تنازع الارادات الاقليمية والدولية اثر الصورة الذهنية فى المخيلة الشعبية فى الموقف من مصر مالات الاطارى فى ظل الموقف المصرى كيف نقرأ موقف المركزى من توسيع قاعدة الاتفاق ان الاوان لتشكيل التيار التاسيسى مقدمة اشرنا فى الكثير من الكتابات التى تناولت الشأن السودانى الى الدور الذى يلعبه الصراع الدولى على الموارد والذى بات اليوم المحرك الاساسي للمشهد العالمى وتداعيات هذا الصراع اقليميا وتقاطعات المواقف تبعا لمحاوره الدولية واثر كل ذلك فى تشكيل المشهد السياسي السودانى كمعطى لا يمكن تجاوزه الشاهد ان تغيرات كبيرة بشهدها الاقليم يظل العامل الاساسي فيها هو العامل الاقتصادى واضح جدا ان مؤتمر القمة العربى الصينى قد اعاد رسم المواقف السياسية فى الاقليم تبعا لما طرحه من مشاريع اقتصادية ومؤكد ان السودان يقع فى قلب استراتيجية الحزام والطريق اذن هذا العامل الاقتصادى شكل تنازع اردات بين دول الاقليم وبالتالى شكل معطى اساسي فى صياغة مواقفها من السودان تبعا للمصالح الاقتصادية تجلى هذا فى السباق المحموم للتوقيع على عقود شراكة استثمارية مع السودان شكل البحر الاحمر مسرحها الاساسي خاصة فى ظل الازمة الاقتصادية الناجمة عن الحرب فى اوكرانيا وتاثيرها على حركة الاقتصاد العالمى . المشاريع على البحر الاحمر قطعا ترفع وتيرة الصراع بين الدول المطلة والمشاطئة وبالتالى تدخل *اصبعها عميقا فى ترتيب المشهد السياسي بما يضمن الحفاظ على تلك المصالح . فى السياق يبدو مفهوما تدخل دول المحور الخليجى وكذلك مصر بكل ما يحمله من تتاقضات وتبيانات ————— يبدو ان مصر مثلما انها اصيبت بلعنة انتهاء الحرب الباردة على قول الخبراء فانها كذلك تعانى مخاض هذه التحولات الكبرى وتاثرت باكرا بتداعيات الحرب فى فى اوكرانيا وذلك بانخفاض عائدات قناة السويس كنتيجة منطقية لانخفاط معدلات التجارة العالمية يبدو ان ما اثارته المبادرة المصرية من جدل سياسي قد القى بظلاله على الاتفاق الاطارى المثير للجدل اصلا لجهة تباين المواقف حوله فزادته المبادرة ضعفا على بؤس جراء تداعياتها. الشاهد ان الحوار الذى انتج الاتفاق قد جرى تحت رعاية الرباعية والتى تشتمل فى تكوينها على الامارات والسعودية وبالتالى وبصرف النظر عن اسباب ابتعاد او ابعاد مصر عن الملف السودانى الا انه كان واضحا ان الاتفاق ولد اعرجا وقد اشرنا لذلك فى مقال نشر فى الراكوية بتاريخ 9 ديسمبر 2022 بعنوان (الاتفاق الاطارى تحديات الواقع ومالات المستقبل) وتعرضنا فيه للدور الاقليمى فى الاتفاق وورد فى المقال ان مصر لن تترك الامور تمضى هكذا لاسباب معلومة واشرنا الى فشل تحالف الكتلة الديمقراطية التى رعته مصر فى احداث اختراق فى المشهد وقلنا ان الدور الاقليمى ف هذا الاتفاق بشكله هذا اعرج يقف على ساق واحدة وهذه احدة مقاتله وقلنا ان مصر لن ترتكب حماقتها السابقة وتعمل على افشال الاتفاق بل بدأ انها استوعبت الدرس من خلال تصريح احدى منسوبات مركز الاهرام للدراسات التى قالت فيها انهم يدعمون الاتفاق السؤال لماذا تشككت قطاعات واسعة فى المبادرة المصرية وعدتها محاولة لافشال الاتفاق؟ نعتقد ان ذلك مرده للصورة الذهنية فى المخيلة الشعبية التى تشكلت عبر سنوات طويلة بسبب مواقف مصر السياسية من الانظمة التى تعاقبت على حكم السودان والتى تزعم ان مصر تعمل على عرقلة اى نظام ديمقراطى وتدعم الانظمة العسكرية مغبة انتقال عدوى الديمقراطية. كذلك شكلت قضية السد العالى وتداعياتها من اغراق حلفا الى تنصل مصر عن اتفاق التعويضات وكذلك الاثار المترتبة على طمر الحضارة النوبية جيزا كبيرا وربما الاطار المذهب لتلك الصورة هذه الصورة النمطية هى التى تشكل الموقف من مصر مع انها عند اخضاعها للواقع الحقيقى تفتقر للصدقية فى كثير من جوانبها ويمكن ايجاز ذلك فى الاتى:- (1)مصر نفسها وعلى مر التاريخ هى التى احتضنت المعارضة السودانية التى ظلت تناضل ضد الانظمة الدكتاتورية فى كل الحقب وان كثير من هذه القيادات وفرت لها مصر الاقامة دون ان تتخذ اجراءات تقيد حركتها سيما فى فترة الصراع مع نظام الانقاذ (2) هذا الانطباع الذى ساد وسط القطاع الاعرض من السودانيين يتغافل عن حقائق هامة متصلة بشكل بنية النظام السياسي المصرى منذ ثورة يونيو 1952 والذى يشكله الموقع الجغرافى لمصر والذى فى تقديرنا انه لن تطرأ عليها اى تغييرات فى اتجاه اى نوع من اشكال الديمقراطية التى الفها وعرفها السودان حتى تخشى مصر من انتقال عدواه اليها فنظامها وليد بيئتها داخليا وخارجيا (3)تتغافل تلك الصورة النمطية عن حقائق الجغرافيا مثلما تقفز فوق حقائق التاريخ فالسودان يظل العمق الامنى بمعناه المطلق لمصر فى حدودها الجنوبية وهو معطى اساسي فى تشكيل الموقف المصرى من الانظمة السياسية فى السودان صرف النظر عن طبيعتها صحيح ان الدولة المصرية فى علاقتها مع بلادنا ارتكبت اخطاء جسيمة كلفتنا كثيرا واننا ننتقد كثير من المواقف المصرية بيد ان الموضوعية تجعلنا نقر كذلك بمواقف تاريخية فى السياق ينبغى على النخب فى الدولتين التاسيس لعلاقة طبيعية تقوم على الندية والمصلحة المتبادلة فى عالم يمور بالتحولات الكبرى. لنخرج ببلدينا من ثنائية الارث التاريخى ما بين الاتحاد مع مصر والسودان للسودانيين وذاكرة اغراق حلفا وضرب الجزيرة ابا ومحاولة اغتيال مبارك اذن ليس سليما الركون للصورة النمطية كمحددات للتعاطى مع المبادرة المصرية التى تهدف لتوسيع قاعدة الاتفاق الاطارى وانه ينبغى البحث عن الاسباب الاساسية التى حدت بمصر لتقديمها . فى التقدير واستنادا على ما اشرنا اليه حول الدور الاقليمى فى الاتفاق انطلاقا من العامل الاقتصادى ينبغى ان نقرأ المبادرة المصرية . اذا كان تنازع الارادات الاقليمى بين دوله يلقى بظلاله على المشهد فينبغى ان ننطلق فى موقفنا من المصلحة العليا لبلادنا دون اغفال لمصالح هذه الدول . الشاهد ان الحلف الذى رعى الاتفاق وانجز التوقيع عليه شكلت دولة خليجية ووفقا لشواهد الضلع الاساسي فيه باعتبار تحالفها الوثيق والمعلوم مع اطراف اساسية فيه وهذا قطعا هو الذى جعل الاتفاق اعرجا يقف على ساق واحدة لذلك لا نعتقد انه سيكتب له النجاح الا حال تمت عملية اعادة صياغة كاملة بحيث تتوسع قاعدته الداخلية وكذلك الاقليمية السؤال ما الذى يجعلنا كشعب نركن لحلف ترعاه دولة لا ترتبط بحدود جغرافية مع بلادنا وتنطلق من رؤية اقتصادية ونقبل ابعاد دولة تربطنا معها حقائق التاريخ والجغرافيا ويمثل كلانا عمقا امنيا للاخر؟ اننا نقول وبلا مواربة واستنادا على الحقائق الجغرافية ان مصر الدولة الوحيدة فى المحيط التى تحرص على الامن القومى لنا ولا تسمح باى شكل من اشكال الانهيار للدولة ولا نجد اى سببا منطقيا يجعلنا نرهن مصيرنا لتحالف تقول الحقائق انه لا يستند الى رؤية كلية وليس مؤهلا لانتاج مشروع وطنى ويغلق الباب امام امكانية حصول اجماع والتفاف حول الاطارى حجة عدم اغراق العملية السياسية والحقيقة التى لا تخفى انه انما يكرس لسيطرة دولة ارتبطت سياساتها فى تاريخنا القريب والذى لا زلنا نعيشه بمشروع الفوضى الخلاقة ودعم اذرعها من الياتها من التشكيلات العسكرية الموازية للجيوش الوطنية ان الصورة الزائفة التى تصنعها القنوات الفضائية خدمة لاستراتيجيات دولها لن تستطيع حجب الحقيقة دعك عن قلبها قدمت مصر مبادرتها والتى يزعم وكلاء المحور انما اتت لافساد الاتفاق الاطارى وقطع الطريق على الانتقال واكمال اهداف الثورة وكأن مصر لم تكن موجودة اصلا فى قلب تحالف قوى الحرية والتغيير مصر ظلت حاضرة فى المشهد بكل ثقلها ولن تبتعد عنه وهى لم تطرح رؤية كما فعلت اطراف اخرى بل دعت لحوار سودانى سودانى ولا نرى اى مبرر لرفض دعوتها صحيح ان البيئة الاقليمية بكافة تقاطعاتها رهينة السياسة الدولية وميزان القوى فيها لكن هذا ايضا لا يمنعنا من اتخاذ مواقفنا وفقا لمصلحة بلادنا ان احسنا ادارة ملف الثروات والموارد التى تذخر بها بلادنا ان توسيع قاعدة الاتفاق الاطارى ليس مطلبا مصريا بل هو مطلب لقطاع واسع من الفاعلين السياسيين ولا نرى ان الاتفاق ان اطاريا بحق ينبغى ان يكون مقتصرا على الذين صاغوه فهم لا يمثلون الا انفسهم ولا يمثل الاتفاق الا رؤيتهم وهو ليس نصا مقدسا بل ولا يخلو من عيوب اكبر من ثقوب الوثيقة الدستورية ينبغى ان يدرك المجلس المركزى ان العملية السياسية ليست حكرا على رؤيته بل تتجاوزها لاخرى حتى فى اطار قبول الحوار كاساس لها دعك عن قطاع عريض من قوى الثورة الحية لا يؤمن بالحوار اصلا كوسيلة لاسترداد السلطة من العسكر . حتى توسيع قاعدة الاتفاق ليست هى الشرط الوجوبى لنجاحه بل هو مناقشة قضايا تاسيس الدولة التى علقها الاتفاق وركز على هياكل الحكم ان ما يعزز من فرص الاتفاق الاطارى هو بلا شك توسيع قاعدته الجماهيرية عند الذين قبلوا بالحوار ومناقشة القضايا الرئيسية بمشاركة اصحاب المصلحة الحقيقيين بلا تمييز بينهم ينبغى ان يستفيد رعاة الاتفاق من دروس التاريخى وان يعلموا يقينا ان تجاوز الفاعلين الحقيقيين على الارض واستبدالهم بمجموعات مصطنعة لن يحل القضية ولتدرك ان دون نهب موارد البلاد خرط القتاد وليكونوا على ثقة انهم لن يجدوا "اوبشار" ورفاقه فقط فى حراسة البوابة الشرقية بل سيكون الى جانبه شعبنا بكافة اطيافه وان تخضب بحر القلزم بالاحمر القانى فهذه البلاد تخصنا. شعب البجا قادر على تجاوز ترف الخلافات السياسية عندما يتعلق الامر بقضايا الوطن وسيادته ان الظرف التاريخى الذى تمر به البلاد يوجب على القوى الديمقراطية الاحتشاد والاصطفاف تجاوز ترف الخلافات النظرية وتشكيل جبهة عريضة من انصار العقل التاسيسي لمقاومة تيار العقل السلطوى الذى يقوده المجلس المركزى على رعاة الاتفاق بما فى ذلك البعثة الاممية ادراك ان الشعب السودانى لم يفوض احدا وفق ما هو متعارف عليه من اليات لينوب عنه فى تحديد شكل الدولة ورسم ملامحها وان تلك الجرأة التى تجعل قلة تنصب نفسها (الفة) يحدد قوائم المهرجلين لتسلمها للسيد فولكر ليحدد من بينها *المفسدين" ستنتهى بانتهاء مراسم دفن الانفاق ولا عزاء لا لبعثته ولا للطامعين فى نهب ثروات بلادنا.