في سبعينيات القرن الماضي كان أسفل كوبري شمبات هو المكان المفضل لسكان العاصمة،للاستجمام في أمسيات الجمعة والعطلات الرسمية، حيث الهمبريب والهواء العليل. وعلى مدار الساعات تدور الونسات والكشاتين والبرامج الترفيهية، واصطياد السمك، إلى أن تغرب الشمس، فتعود الأسر إلى منازلها وهي مبتهجة،إستعدادا لأسبوع جديد في العمل أو المدارس أو الجامعات . وبجانبي الكوبري تمتد المساحات الخضراء ..في الجروف المزروعة بالطماطم والبامية والملوخية،ومعظم احتياجات الناس من الخضراوات كانت تأتي منها. وفي بعض الأخبار التي تنشرها الجرائد في تلك الأيام،كانت هنالك قرنتية تشاهد في نواحي تلك المزارع، وتماسيح تظهر أحيانا فتحذر الشرطة الناس منها في بيانات رسمية . وانتهي زمن التماسيح النهرية لتأتي تماسيح بشرية إفترست الاقتصاد والتجارة والسوق . وعندما لم يكن كوبري شمبات موجودا، كانت المعدية هي وسيلة المواصلات بين بحري وامدرمان، وبناء الكوبري ربط المدينتين بالبصات ووسائل النقل، يتحرك فيه البشر نهارا، وبعد منتصف الليل يخصص لعبور الماشية المتجهة من أمدرمان إلى سلخانة الكدرو ..ياله من كوبري . وعندما قتل عشرات الشهداء في موكب نوفمبر ببحري، قادت لجان المقاومة بامدرمان مواكبها صوب بحري عبر كوبري شمبات، تضامنا مع ثوار بحري، وحدث العكس أيضا عندما ردت مقاومة بحري الجميل لمقاومة امدرمان,والكوبري ظل شاهد العصر على ثورات الشعب المتعاقبة . والكباري التي تنشأ لربط المناطق بعضها ببعض، ولتسهيل حركة المرور ،صارت تغلق بالحاويات والعساكر المدججة بالسلاح، يغلقها الانقلابيون خوفا من مواكب الثورة، ويخترقها الثوار عنوة واقتدارا، والحاويات الثقيلة لم تصمد أمام زحف الثوار . وفي العصريات تشاهد باعة التسالي والدندرمة فوق كوبري شمبات، والعشرات ممن يقطعون الكوبري جيئة وذهابا على أقدامهم، وهي رياضة محببة خاصة في الأمسيات . وكل وسائل النقل والدواب تقطع كوبري شمبات إلا الرقشات التي حظرت من المرور لحكمة يعلمها بوليس الحركة . وجاءت الحرب، وصار الكوبري هدفا عسكريا يقصف بالقذائف المدمرة، ويكشف بالدليل أنها حرب ضد المواطن والوطن والمنشآت المدنية .. عمل ليكم شنو كوبري شمبات يا أيها الديوك المتصارعة !! وأي كوز مالو ؟