مع الحرب تعقدت مشكلات البلاد الاقتصادية والأمنية والاجتماعية ، والصحية … وزادت سوءًا على سوئها ، لكني أتحدث هنا عن قضية سكت عنها الكثيرون ، وأولهم حكامنا ، وهي قضية التعليم ، سواء المدرسي أو الجامعي ، وأخص – هنا – التعليم الجامعي. قامت الثورة ، وأول ما فعلته الحكومة إغلاق الجامعات . جاء وباء الكورونا، فأغلقت الجامعات ، تقوم المظاهرات ، فتغلق الجامعات . الآن مع الحرب ، أغلقت الجامعات . بعض الدفعات مكثوا في الجامعة ثماني سنوات ، لم يتخرجوا ، رغم أنهم لم يرسبوا ، ولكن كل ذلك بسبب تعطيل الدراسة المتكرر. أسهل شيء عند حكومتنا الحالية وحكوماتنا السابقة هو إغلاق الجامعات ، دون تفكير في مستقبل هذا الجيل ، ودون تفكير في مستوى التحصيل العلمي بعد كل هذه الانقطاعات. وهناك بدائل يمكن أن تحل محل التعليم الحضوري ، والبدائل كثيرة ومتاحة وموضوعية وناجعة وناجحة إن هم بحثوا عنها ومنها تقوية الشبكة للتعلم عن بعد ، ومنها إعداد المحاضرات وإرسالها للطلاب بالبريد الإلكتروني أو تحميلها عبر فلاشات ، ومنها توزيع الطلاب – خاصة الخريجين – على مجموعات صغيرة لإنجاز مهامهم وإعداد مشروعات تخرجهم ، والتساهل معهم؛ ليتخرجوا ويفسحوا المجال لغيرهم من الدفعات اللاحقة ، ومنها استئناف الدراسة في المدن الآمنة واستيعاب أبناء الخرطوم ودارفور فيها . لم يهتموا بمصير الدفعات المتكدسة ؛ إذ تأجلت امتحانات الشهادة الثانوية لغير أمد معلوم. لجأ بعض المواطنين للتقديم لأبنائهم في الجامعات المصرية ، فزاد همُّهم مع صعوبة إجراءات التقديم وصعوبة الحصول على تأشيرة دخول لمصر ، ومع ارتفاع رسوم التسجيل والدراسة ؛ إذ أصبحت بأرقام دولارية لا يقوى عليها كثيرون. الناظر حوله يجد دولا كثيرة تعاني من اضطرابات أمنية ومن حروب مستمرة ، ولكن لم يتعطل التعليم فيها ، فالتعليم مستمر في اليمن وسوريا وفلسطين وأفغانستان… فمتى ينتبه حكامنا لهذا الأمر الخطير ، ويسعون في معالجته؟! .