مراجعة اتفاق سلام جوبا ربما يكون هو الكرت الرابح في أيادي المجلس المركزي يلوح به في مواجهة الرافضين للاتفاق الإطاري من قبل حركات قوى الكفاح المسلح، كلما سنحت الفرصة بذلك في مقابل الوعيد والتهديد الذي تتمسك به الحركات في ممانعته إلى أي خطوة تفضي إلى فتح الاتفاق بالجرح أو التعديل. وبالأمس جدد الناطق الرسمي باسم قوى الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية نائب الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة، محمد زكريا، رفضهم القاطع بالمساس بالاتفاق سواء بإلغائه، أو حتى تعديله، مشيراً أن ذلك من شأنه أن يزعزع وحدة البلاد، ويُهدد الاستقرار الأمني، إلى جانب نسف الاستقرار السياسي. وشدّد، في تصريحات ل"عربي21′′، على رفض الحركة الكامل والصريح لأي "دعوات تسعى للنيل من اتفاق جوبا للسلام بأي صورة من الصور."وأضاف: "يجب ألا نسمح بمناقشة تلك الدعاوى الواهية، والتي نرفضها تماماً بقوة السلام". ووصف اتفاق جوبا بأنه "من أفضل الاتفاقات التي شهدها السودان، وتطبيقه سيكون له آثار إيجابية عظيمة جداً". وأوضح زكريا أن "الاتفاق المُدعى عليه لم يُنفذ حتى 10% من بنوده إلى الآن، داعياً إلى المضي نحو تنفيذ الاتفاق ثم البحث عن أوجه القصور لاستكمالها. تكريث المحاصصات وعلى خلفية تفاقم المطالبات بمراجعة الاتفاق على خلفية توالي تعقيداته في الساحة في ظل الاستقطابات الحادة لقوى الكفاح المسلح، من بين طرفي المعادلة السياسية في البلاد من عسكر ومدنيين، فإن نتيجة لتلك الاستقطابات فإن الوضع من شأنه أن يفضي إلى بركان ربما ينفجر في أي لحظة، وإن كان خبراء ومراقبون يرون أن تصريحات منسوبي الحركات حول مراجعة الاتفاق ماهي إلا محاولات للمحافظة علي المكاسب التي حصدوها من خلف الاتفاقية. وفي ذات السياق يشير القيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار أن اتفاقية جوبا للسلام تعد واحدة من مشاكل الفترة الانتقالية، وأن الحزب الشيوعي قال من قبل التوقيع على هذه الاتفاقية إن عملية السلام اختطفها المجلس السيادي وشكل المجلس الأعلى للسلام ملف السلام حسب الوثيقة الدستورية، موضحاَ أن اتفاقية جوبا للسلام هي في الأساس اتفاقية محاصصات وتقسيم المناصب بين الموقعين عليها. وأكد كرار أن هذه الاتفاقية غيبت جميع المتضررين من الحرب (النازحين- واللاجئين) وفتح الاتفاق قضايا خارج إطار الحرب مثل مسار الوسط ومسار الشرق والشمال، مشيراَ إلى أن الاتفاق سيخلف الكثير من المشاكل ولا يعمل على تحقيق السلام إطلاقاَ بل سيشعل المزيد من النزاعات وهذا ما حدث الان تماماَ. وأشار إلى أن القوى الموقعة على الاتفاق مؤيدة للانقلاب وشكلت له حاضنة سياسية من قبل أن يقع الانقلاب نفسه، وبالتالي هم جزء لا يتجزأ من الانقلاب، مبيناً أن القوى الثورة الآن تطالب بإلغاء الاتفاقية. وتابع بالقول إلغاء الاتفاقية في تقديري مطلب عادل وأن السلام الحقيقي يكون بالمتضررين من الحروب، لافتاً إلى أن اتفاقية السلام حققت للموقعين الكثير من المكاسب، وهم رافضون المساس لاتفاقية جوبا للسلام لكي لا يفقدوا هذه المكاسب. مصير الاتفاق وفي ذات الإطار قال القيادي بالحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية محمد السماني في الفترة الماضية ظهر الكثير من القيادات والتنظيمات، تحدثوا عن اتفاق جوب للسلام وعن المصير الذي سيلقى به من تعديل أو تقويمه أو مختلف المسميات المطروحة السياسية. ولكن في اعتقادي أنه أي شخص تحدث عن الاتفاق أو تعديله في اعتقادي أنه لم تكن لديه رؤية أو استراتيجية شاملة، على أن يكون هناك سلام مستدام للدولة السودانية. وحث السماني الجميع إذا أرادوا أن يحققوا تحولاً ديمقراطياً حقيقياً أن يحافظ على مكتسبات اتفاقية السلام ومن ثم يبقى ما تبقى بها لأن هناك أطرافاً خارج العملية السلمية، وأبرزهم عبدالواحد محمد نور وحركة عبدالعزيز الحلو بالإضافة إلى القائد منصور أرباب ومولانا إبراهيم تاج الدين، وكل هؤلاء القادة هم خارج أطراف العملية السلمية وهم الآن يراقبون المشهد السوداني بصفة لصيقة حتى يكونوا ملمين بماذا سيحدث بهذا الاتفاق وما هو مصيره. وقال إن أي عملية تمس بالاتفاق ستعمل على تأزيم المشهد السياسي من جديد في الحركات المنضوية تحت أطراف العملية السلمية، وذلك سيعمل على عدم تحفيز الأطراف التي هي خارج المنظومة .وختم السماني إذا أرادت جميع القوى أن تحقق سلاماً عليها أن تبحث عن إكمال ملف السلام ومعالجة الخلل الموجود وتنفيذ الاتفاق، لكي يكون هناك تحول ديمقراطي حقيقي دون أن تكون هناك أي نزاعات في أطراف البلاد. وأعتقد إذا كان هناك طريق آخر فلن يكون هناك أي وسيلة لتحقيق السلام . توازن القوى من جانبه قال المحلل السياسي محي الدين محمد محي الدين الموقف من اتفاقية جوبا للسلام لديه بعدان البعد الأول هو مراجعة الاتفاق بدون أن يكونوا جزءاً من التسوية السياسية المعروفة بالاتفاق الإطاري، وهذا كأنه تجاوز للحركات، والأمر الآخر وهو أن اتفاق سلام جوبا فيه عدد من الأطراف بعضها موقعة مع الحرية والتغيير المجلس المركزي في الاتفاق الإطاري، ويعتبروا هم حلفاء المجلس المركزي فأي تغيير لاتفاقية جوبا في وجود بعض أطرافها وغياب الآخرين، سوف يخل بتوازن القوى وبالتالي سيعمل على زعزعة الاستقرار لأنه سيحدث اختلالاً في تطبيق الاتفاق. ولفت محي الدين من الأسباب التي تجعل الحركات ترفض هذا الاتفاق وتعديله هو أن الاتفاق نص على تعديله من قبل الأطراف الموقعة عليه، وأن الحرية والتغيير ليست طرفاَ في هذا الاتفاق، وأضاف "فتح الاتفاق للمناقشة السياسية دون توافق مع القوى الموقعة عليه يخل بهذا الاتفاق وتجلب حالة من عدم الرضى، ربما تؤدي إلى عدم الاستقرار. وأرجع رفض العدل والمساواة للمساس بالاتفاق لأنها تريد أن تنضم إلى الاتفاق الإطاري ولكن على أساس الكتلة الديمقراطية بأكملها، والحرية والتغيير ككتلة ترفض دخول كتلة أخرى وهذه مسألة تخلق حالة بالإحساس بالظلم. الحراك السياسي