اولآ: من هو فاغنر؟!! 1- اسمه الأصلي: يفغيني بريغوزين، روسي الجنسية، ويبلغ من العمر (62) عام، يشتهر بامتلاكه شركات تموين ومطاعم وتوفير الطعام والشراب للمناسبات الرسمية في الكرملين. ينحدر كل من بريغوزين وبوتين من مدينة سان بطرسبرغ، ثاني أكبر مدن روسيا، وتعود علاقتهما ربما إلى التسعينيات من القرن الماضي، عندما كان بوتين يعمل في مكتب عمدة سان بطرسبرغ، وكان يتردد حينها على مطعم بريغوزين الذي كان يحظى بشعبية بين المسؤولين المحليين. ازدهرت أعمال بريغوجين في مجال الإطعام وتوسعت بعد إبرام عقود مع الجهات الحكومية مثل المدارس ورياض الأطفال وفي النهاية مع الجيش، إذ وصلت قيمة هذه العقود إلى أكثر من 3 مليارات دولار، وفقا لتحقيق أجرته مؤسسة مكافحة الفساد التي أسسها السياسي المعارض الروسي أليكسي نافالني. 2- (أ)- في عام 2010 ربطت عدة تحقيقات صحفية بريغوجين بوحدة معلومات مضللة تعرف باسم "مصنع ترول" في سانت بطرسبرغ. وذكرت الأخبار أن المصنع ينتج مواداً وينشرها عبر الإنترنت بهدف تشويه سمعة المعارضة السياسية الروسية وتلميع صورة الكرملين من جهة أخرى. (ب)- وفقا لتحقيق أجراه لاحقاً المستشار الخاص روبرت مولر في عام 2016 كان مصنع الترول جزءاً من محاولة روسية للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. ونفى حينها بريغوجين وجود صلات له بالمصنع. لكن في نوفمبر من العام الماضي حينما كانت انتخابات التجديد النصفي في الولاياتالمتحدة جارية، اعترف بمحاولات التأثير على السياسة الأمريكية. وقال بريغوجين في بيان نشره مكتبه الصحفي: "لقد تدخلنا (في الانتخابات الأمريكية) ومستمرون بذلك، وسنواصل التدخل. سنقوم بذلك بعناية ودقة ومهارة وبطريقتنا الخاصة ونعرف كيف نقوم بذلك". وأضاف بريغوزين "من خلال عملياتنا الدقيقة سنزيل الكلى والكبد في آن واحد" متباهياً بقدرة روسيا في هذا المجال. 3- (أ)- لسنوات عديدة نفى بريغوجين صلاته بمجموعة المرتزقة العسكرية "فاغنر"، بل رفع دعوى قضائية ضد الصحفيين الذين زعموا أنه أسسها. (ب)- ظهرت "فاغنر" لأول مرة في شرق أوكرانيا في عام 2014، حيث ساعدت الانفصاليين المدعومين من روسيا في السيطرة على الأراضي الأوكرانية وفي إنشاء جمهوريتين منفصلتين في منطقتي دونيتسك ولوغانسك. (ج)- ومنذ عام 2014 شاركت "فاغنر" في العديد من الصراعات في جميع أنحاء العالم، ولا سيما في سوريا وفي العديد من البلدان في أفريقيا. ويقال إن المجموعة تشارك في الأعمال العسكرية في عدد من الدول التي تشهد صراعات داخلية، مقابل الوصول إلى الموارد الطبيعية فيها. (د)- فعلى سبيل المثال ذُكر أن عناصر المجموعة تحرس حقول النفط التي تسيطر عليها الحكومة السورية، مقابل الحصول على نسبة من عائدات الحقل. (ه)- في ليبيا قاتلت "فاغنر" إلى جانب الجنرال خليفة حفتر عندما حاول الأخير الإطاحة بالحكومة المدعومة من الأممالمتحدة، وتم تمويل المرتزقة من الدخل الناتج عن صناعة النفط في البلاد. (و)- في جمهورية أفريقيا الوسطى، تقف المجموعة إلى جانب الحكومة الحالية في مواجهة المسلحين الإسلاميين المتشددين. 4- (أ)- في سبتمبر من العام الماضي 2022 وبعد ستة أشهر من الغزو الروسي لأوكرانيا اعترف بريغوزين فجأة أنه أسس مجموعة "فاغنر"، بعد أثبتت أنها واحدة من أكثر الوحدات الروسية فعالية في الحرب. (ب)- قال بريغوزين عبر بيان أصدره مكتبه الصحفي الذي أكد ذلك البيان لرويترز أيضاً:""قمت بتنظيف الأسلحة القديمة بنفسي، وقمت بفرز السترات الواقية من الرصاص شخصياً ووظفت متخصصين يمكنهم مساعدتي في ذلك. كان ذلك في 1 مايو 2014، حينها ولدت مجموعة وطنية وهي التي أصبحت فيما بعد تسمى كتيبة فاغنر". (ج)- ويقول خبراء عسكريون لبي بي سي إن الأسلحة المتطورة التي استخدمها مقاتلو "فاغنر" في ليبيا غير متوفرة في سوق الأسلحة ولا يمكن الحصول عليها إلا من خلال اتصالات حكومية على أعلى المستويات 5- (أ)- في وقت لاحق، قام بريغوجين بجولة على السجون الروسية لتجنيد السجناء المحكومين للقتال في أوكرانيا ومن المستبعد القيام بمثل هذا الخطوة بدون موافقة الجهات العليا في الدولة. وشجع بريغوزين السجناء على الانضمام للقتال قائلا إن المجتمع يحترمهم وحذرهم من ارتكاب جرائم جديدة مثل الاغتصاب، قائلاً : "لا تشربوا الكحول، لا يتعاطون المخدرات، لا تغتصبوا.. يكونوا منضبطين". (ب)- وعد السجناء بأنهم سينشرون في الخطوط الأمامية لمدة ستة أشهر وبعدها سيكونون أحراراً للعودة إلى ديارهم و سجلات جنائية نظيفة. في الآونة الأخيرة عاد سجين سابق أدين بتهمة القتل إلى بيته بعدأن أمضى ستة أشهر في القتال. ويقول الجيش الأوكراني إن فاغنر تستخدم عناصرها كوقود حرب وأن عدداً كبيراً من مقاتليها قتلوا وخاصة في المعارك الضارية التي تدور حول مدينتي سوليدير وبالموت شرقي أوكرانيا. 6- من الناحية الرسمية ليس لبريغوزين أي منصب رسمي في المؤسسة الرسمية الروسية، ورغم ذلك من الواضح أنه يتمتع بنفوذ وتأثير كبيرين. 7- بريغوزين من الموالين بشدة للرئيس بوتين وهو أحد الأصوات القليلة البارزة التي أعربت عن عدم الرضا عن أداء قيادة الجيش الروسي في أوكرانيا. وقف إلى جانب الزعيم الشيشاني رمضان قديروف في انتقاد ألكسندر لابين، أحد كبار الجنرالات الروس، وسخر منه إخفاقاته في أوكرانيا. وقال قديروف إنه يجب خفض رتبة لابين إلى جندي وإرساله إلى الخطوط الأمامية. وأشاد بريغوجين بصراحة قديروف، قائلاً: "رمضان: أنت في غاية الحماس". ثانيا: من هو محمد حمدان دقلو ويلقب ب"حميدتي"؟!! 1- وُلد محمد حمدان عام 1975 من قبيلة الرزيقات وترعرع هناك. انقطعَ عنِ الدراسة في سنّ الخامسة عشر بعدما توجّه لممارسة تجارة الإبل والقماش وحماية القوافل بين ليبيا ومالي. عُرف عنه في طفولتهِ قيادته لمجموعة صغيرة من الشباب التي كانت تعملُ على تأمين القوافل وردع قطاع الطرق واللصوص. خِلال تلك الفترة؛ كان محمد دائم التنقل بين تشاد وليبيا ومصر تارةً لبيع الإبل وتارة أخرى لحماية القوافل فنجحَ في جمعِ ثروة كبيرة مكّنتهُ في وقتٍ لاحق من تأسيس ميليشيا مُسلّحة زادت شهرتها خاصّة بعدما لفتت انتباه صناع القرار في السودان في ظلّ سعي الحكومة إلى ضم القبائل لتحالفها مع الجنجويد لمواجهة التمرد في دارفور. 2- "حميدتي" هوَعسكري سوداني وقائد قوات الدعم السريع في السودان منذ 2010م. برزَ اسمهُ خلال الثورة السودانية التي اندلعت في يوم 19 ديسمبر من عام 2019 والتي أسقطت الرئيس عمر البشير الذي ظل يحكمُ البلاد لما يزيد عن ثلاثة عقود. شغل منصب نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي عبدالفتاح البرهان بعد الإطاحة بالمشير عمر البشير. أختلف "حميدتي" لأحقًا مع عبدالفتاح البرهان وأعلن التمرد على الجيش السوداني في 15 أبريل 2032 وقد وصف حربه بأنها ضد الإسلاميين المتطرفين ولتحقيق الديمقراطية والحكومة المدنية. 3- (أ)- لم يتلق محمد حمدان دقلو تعليما أكاديميا ولم ينخرط في الجيش أصلا، إنما شق طريقه للقوة والنفوذ بنفسه. برزَ حينما شكّلت الحكومة في الخرطوم قوات شعبية من القبائل الموالية فعيّنت حميدتي قائدًا لها. لم تكن القوات نظاميّة في بداية الأمر؛ وكانَ يغلبُ عليها الطابع القبلي لكنّها تطورت شيئًا فشيئًا حتى تمّت هيكلتها وصارت قوات قوميّة ثمّ غُيّر اسمها فيما بعد إلى «قوات الدعم السريع». (ب)-اتهم الناشطون السودانيون قوات "الدعم السريع" بقتل ما يزيد عن (250) مواطنًا سودانيًا خلال التظاهرات بالخرطوم في سبتمبر 2013؛ لكن "حميدتي" صرح في حوار تلفزيوني أن قواته لم يكن لها أي علاقة بفض هذه التظاهرات ملقيا باللائمة بشكل ضمني على جهاز الأمن السوداني. (ج)- تحركات حميدتي أثارت الجدل الكبير في الداخل السوداني حيثُ اتُهمت القوات التي يقودها بقتلِ عددٍ منَ المتظاهرين في ساحة الاعتصام خِلال محاولات عدة لتفريقهِ كما اتُهم المجلس العسكري بعرقلة المفاوضات معَ قادة الحراك وتبني «موقف متشدد» من أجل البقاء في السلطة. بحلول الثالث من يونيو من نفسِ العام هاجمت القوات الأمنيّة وقوات "الدعم السريع" التي يقودها حميدتي المحتجين في ساحة الاعتصام قُرب مقر القوات المسلّحة واستعملت الرصاص الحيّ لتفريق المتظاهرين مما تسبّب في مقتل أزيد من (100) شخصٍ. في المنحى ذاته؛ حمّل تجمّع المهنيين السودانيين المجلس العسكري مسؤولية ما حصل فيما نفى الأخير كل التُهم الموجهة له متحدثًا عن وجود «عناصر خطيرة» في بعض المناطق على مقربة من ساحة الاعتصام. 4- يقود "حميدتي" حاليا حرب بدأت في يوم 15/ أبريل 2023 انتهت بهدنة لمدة أسبوع تنتهي في يوم الاثنين 29/ مايو 2023، ويعود سبب الحرب الي رفض الجنرال/ "حميدتي" حل قوات "الدعم السريع" وضم الضباط والجنود بقوات الشعب المسلحة. ثالثا:- اوجه التشابه بين فاغنر الروسي و"حميدتي" السودان؟!! 1- كلاهما لم يتخرج من الكلية الحربية. 2- كلاهما مقربين من السلطة، "فاغنر" صديق شخصي للرئيس فلاديمير بوتين، ومن خلال هذه الصداقة القوية حصل فاغنر علي الكثير من الامتيازات الاقتصادية والعسكرية. 3- (أ)- العلاقة الغريبة والمشبوهة بين الرئيس البرهان و"حميدتي"، هي علاقة مبهمة للحد البعيد ، وحتى اليوم لا احد يعرف سبب هذه الصداقة ولماذا قربه البرهان ومنحه سلطات عالية ورفعة رفيعة في القوات المسلحة؟!!، هناك تشابه شديد وقوي بين الثراء والغني والنعم التي حصل عليها "فاغنر" و"حميدتي"، فكلاهما استغل القوة العسكرية التي عنده للحصول علي أكبر قدر من ثروات البلاد ونهب ما فيها من خيرات، مع فارق بسيط، ان فاغنر لم ينهب ثروات روسيا ولا سعي لتخريب اقتصادها. (ب)- "حميدتي" كان عكس "فاغنر" في تعامله مع الثراء ، فكل ما عند آل "حميدتي" من مليارات الدولارات واطنان الذهب المكدسة في بنوك دبي، جاءت كلها على حساب تخريب اقتصاد السودان، لم يهتم "حميدتي" كثيرا بال الفقر وتدني مستويات الخدمات في البلاد، والسعي لبذل أي مجهود من أجل حماية الشباب للهجرة الي أوروبا بحثا عن حياة جديدة، وقمة المهزلة تكمن في ان البرهان ساعد "حميدتي" بقوة في ان يكون واحد من اثري السودان. (ج)- هناك ايضا فرق بين مجموعة "فاغنر" الروسية وقوات "الدعم السريع"، فالذي طالع بدقة سيرة قوات "فاغنر"، يجد انها لم ترتكب اي مجازر واغتيالات واغتصابات داخل روسيا، امتازت بالضبط والربط رغم وحشية الضباط فيها، كان قوات "فاغنر" عندها ولاء مقدس للوطن والشعب الروسي، لم تسعي هذه القوات الي نهب المواطنين وترويعهم. (د)- اما "حميدتي" فكان اشبه بالزلزال الذي دمر البلاد، وافني الاخضر واليابس، وما من سوداني لا يعرف تاريخه الأسود من القطران. (ه)- جماعة "فاغنر" الروسية لم تتلقي اي اموال من الخارج، ولا باعت نفسها دولة او جهة سياسية. (ج)- الجنرال/ "حميدتي" اشتهر انه قواته دائما تحت الطلب لمن يدفع اكثر، عمل مع البشير وقبض أموال طائلة ، وحصل علي رتبة فريق ثم وانقلب عليه!!، عملت قواته في اليمن تحت رئاسة قطر والسعودية، وقبض ملايين الريالات!!، سافرت قوات "الدعم السريع" الي ليبيا بتوجيهات من الإمارات التي مولت تجنيد مرتزقة تحت قيادة "الدعم السريع"!!، انضمت قوات الدعم الي جانب قوات الجنرال/ حفتر وارتكبت مجازر كثيرة كتبت عنها الصحف الفرنسية. رابعا:- الغريب في الامر، ان "فاغنر" و"حميدتي" خرجا من قائمة المجرمين المطلوب مثولهم أمام محكمة الجنايات الدولية… حتي اشعار اخر!! [email protected]