كعادتهم فإن (الكيزان) بارعون في صناعة الخلافات مع دول الجوار والمحيط الإقليمي والدولي، وأول ما فعلوه في السنوات الأولى من انقلابهم في يونيو عام 1989، هو معاداة المحيط العربي؛ خصوصاُ المملكة العربية السعودية، ثم التفتوا إلى دول الجوار، إثيوبيا، مصر، تشاد، ليبيا، (أوغنداوكينيا) ثم إريتريا التي كانت قد نالت استقلالها حديثاً. خاصم الكيزان المجتمع الدولي بإعلانهم الجهاد في جنوب السودان، ثم اشعالهم حرب دارفور وشرق السودان والنيل الأزرق وجبال النوبة، وما صاحبها من انتهاكات، وكانت قمة المهزلة في ارسال تهديدات إلى القوتين العظمتين وقتها: (أمريكاروسيا قد دنا عذابها، علىّ إن لاقيتها ضرابها)، فيما هم عاجزون عن ضِراب الحركات المتمردة عليهم في جميع أنحاء البلاد! الآن، وبعد أن اشعلوا هذه الحرب في الخرطوم ودارفور، ويعدِّون لنقلها إلى أجزاء أخرى من البلاد، وبينما هم غارقون في خسران مبين، وعوضاً عن التقرب إلى المجتمع الدولي والإقليمي والعمل على كسب جانبه، هاجمت (كتائبهم) الإعلامية المبادرة الاميركية السعودية، التي نشأت لإيقاف الحرب، واتهموا الأخيرة بالانحياز إلى قوات الدعم السريع، بل طالت الاتهامات أمريكا ودبلوماسيتها! عقب ثورة ديسمبر العظيمة برزت عبارة وصفيّة دقيقة بحق الإسلاميين: (الكيزان لا دين لهم)، وهذه حقيقة، لكن أيضاً لا صديق لهم، الجميع في عرفهم أعداء، يحاربون العالم كله فيما هم الأضعف والأهون، ليدفع الشعب السوداني الثمن غالياً من عقوبات وحصار سياسي ودبلوماسي واقتصادي، وإلاّ فما الداعي وهم يخوضون حربهم الأخيرة في الخرطوم أن يعادوا الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي وهيئة الإيغاد؟! بدأوا بالسيد "فولكر بيرتس" ووصفوه بأنه غير مرغوب به في مخالفة صريحة للأعراف المتبعة إزاء مبعوثي الأممالمتحدة، فأضحكوا علينا دول العالم؛ عندما نبهم الأمين العام للأمم المتحدة "انطونيو غوتيرش" إلى أن وصف (الشخص غير المرغوب به لا ينطبق على موظفي المنظمة العالمية الأولى)، لكنهم لا يتعظون كدأبهم ولا يردعهم رادع كعادتهم، فبعد أن ابتعثوا تابعهم "مالك عقار" إلى جيبوتي لحضور اجتماع الهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) في جيبوتي، حيث أثنى على مبادرتها وتغزّل بها، لكنه ما إن عاد أدراجه حتى مزقوا (لحمه) وطالبوا بعزله ووصفوه بأنه ليس محل ثقة، فلم يكتف الثوري السابق ببلع لسانه بل ذهب بعيداً فوصف مبادرة الأيغاد بأنها مبادرة احتلال، الأمر الذي أغضب جميع الأفارقه وجعل الاتحاد الأفريقي يشكر ويثني على المبادرة! ليس ذلك فحسب، بل شن إعلام الحرب الكيزاني حملة شعواء على الرئيس الكيني "وليام روتو" رئيس اللجنة الرباعية التي شكلتها (إيغاد) لتحريك مبادراتها التي طرحت جمع قائدي الجيش والدعم السريع على طاولة واحدة فرفضوا رئاسة كينيا ووصفوا رئيسها بالانحياز للدعم السريع، كما وصفوه بالفاسد واتهموه بإيواء حميدتي رغم أنهم – وفي ذات التوقيت – كانوا يرددون (وفاة حميدتي)، وروجوا ذلك في كبرى القنوات الفضائية كالجزيرة والعربية وغيرهما! خلال الحرب التي تقترب من إكمال شهرها الثالث ودخول الرابع؛ لم ينج أحداً من بذاءات وفواحش الإسلامويين، لم تسلم تشاد من لسانهم رغم حيادها حتى الآن، ومن ثم استقبالها عشرات آلاف اللاجئين السودانيين، ولم تسلم ليبيا كذلك، بل أوغلوا بعيداً فأساؤوا الأدب مع النيجر ومالي حتى بلغوا ساحل المحيط الأطلسي حين بلغت سياطهم موريتانيا ودول أخرى تبعد عن بلادنا آلاف الأميال والفراسخ. لا أحد ينجو من (الكيزان) تعرضوا لإثيوبيا وإريتريا وجيبوتيوجنوب السودان وأفريقيا الوسطى، والآن جاء دور أوغندا فأقذعوا في شتم رئيسها "يوري موسفيني" لمجرد أنه استقبل وفد يتكون من ممثلين للأحزاب السياسية والمجتمع المدني للاستماع والاستئناس برأيهم والسعي وفقاً لذلك للتوسط لإيقاف الحرب وإذابة الجمود وإزالة الغبار عن مبادرة (ايغاد)، فمن تبقى بعد ذلك ليخسره الكيزان غير مصر وتركيا، اللتان سيأتي دورهما قريباً جداً، مع أول (نسمات) الفجر الجديد، وإن غدًا لناظره قريب! إنها دبلوماسية الكيزان الهوجاء التي ما يزال الشعب السوداني يدفع ثمنها حتى اللحظة.