بعد قطيعة امتدت لاكثر من عام وصل رئيس الوزراء الاثيوبي ابي احمد البلاد اليوم الخميس في زيارة تحمل في جندها مناقشة عدد من القضايا المتعلقة بين البلدان على رأسها قضيتي الحدود وسد النهضة؛ فضلا عن محاولة إثيوبيا استعادة دورها في احداث توافق في السودان من خلال مناقشته للعملية السياسية الجارية الان ولقائه عدد من القوى السياسية. وتاتي زيارة ابي احمد في اطار التحول الايجابي للعلاقات بين البلدين واستعادة صفوها للحفاظ على علاقات هادئة ومستقرة كمطلب ضروري للبلدين والشعبين معا. تساؤلات ترأت حول توقيت الزيارة وإمكانية الرجل تحريك جمود الملفات العالقة ومقدرته على تقريب وجهات النظر بين الأطراف السودانية؛ عقب دعوته للاسراع في إكمال العملية السياسية و تأكيده على ضرورة ان يكون الحل سودانيا؛ فهل اراد ابي احمد بتصريحاته قطع الطريق أمام القاهرة؟ ام وضع رسالة في بريد الفرقاء السودانيين للتوافق اسوة بما حدث ببلاده؟ تنافس جملة من التعقيدات والتحديات تلك التي تمر بها العملية السياسية في إطار وجود رافضين وممانعين لها؛ في وقت ظل فيه الموقف بين الكتلة الديموقراطية والحرية والتغيير على جموده رغم الكثير من الوساطات ومحاولات الإقناع لإنضمام المستهدفين من الكتلة وهما كل من رئيس حركة العدل والمساواة د. جبريل ابراهيم وقائد حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي. هذه التعقيدات جعلت رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان يسحب وساطته التي تهدف إلى تقريب جهات النظر بين المجلس المركزي و الكتلة الديموقراطية؛ وإبلاغ الاخيرة تمسك الحرية والتغيير بطرحها للتعامل مع المجموعة كتنظيمات منفردة وليس كتحالف. وفي ظل حالة الجمود هذه وزيارة رئيس الوزراء الاثيوبي يرى مراقبين إمكانية الرجل في تجسير الهوة؛ غير ان البعض الآخر يرى ان الزيارة تأتي في اطار التنافس المصري الاثيوبي على السودان فقط؛ وذلك من خلال الحراك المصري الاخير في الخرطوم بزيارة مدير المخابرات المصري ووزير الري الايام الماضية؛ فضلا عن دعوة القاهرة لاقامة ورش مطلع فبراير المقبل لتقريب المسافة بين قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي و الكتلة الديموقراطية للوصول إلى تفاهمات بشأن العملية السياسية في البلاد. صعوبات المحلل السياسي عبد الرحمن ابوخريس يرى انه من الصعوبة بمكان على رئيس الوزراء الاثيوبي ابي احمد احداث اختراق في العملية السياسية الماضية الان ومحاولة إقناع الحرية والتغيير المجلس المركزي الجلوس للكتلة الديمقراطية ما جعله الاكتفاء بالترحيب والتأكيد على ضرورة الحل السوداني. ويشير ابو خريس ل "الراكوبة" إلى بعد ابي احمد عن الملف السياسي في السودان؛ فضلا عن ان توقيت الزيارة المتأخر بالإضافة إلى ان كل الناشطين والفاعلين السياسيين القريبين منه وعلى رأسهم رئيس الوزراء السابق د. عبد الله حمدوك خارج المشهد الان ما جعله من الصعوبة بمكان احداث اختراق. ويتابع : من الصعب لأبي احمد ان يجد اذن صاغية الآن؛ ولذلك هي زيارة في إطار التنافس المصري الاثيوبي ومحاولة منه للحد من التدخل المصري في الشأن السوداني لان نجاح المصريين في تحريك العملية السياسية من الممكن أن يكون خصم عليه ورسالة للفرقاء. ترحيب ودعوة ودعا رئيس الوزراء الإثيوبي خلال لقائه وفد المجلس المركزي للحرية والتغيير إلى الإسراع في إكمال العملية السياسية لإخراج السودان من الأزمة مرحبا بالزيارة المرتقبة لوفد الحرية والتغيير لإثيوبيا؛ وهو ما عده متابعين للمشهد السياسي دعم منه للاتفاق الإطاري وتاكيد على موقفه حياله. في مقابل ذلك تناول خلال اجتماعه مع الكتلة الديموقراطية الوضع الراهن في البلاد مؤكدا لهم ان الحلول ليست في يد الخارج وإنما عند السودانين أنفسهم؛ و ينبغي عليهم توحيد أنفسهم من أجل تحقيق الوفاق الوطني الشامل. تصريحات ابي احمد للكتلة يراها متابعين رسالة في بريد القاهرة الداعية لورش لتقريب وجهات النظر بين أطراف الازمة واعتبروها محاولة منه لقطع الطريق أمام المصريين؛ وايضا تحفيز للفرقاء بان التوافق لن يحدث الا من الداخل تاسيا بما جرى في بلاده عندما رفض وساطة رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك وعقد صلح لاحقا من التقراي الا ان د جبريل في تنوير عقب اللقاء اكد أنه من الضرورة بمكان ان يكون هنالك وفاق وطني شامل يجمع شمل أهل السودان مشيرا إلى احتياجهم لمساعدة الآخرين ولكن يجب أن يكون القرار والحل للأزمة سودانيا خالصا. زيارة تضامنية في السياق رفض الصحفي والمحلل السياسي عبد الله آدم خاطر وضع زيارة رئيس الوزراء الاثيوبي ابي احمد البلاد اليوم في إطار التنافس المصري الاثيوبي على البلاد. ورأى خلال حديثه ل " الراكوبة" أن الزيارة تأتي في اطار التضامن مع الشعب السوداني في تحقيقه الجزء الاكبر من العملية الديمقراطية في البلاد. وقال: الزيارة جاءت في وقتها والسودان واثيوبيا تعتبران دولتان أفريقيتان موثرتان وبينهما تعاون كبير؛ ولذلك لا أعتقد انها تاتي في إطار التنافس مع مصر.