ما يطلق عليه اسم "المجتمع الدولي"، أي عصابة الخمسة الكبار التي منحت نفسها مقعدا دائما ودكتاتورية الفيتو في مجلس الأمن (أمريكا، روسيا، الصين، بريطانيا وفرنسا)، تتقاسم المسؤولية حول ما يجري اليوم في السودان من اقتتال متوحش بين جيش البشير ومليشياته، يؤدي ثمنه المدنيون. في يوم 30 يوليو 2004، اعتمد مجلس الأمن القرار 1556 الذي حَمَّل مليشيات الجنجويد مسؤولية الفظاعات التي ارتكبها جيش البشير ومليشياته ضد القبائل غير العربية، ومنح المجلس الحكومة السودانية 30 يوما لنزع سلاح الجنجويد وتسريحهم ومحاسبة قادتهم. لكن البشير تجاهل القرار بكل أريحية لأنه كان يدرك أن المجلس لم يكن جادا في طلبه، وأن الصينوروسيا توفران له الحماية اللازمة لارتكاب المزيد من الجرائم بأمر منه، باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة السودانية. وبدلا من تسريح الجنجويد ونزع سلاحهم، استمر في تجنيدهم، ومدّهم بأسلحة ثقيلة، وبذل جديدة، وأسماء جديدة، وعربات الدفع الرباعي الخفيفة. أغدق عليهم أموال الشعب وأدمج عددا كبيرا من الجنجويد في مليشيات جديدة أعلن ميلادها في صيف 2013 بسنّه قانون "قوات الدعم السريع"، سلاح الدمار الشامل، التي سيجعلها لاحقا تابعة له بشكل مباشر. في غضون 2013 أيضا سخر البشير حميدتي للقضاء على موسى هلال بعد أن أصبح الأخير يتحدى سلطته ويعصي أوامره. قضى حميدتي على ابن عمه واستولى على ذهب جبل عامر، وبدأ تاجر الإبل ينظر إلى قمة هرم السلطة في الخرطوم. كل هذا ومجلس الأمن يتفرج على انتهاك قراراته الكاذبة، مثلما هو يتفرج اليوم على آخر فصول جرائم رجال البشير وهم يتناحرون حول الاستفراد بحكم السودان بالنار والحديد، على جثت السودانيين. لنتذكر إذن أنه لو سهر المجلس على تطبيق القرار 1556 لما بلغت الأمور حد الحرب الأهلية التي تدق أبواب السودان اليوم. * كاتبة وإعلامية مغربية، ناطقة سابقة باسم بعثة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور وحائزة على جائزة رايدنهاور الأمريكية لكاشفي الحقيقة لسنة 2015.