كما للحق أعوان يناصرونه ، يموتون دونه ، وهم الفائزون في الدنيا والآخرة ، كذلك للباطل أعوان ينافحون عنه ، ويناصرونه ، ويفرون عند اللقاء، لا يثبتون على حجة ولا يقيمون منطقا يسند باطلهم، وهم الخاسرون دنيا و اخرى . وطالما الانسان مخير بين هذا وذاك فالفطرة السليمة تنحاز للحق بلا تردد ، وتكره الباطل وتكافحه ولكن فقط اصحاب الفطرة الفاسدة هم من يختارون البقاء في المستنقع النتن . يوم أن رأينا باطل الكيزان لم نتورع عن كشفه والتشهير به وبفسادهم ، هكذا كتبنا يوم ان تردد الآخرون وقلت علام ننتخبك ؟ عندما عزم المخلوع على ترشيح نفسه في أكثر من مرة ، وقلت عن فسادهم الكثير في مناسبات شتى ، وما عليك الا ان تبحث في (قوقل) لتعلم . وعندما قامت الثورة وقتلوا الثوار غدرا وخيانة ، قلنا بكل وضوح المتهم من الفلول في الجيش والدعم السريع ، وكم بينا أن مخطط الدعم السريع أكبر من أن تتسع له دائرة الديمقراطية ، ونبهنا البرهان لتمدده وأنه خطر قومي ، ولكن لا حياة لمن تنادي . راجع مقالي عن تمدد الدعم السريع . بذلنا النصح للدكتور حمدوك وقلنا طريقك غير مستقيم فقومه ، وأرشدناه ليعلم الخطأ الذي هو فيه ، لكن لم يسمع ولم ير ، وتوالت الكوارث تترى . الى ان اظهر الدعم السريع أنيابه ، وفعل فعلته التي طالت البعيد والقريب . ولكن ليس هذا بمستغرب لكن الغريب والعجيب أن هذه الحرب تدخل شهرها الثالث ، ولا يعرف أحد متى تنتهي ! وكيف ستنتهي ؟ ولنا أن نسأل كما يسأل جميع الناس : ما هذا الطموح القتال الذي يعمي البصر والبصيرة الذي يتمتع به البرهان وأعوانه ، وحميدتي ومستشاريه ؟ الأول كان الحاكم الناهي من ذهاب المخلوع وإلى هذه الحرب ، تحت يده كل مؤسسات البلد ، والثاني كان نائبه في كل شيء بل يفعل ويمارس سلطات فوق أي مسؤول ، وتحت يده أموال طائلة لا تأكلها النار . اشتركا معا – البرهان وحميدتي – في كل المؤامرات على المدنيين ، حتى قتل المتظاهرين يحملان وزره هما معا ومن هم خلفهما . حتى انقلاب 25 اكتوبر نفذاه معا ، وكل هذا كان يجرى امام سمع وبصر الناس المغلوبة على أمرها ؟ وفجأة تمرد الثاني على الأول ، لأن الكرسي لا يتحملهما معا . وتصور البرهان حربا خاطفة يلتهم فيها نائبه ويخلو له الجو وخلفه جماعة الكيزان الطفيلية ، وسمى غريمه بالمتمرد وأقصاه بمراسيم من عنده من كافة مناصبه ، وجاء دور حميدتي ليصف البرهان بالمجرم وأنه المطلوب حيا أو ميتا . وبدأت الحرب ، نحن كشعب لنا أن نسأل لأجل من تحاربون ، لأجلنا ؟ كيف نصدق أن هذه الحرب من أجلنا ؟ تخرجوننا من بيوتنا لتحتلها قوات الثاني ، وتأتي طائرات الأول لتدكها وتقتلنا . أي منطق هذا ؟ الخرطوم أصبحت خالية ينعق فيها البوم ، هجرها اهلها خوفا من أن تقتلهم رصاصاتكم الطائشة وخوفا على أعراضهم أن تنتهك ، بيد من القتل ؟ وبيد من انتهاك الأعراض ؟ من تريدان أن تحكماه يا برهان ويا حميدتي ؟ العاصمة هي قلب البلد وهي مركزه التجاري و العلمي والثافي ، ومنبع حضارته ، الآن تدمرت وهجرها أهلها ، فمن تريدان أن تحكماه ؟؟؟ من يقبل بكما حاكمين ؟ والناس لا تطيق حتى سماع صوتيكما ، لأنه كله كذب ، وادعاء . لا أحد يرجو مدنية منكما ولا ديمقراطية . لو فيكما ذرة من من إيمان ودين و بعض من رجولة وشهامة لجلستما لانهاء هذا العبث بأرواح الناس وممتلكاتهم . لو فيكما ذرة من حب لهذا البلد لتركتما هذا الطموح الذي لم يجلب للبلد إلا الدمار . لو الامر بيد اهل الخرطوم لضربوكم (بالصرم) ناهيك عن ان يقبلوا بكم حكاما . ومع هذه العنتريات والاستقواء على الآخر فأمام هذين الجبارين خياران لا ثالث لهما : أما الحوار والاتفاق وانقاذ ما يمكن انقاذه . وإما تطبيق الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة و مجلس الأمن . وعند الخيار الثاني لا يجرؤ دعامي او فرد جيش ان يمد يده بسوء لسيارات القوات الاممية ولا المساس بفرد فيها ، وستختفي طيور البوم هذه في اجحارها . وكلا الفريقين خائفان من هذا الخيار وإلا لماذا قتل الدعم السريع الجنجويدي حاكم جنوب غرب دارفور ؟ السبب أن ما كشفه من جرائم الدعم الجنجويدي يرقى لجرائم حرب ويوجب تدخلا أمميا لحماية المدنيين . مجرد الكلام عن تدخل أممي جعلهم يفقدون صوابهم . وهو آت لا محالة . الهدنة الأخير هي في الحقيقة الفرصة الأخيرة لكلا الجنرالين ، لمرجعة موقفيهما ، وللاقتناع بالتفاوض و'لا سترفع المفاوضات و يكون الحكم للأمم المتحدة ومجلس الأمن . وحتى لو فشل مجلس الأمن في تطبيق الفصل السابع فإن ذلك سيطبق بواسطة الاتحاد الأفريقي ، ولعل من أبرز التطورات هو وجود قوات فرنسية قرب حدودنا الغربية ، مستعدة للتدخل الفوري عندما يمهد لها الطريق . وكما نقول الكلام ليك يا المنطط علينيك لا نتمنى بكل تأكيد تدويل الصراع ، بل نتمنى أن يغلب صوت العقل صوت البندقية