سألني أحد الأصدقاء عن ما أسماه التعاطف الواضح في مقالاتي مع قوات الدعم السريع، وقائدها " حميدتي". وقد أضحكني سؤاله، لأنني رأيت ان وصف "متعاطف" يعد تقليلا من موقفي، ولست متعاطفاً، بل منحاز كلياً للرجل، وأقف مع قواته في هذه الحرب المفروضة عليهم. ليس لأي سبب، بل لأنهم يتبنون قضيتي، ويخوضون حربي، ويزهقون دماؤهم كي يحافظوا على دمى، وكل من يحارب أخوان الشياطين هو أخي، ومن يقدم حياته من أجلي أقدم له نفسي، وليس لدي ما أقدمه في هذه المعركة سوى قلمي، والذي يتضاءل الآن مع ظهور الرجال الحقيقيين، الذين يقدمون حياتهم رخيصة في سبيل قضيتي، ومستقبل وطني. هذا هو هو موقفي من حيث المبدأ، وطنياً وسياسياً. وهناك أسباب أخرى بعيداً عن هذا، ربما آن الاوان والمناسبة لذكرها. وهي مواقف تربوية ونفسية وأخلاقية، تحكمت فيها النشأة والتربية والبيئة. وقد كانت نشأتي مثل كل من ولد وقضى طفولته في الريف البعيد، حيث تقديس مكارم الأخلاق، وكراهية الخسة والجبن، واحتقار الجبناء والبصق على سيرتهم. وقد أظهرت هذه الحرب الكثير من الخسة والنذالة والخيانة والانتهازية، وكشفت "أكاذيبنا السودانية" المقدسة، والتي ستسقطها هذه الحرب، كما أسقطت حراسها التاريخيين، وصرعت و"بالضربة القاضية" المميتة، كل الكذابين والانتهازيين. وكشفت معدن من ظلوا يتاجرون بقيم الوطنية، ورفض العنصرية، وأدعياء الثقافة، وكل من يبيعون الوهم في أسواق الوطن، ورمت ببضاعتهم الرخيصة في مكب النفايات، تمهيدًا لحرقها، نسبة لانتهاء صلاحيتها، وانتفاء زبائنها!