ما من جيش في العالم دخل حرب صغيرة او كبيرة الا وسبقتها بفترة طويلة استعدادات هائلة وكبيرة قد تمتد لسنوات وسنوات كما حدث- على سبيل المثال- في زمن حكم الفوهرر الالماني/ ادولف هتلر الذي قرر احتلال بولندا ومن بعدها دول الجوار الالماني فجهز جيش قوامه (18) مليون جندي خاض بهم حرب ضروس امتدت من عام 1939م وانتهت في 9/ مايو 1945م ، لم نسمع او قرأنا انه كان هناك جيش في دولة ما قررت خوض حرب دون استعدادات او تجهيزات مسبقة. الحرب التي يخوضها اليوم الجيش السوداني ضد قوات "الدعم السريع" ودخلت يومها العشرين ، تؤكد كل الشواهد والادلة الثابتة علي ان الجيش لم يكن مجهز لها تجهيز كافي ، ولا مستعد لخوضها باي حال من الاحوال ، ولم يسبق له قبل الدخول بمعركة السبت 15/ أبريل ان أعد خطة حربية كاملة التفاصيل شديدة الدقة منعا لوجود سلبيات قد تؤدي الي خسائر وضياع ارواح. اكبر خطأ ارتكبه الجيش قبل الدخول في الحرب ، انه لم يؤمن بصورة قوية المناطق الهامة في العاصمة المثلثة ولم يضع قوات لحماية الجسور والوزارات والسفارات الاجنبية، بل حتي مطار مروي والخرطوم ومبنى الإذاعة والتلفزيون والمستشفيات ومحطات الكهرباء والمياة كلها خلت تماما من الحماية!!… بل والاغرب من كل هذا ، ان الجيش لم يقم بتأمين القصر الجمهوري رمز الدولة ، الذي تحتله الآن قوات الدعم السريع!! . تعرضت سفارات اجنبية ومقرات دبلوماسية في الخرطوم للنهب المسلح ، وتعرض بعض الدبلوماسيين لاعتداءات بالسلاح وتهديدات من قبل ملثمين مسلحين استطاعوا ان ينهبوا الكثير مما في هذه المقرات ، ولم تسلم حتي العربات الدبلوماسية من المصادرة. وهنا نطرح السؤال الذي يخجل قادة الجيش من الاجابة عليه "لماذا قبل الدخول في الحرب تركتم السفراء والدبلوماسيين بدون حماية أمنية حتي ولو بنسبة (1%)؟!!، لماذا تجاهلتم حماية السفارات والمقرات الدبلوماسية ، وهي حماية واجبة التنفيذ علي كل الحكومات بحسب ما هومتفق عليه بين الدول ، وبحسب الاتفاقيات الدولية وما هو منصوص عليه في القانون الدولي؟!! . السؤال المطروح بشدة الان في السودان : هل كان قرار البرهان الدخول في حرب ضد قوات "الدعم السريع" قد تم دون اخطار مسبق لقادة الجيش وكبار الضباط بوقت كافي تجهيزات واستعدادات قصوى ، وتم ابلاغهم بالحرب في يوم الجمعة 14/ أبريل الماضي -أي قبل 24 ساعة من بدء الحرب- ؟!! . لم يعد يخفي علي احد ، ان الجنرال/ البرهان عندما قرر شن حرب ضد عدوه اللدود "حميدتي"، اتخذ قراره بمفرده دون الرجوع الي اي جهة عسكرية اخري ، تماما كما قام من قبل بانقلاب اكتوبر 2021م دون ان يخطر احد من جنرالات الجيش ، بل ولا اخطر حتي "حميدتي" نائبه في العسكرية!! . البرهان تجاهل تمامآ عن قصد وعمد وجود مؤسسة عسكرية بها قادة عسكريين وجنرالات ومستشارين واستخبارات عسكرية ، وقام باتخاذ قرار الحرب دون استشارتهم ، البرهان كان يظن انها حرب خاطفة وسريعة تنهي وجود "الدعم السريع" خلال ساعات ان لم تكن دقائق ، ولكن فات عليه ، ان الاستخبارات العسكرية التابعة لقوات "الدعم السريع" كانت علي علم مسبق بنيته الدخول في حرب ضدها، استخبارات "حميدتي" اليقظة كانت قد رصدت الاتصالات التي قام بها البرهان مع عدة رؤساء عرب قبل إعلان الحرب، هذه الاتصالات المريبة هي التي عجلت بالحرب ، وفي نفس الوقت هي التي رفعت حالة الاستنفار داخل "الدعم السريع" وسارعت بتقوية مواقعها العسكرية في مناطق كثيرة. كلنا يعرف من خلال الممارسات اليومية ، ان أي فريق كرة قدم قبل ان يلعب مع فريق اخر ، فانه يقوم باستعدادات كبيرة قبل خوض المبارة ، ومن اجل الاستعداد للمباراة القادمة ، فإن الفريق الكروي عادة ما يقيم في معسكر مغلق بعيد عن العيون، ويجري تدريبات يومية مكثفة تحت قيادة مدرب واعي عنده خبرة ودراية بقوانين وأصول اللعبة … حال الجيش اليوم وهو يخوض الحرب اشبه بفريق يلعب في "الليغا" درجة ثالثة ، بدون استعداد تام ولياقة ضعيفة وفاقد الفن والتكتيك!! . يكمن الحل في استعادة الجيش قوته ومكانته القديمة التي ولت وضاعت ، والخروج من ورطته الحالية ان يتم على وجه السرعة تغيير كابتن الجيش الفاشل ومن معه من جنرالات هم اصل البلاء المحن. واخيرآ، سؤال موجه الي القياديين العسكريين في القوات المسلحة: حرب 15/ ابريل- رمضان 2023م : هل كان الجيش على استعداد كامل لها؟!! .