات الأخيرة، لتشمل قوى مثل: روسيا وتركيا والإمارات العربية المتحدة، حسب تقرير الصحيفة الأميركية،وطبقاً للصحيفة، فإن التحدي الذي واجهه بايدن هو إقناع القادة الأفارقة بأنه جاد بشأن رغبته في التجارة معهم، حيث كان كثيرون متشكّكين علانية. من جهة أخرى تساءلت الصحيفة: هل ينجح بايدن في إصلاح ما أفسده ترامب في العلاقات الأميركية الأفريقية؟ وهل تستطيع الولاياتالمتحدة العودة لمنافسة الصين في القارة السمراء؟،وفي مناسبة جانبية قبيل إلقاء بايدن خطابه، بدا الرئيس الرواندي بول كاغامي غير مكترث، عندما سُئل عن النتائج التي تمخّضت عنها القمة الأمريكية الأفريقية الأولى التي استضافها أوباما عام 2014م، فأجاب قائلاً حسناً، على الأقل كان إجتماعاً جيداً، مما أثار ضحك الجمهور،وحسب تقرير (نيويورك تايمز)، فقد سعت إدارة بايدن إلى تجاهل التصوّر القائل بأن جهودها هذا الأسبوع كانت تهدف إلى التنافس مع الصين، التي تجاوزت الولاياتالمتحدة في التعاون التجاري والاقتصادي مع أفريقيا. صفقات جديدة أبرمت الشركات الأمريكية والأفريقية العديد من الصفقات والمشروعات الجديدة بقيمة تقدر بنحو (15) مليار دولار بشكل مبدئي، خلال القمة الأمريكية الإفريقية التي شارك بها نحو (50) من قادة دول القارة الإفريقية، واستضافها الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن،وذكرت وكالة (بلومبرغ) الإخبارية، أن هذه الصفقات الأمريكية الأفريقية الجديدة تأتي في إطار مساعي إدارة بايدن لإتخاذ خطوات ملموسة تعزز علاقاتها التجارية مع القارة الأفريقية من خلال الاستثمارات بدلاً من المساعدات، وبحسب التقرير، تشمل الصفقات والإلتزامات بين الشركات الأمريكية والأفريقية قطاعات الطاقة المستدامة والمنظومات الصحية والأعمال الزراعية والإتصال الرقمي والبنية التحتية والتمويل،وأوضحت الوكالة، أن الإدارة الأمريكية تمكنت من إبرام أكثر من (800) صفقة تجارية واستثمارية ثنائية مع (47) دولة أفريقية بقيمة إجمالية تقدر بأكثر من (18) مليار دولار، مقارنةً بصفقات استثمارية أبرمها القطاع الخاص الأمريكي في القارة الأفريقية بقيمة (6.8) مليار دولار منذ عام 2021م،ووفقاً للتقرير، تشمل بعض المبادرات المنبثقة عن منتدى الأعمال للقمة، تقديم (170) مليون دولار على الأقل ضمن مبادرة البيت الأبيض (بروسبر أفريكا) من أجل زيادة التجارة مع القارة الإفريقية، وذلك بهدف زيادة الصادرات الأفريقية إلى الولاياتالمتحدة بمقدار مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة، إلى جانب تقديم مليار دولار أخرى من الاستثمارات الأمريكية في قارة أفريقيا. وبحسب التقرير تشارك شركة سيسكو سيستمز الأمريكية في عقود جديدة تقدر ب (800) مليون دولار لحماية الدول الإفريقية من التهديدات الإلكترونية. شراكة أمنية عسكرية أكد نائب منسق الشؤون الإقليمية بمكتب مكافحة الإرهاب الأمريكي جريجوري لوجرفو أن القمة الأمريكية الأفريقية أبرزت الكثير من الجدية بشأن مكافحة الإرهاب،وقال لوجرفو ، إنه بإمكان واشنطن تقديم الكثير للدول الإفريقية في المجال الأمني في إطار مقاربة شاملة،وأشار لوجرفو إلى أن واشنطن أثبتت أنها شريك يمكن التعويل عليه، بينما حذر وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن من توسع الصين في القارة، وقال الوزير نرى ان جمهورية الصين الشعبية توسع بشكل يومي موطئ قدمها في أفريقيا، وبينما يفعلون ذلك، يوسعون أيضاً تأثيرهم الاقتصادي ،وأضاف أوستن في كلمته في منتدى (السلام والأمن والحوكمة) على هامش القمة أن النقطة المثيرة للقلق هي أن الصين لا تتسم بالشفافية دائماً في ما يتعلق بما تقوم به، وهذا يؤدي في النهاية إلى زعزعة الاستقرار، ما لم يكن ذلك قد حدث بالفعل، حسب تعبيره،وبشأن روسيا، قال وزير الدفاع الأميركي إن موسكو تبيع الأسلحة للمتحاربين في أفريقيا وتوظف المرتزقة فيها، وختم بأن ممارسات روسياوالصين تزعزع الاستقرار في القارة. في السياق يقول مسؤول شؤون أفريقيا في مجلس الأمن القومي الأمريكي،جاد ديفيرمونت،أن واشنطن ركزت في جلسات القمة على دور أفريقيا في العالم، والتعاون في مجال الفضاء، مؤكداً أن الصوت الأفريقي سيكون مهماً وسيشارك الأفارقة في مستقبل النظام العالمي، لكنه أوضح أن القارة تواجه نزاعات خطيرة في عدة مناطق، ولذلك سيكون هناك تعاون أفضل لمواجهة هذه الأزمات وتحديات الإرهاب،وقال إن إدارة الرئيس بايدن تدعم دور مفوضية الإتحاد الأفريقي في حل أزمات القارة مثل أزمة (السودان)، لكنها قلقة من الأوضاع في منطقة الساحل وتدخل المرتزقة في مالي وغيرها من دول القارة، مؤكداً أن واشنطن تعمل مع الأفارقة على مسألة وقف إنتشار الإنقلابات في القارة وتأسيس قوة أمنية يمكنها إعادة السيطرة على الأوضاع في بوركينا فاسو ومالي وغيرهما،وشدد ديفيرمونت على أن واشنطن لا تريد حرباً باردةً جديدةً وإنما ترغب بشراكة مع الأفارقة الذين يعلمون ما يمكن أن تقدمه لهم الولاياتالمتحدة، منوّهاً بأن واشنطن ستستمر في إدارة التنافس مع الصين بمسؤولية. الانتباهة