كمال كرار في مثل هذه الأيام قبل أربع سنوات، كان اعتصام القيادة العامة هو بؤرة الثورة وشعلتها المضيئة، ورمز انتصارها على الديكتاتورية. واعتصام القيادة امتد لاعتصامات أخرى في مدن عديدة بالسودان، ومن داخلها كانت تتشكل ملامح الدولة المدنية الديمقراطية والحرية والسلام والعدالة. فموكب 6 أبريل 2019 جسّد معنى المقاومة والبطولة حين اكتسح الثوار أرتال القوات المدججة بالسلاح، ببسالة منقطعة النظير… ولما كانت الثورة المنطلقة تدك حصون الانقاذ المبادة عبر شلالات الدم كانت بعض القوى السياسية تعزف على وتر المساومة مع الانقاذ عبر وساطات وتدخلات أجنبية، يجتمعون في باريس وبرلين وأديس أبابا والدوحة لبحث كيفية المشاركة في السلطة مع المخلوع البشير فيما يسمى بخارطة الطريق الأفريقية. وكيما تمر تلك التسوية كانوا يمارسون التخذيل. وحتى لا يكون الكلام تلميحًا فإن المؤتمر السوداني وحزب الأمة والجبهة الثورية وكل ما كان يعرف بنداء السودان آنذاك كانوا منخرطين في تلك التسوية اللعينة ويروجون في منابرهم للمشاركة في انتخابات مايو 2020. لماذا؟ لأن مصالحهم في النهاية واحدة، وهي تتناقض مع أهداف الثورة، ولأن السلطة هي هدفهم الوحيد ولو كانت على حساب دماء الشهداء. وعندما نجحت الثورة في الإطاحة بحكومة المؤتمر الوطني ورئيسه ومؤسساته، هرولوا نحو الوثيقة الدستورية والشراكة مع العسكر. وباعوا دماء المئات ممن استشهدوا في القيادة العامة بالمناصب، وتآمروا مع القتلة كيلا يصل التحقيق في المجزرة إلى أي نتيجة. وتآمروا من أجل تعطيل قيام المجلس التشريعي، وتآمروا وقسموا تجمع المهنيين، وتآمروا لتفتيت لجان المقاومة، وتآمروا ضد تكوين النقابات، وتآمروا وتآمروا. ولأن حرفتهم التآمر فهم الآن يضعون اللمسات الأخيرة للمساومة التي تسمى الاتفاق الإطاري، وكلهم منخرطون فيها موز وطحنية وجزمة أو كبسة سعودية، يختلفون الآن على توزيع الوزارات والمناصب، وينسقون مع المخابرات الأجنبية لإنتاج حكومة عميلة بالمشاركة مع الجنرالات لتصفية الثورة.. وفي غمرة هذه الدغمسات لا يدركون أن هذه الثورة لا تنهزم، وإن القوى الثورية ستنتصر عليهم جميعا، وسيبقي السودان وطن الحرية والسلام والعدالة لا وطن الخيانة والتبعية. وماشين في السكة نمد. وأي كوز مالو؟ الميدان