الجيوش هي رمز سيادة وكرامة الأمم، هي حامي الحمى والمدافع عن الأوطان من العدو، وقد أولى الرسول الكريم اهتماما لا متناهيا للجيش، وحذا حذوه الخلفاء الراشدون وتابعوهم، وقد ازدهرت دولة الإسلام ووصل إلى أصقاع بعيدة بجيوشها التي التي بلغ صيتها أقاصي الكرة الأرضية، وكان يحسب لجيش الدولة الإسلامية ألف حساب، الجيش السوداني من الجيوش التليدة والعتيقة في أفريقيا والعالم العربي وهو جيش اشتهر بالكفاءة والمهارة والسمعة الحسنة منذ تأسيسه، ترجع نشأة الجيش السوداني إلى ما قبل مملكة كوش 732 قبل الميلاد، وتأسست نواة الجيش السوداني الحديث قبل عام 1955م وعرف آنذاك بقوة دفاع السودان وكانت تتكون من عدد من الجنود السودانيين تحت إمرة الجيش البريطاني المحتل وبعد العام 1956 عندما استقل السودان عن الحكم الثنائي الإنجليزي المصري تم تكوين جيش وطني جديد بكافة فرقه ابتدأ بفرقة المشاة ثم البحرية والجوية وعرف باسم الجيش السوداني. وعرف الجيش السوداني بخبرته القتالية الطويلة فقد ظل في وضعية قتالية منذ (الحرب العالمية الثانية) وفترة ما بعد الاستقلال بسبب التمرد والحروب الأهلية المتقطعة، والتي أكسبته الكثير من رباطة الجأش والانضباط تحت كل الظروف. وقد شارك الجيش السوداني في عدد من المعارك في الكثير من الدول العربية، الأفريقية والغربية، وأبلى في كل هذه المعارك بلاء حسنا جعل السمعة الحسنة، الشحاعة والانضباط هي سماته التي أشتهر بها، وتم تصنيفه كأحد أقوى عشر جيوش في أفريقيا في العام 2019، جميعنا نعلم أن حكومة المؤتمر اللا وطني سيئة الذكر قد عاثت فسادا في هذا البلد، وأنها مارست كل أنواع التجاوزات، وأن نظامها المبني على المحسوبية والتمكين لعناصرها، دمر النظام المؤسسي في جميع الدولة، والمؤسسة العسكرية من أهم المؤسسات التي طالها العبث والفساد، فكانت الرتب توزع على حسب الولاءات والأهواء، وكان يستبعد من المؤسسة كل من تسول له نفسه الوقوف ضد عناصر المؤتمر الوطني التي سيطرت على المؤسسة العسكرية، بالتصفية حينا والإقالة أحيانا، ومجزرة ضباط 28 رمضان، سجلها التاريخ كواحدة من أبشع المجازر في تاريخ السودان، وبالرغم من أن الجيش طاله الفساد، وتم تسييسه بالكامل في عهد الإنقاذ، لكن ذلك لا يعني أن الجيش قد فقد أهليته، فقد احتفظ الجيش على الدوام بعدد كبير من الضباط الشرفاء الذين عرفوا تماما أهمية المؤسسة التي ينتمون إليها وقدسية القسم الذي أدوه، وليس هناك من دليل دامغ على ذلك أكثر من إنشاء المخلوع البشير لمليشيا لتحميه من شرفاء الجيش حتى لا ينقلبوا عليه، وربما استمرار البرهان في ذات النهج وسماحه لحميدتي بالتمدد كان لذات الغرض وهو حمايته من شرفاء الجيش، وقد سجل التاريخ في دفاتره الموقف المشرف للضابط (حامد الجامد) والكثيرين من رفاقه،،، ولاء الشعب السوداني للمؤسسة العسكرية سمة بارزة للغاية، وطالما اصطف السودانيون خلف الجيش السوداني وهتفوا (جيش واحد، شعب واحد)، وللجيش مكانة كبيرة تصل مرتبة التقديس عند الشعب السوداني، وربما ذلك بسبب وعي الشعب السوداني الذي استقاه من تجاربه بدور الجيش الهام جدا في الحفاظ على الوطن، وإحساسه العالي بالوطنية والمحبة لبلاده، فالجيش هو رمز العزة والكرامة، وبدونه يفقد الوطن والمواطن كرامته بين الأمم، عندما قامت حرب رمضان 2023، بين الجيش والمليشيا المتمردة، وقف الشعب بغالبيته خلف الجيش السوداني، وهو الموقف الطبيعي لأي إنسان سوي، فلا يمكن بأية حال من الأحوال مقارنة مؤسسة عمرها يربو على المئة عام بمليشيا ومرتزقة جلبها نظام فاسد ليستعملها كفزاعة ضد كل من يقف في طريقه، وارتكبت ما ارتكبت من جرائم الحرب التي يندى لها الجبين، ومارست أبشع الممارسات في دارفور من قمع واغتصاب وإبادة جماعية، وهاهي اليوم تمارس يوميا ذات السلوكيات في الخرطوم من احتلال لبيوت الناس، النهب والسلب والاغتصاب، وتبرر ذلك بأنها تريد جلب الديقراطية والمدنية لهذا البلد، واستغرب ممن انطلت عليهم مثل هذه الخزعبلات وعلى رأسهم (قحت) التي ساندت هذه المليشيا ظنا منهم أنها ستقودهم إلى السلطة عبر الإتفاق الإطاري، وهذه سذاجة منقطعة النظير، فحميدتي كان يسعى إلى إقامة امبراطورية دقلو في أفريقيا، ولم تكن قحت بالنسبة له إلا عتبة يطأها بقدمه ليقفز للأعلى، كما أسلفت دعم الغالبية من الشعب السوداني الجيش السوداني، ودعم القلة المليشيا لأشياء في أنفسهم، غالبيتها تنصب في القبلية والأطماع الشخصية في السلطة والجاه، بينما اختار البعض موقفا رماديا بأنهم لا يدعمون أي من المتحاربين، ورافعين شعار (لا للحرب)، مع محاولات مستميتة لشيطنة الجيش السوداني بكامله، وأنه جيش كيزان، وأنهم لن يدعموا جيش الكيزان، وهذا منطق عاجز ومحض هراء، فلا يعقل أن يكون كل الجيش كيزان وأقرب مثال لذلك حامد الجامد وبالتأكيد أمثاله كثيرون، هذا أولا، وثانيا حتى ولو استشرى الفساد الكيزاني في جسد الجيش، فهل ذلك يبرر مقارنته بمليشيا مرتزقة، وهل يمكن إسقاط المؤسسة العسكرية التى تمثل رمز الحماية والكرامة لهذا الوطن، التفكير السليم يقود للاصطفاف خلف الجيش حتى يهزم هذه المليشيا، وتلي ذلك إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وتنظيفها تماما من الفلول والكيزان، وصراحة أي موقف لا يدعم الجيش السوداني على صاحبه أن يتحسس إنسانيته أولا ووطنيته ثانيا، فهو ليس أكثر من عميل وخائن،،، سينتصر الجيش السوداني وسيدحر المليشيا، ولا نامت أعين الخونة والعملاء. [email protected]