يتذكر من عاش ما يعرف بالزمن الجميل ومن سمع عنه أو قرأ عنه ما تميز به سلوك السياسيين في ذلك الزمن مثل نصر الدين السيد ضابط مجلس بلدي بحري الذي تولى مهمة توزيع أراضي مواطني بحري وكان في إمكانه الحصول على قطعة ارض لكنه عف عند المغنم 0 وبعدها استقال من الوظيفة و انتمى للحزب الوطني الاتحادي بزعامة الأزهري ترشح وفاز في الانتخابات وتولى الوزارة عرف باستقامته وبعده عن استغلال المنصب لمصالحه الشخصية فحين توفي كان يسكن منزل إيجار نفس الشئ ينطبق على الازهري الذي كان مدينا للحاج مضوي محمد احمد وهناك شيك يوثق ذلك رحمهم الله جميعا وغفر لهم وجزاهم على ما قدموا لوطنهم فقد كانوا قدوة حسنة لمن اتى بعدهم في تولي العمل العام 0 هذه أمثلة من ضمن كثيرا غيرها تدل على على احترام المال العام والابتعاد عن الشبهات وعدم التربح من المنصب 0 وكانت للأحزاب آنذاك ليالي سياسية لتقديم برامجهم ومحاولة تفنيد طرح الأحزاب الاخرى وقد يشتط البعض أحيانا , لكن ذلك لم يمنع تواجدهم في المناسبات الاجتماعية والأخوية سوية لا تجد بينهم اي اساءة او تجريح او التعرض لأي أمور شخصية مستهجنة او انتهاكات لخصوصيات الناس ولا لحرماتهم0 ظل هذا ديدن السياسيين آنذاك, مراعاة حسن الخلق والتأدب مع المختلفين 0 حتى في عهد حكم نميري هناك أمثلة حين انهارت بيارة السوكي كان وزير الري المسؤول مهندس مرتضى احمد ابراهيم نشر الصحفي بقادي مقال في صحيفة الأيام يوضح ما اعتبر أخطاء في التنفيذ من جانب الوزارة أدت الى انهيار بيارة السوكي فتضايق الوزير من ما تضمنه المقال من أخطاء فنية منسوبه للوزارة ولأهمية المشروع أن ذلك باعتباره انجازا مهما للوزير ولحكومة مايو فطلب الوزير من الرئيس نميري ايقاف الصحفي واتخاذ إجراء بحقه تقول الرواية ان نميري وجه الوزير بالرد بمقال على الصحفي بقادي يفند الاتهامات الموجهة للوزارة وفعلا رد الوزير بمقالات عنوانها تنهار بيارة السوكي وتبقي الحقيقة! . يذكر هذا الموقف من عاصر ذلك الزمن , كان رد الوزير علميا محترما كما كان مقال الصحفي بقادي هذا درس في إدارة الاختلاف عدم الشخصنة , وإلتزام الموضوعية. درس آخر من عهد نميري احتفلت مدرسة حنتوب الثانوية بيوبيل حضر خريجيها وقد احتلوا مراكز ومناصب عالية منهم نميري نفسه الذي كان من ضمن الخريجين شأنه شأن محمد ابراهيم نقد الذي أراد أن يشارك في الاحتفال وكان ايامها متخفيا من الأمن سمح له الرئيس نميري بالمشاركة لحضور المناسبة حضر نقد بوجود نميري وشارك في مباراة كرة قدم وقبل نهاية الاحتفال عاد لمكان اختبائه سالما. هذا غيض من فيض الا ان الحال للاسف تغير قبيل يونيو 89 وتلاها فأصبح الاغتيال المعنوي والتجريح وانتهاك الحرمات والكذب وغيرها من الاثام مما لا يقره دين ولا عرف هي السائد في الحياة السياسية وفي الإعلام وفي الإذاعة والتلفزيون , بل وصل الأمر إلى قطع أرزاق المختلفين وتشريدهم وتعذيبهم بل قتلهم بدم بارد 0 وبعد جريان مياه كثيرة تحت الجسر من تلك الفترة الكالحة من تاريخ السودان لكن للأسف الشديد مازالت هذه التجارة البائرة منتشرة في وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مزري لدى الكثيرين من مغيبي الوعي والسائرين نياما0 لكن هيهات فلا يمكنك أن تطفئ ضوء الشمس بغربال 0 فلكل ليل آخر إذا الشعب يوما اراد الحياة0