د. محمد عطا مدنى ترددت كثيرا فى الكتابة عن هذا الموضوع، وعن دولة ربيع عبد العاطى المقترحة، والتى ينوى ربيع هو و(أصحاب عمله) إهدائها كمنحة مجانية من أصحاب العمل لمصر..! اتساقا مع تبرع زميله على كرتى بالمديرية الشمالية للمصريين عندما كان وزيرا للخارجية، فمع مضى الأيام يجب أن تكون (الهدية) أكبر، ومتماهية مع كبر مستويات الخيانة العظمى التى أدت للحرب والإقتتال..! قلت فى نفسى لاداعى لأن أسىء إلى قلمى بالكتابة فى هذا الموضوع، لعلمى أن الفلول – بذكائهم الخبيث – يبتكرون من الأقوال (ما يفقع المرارة) حتى يموت جميع المعارضين لأفكارهم (الفطيرة) كمدا، مما يساعدهم على تحقيق أفكارهم الشيطانية..! أستطيع أن أقول أن كل من درس بكليات الآداب، قد أحاط بمعظم تاريخ العالم، وعليه، لم أجد مجموعة بشرية واحدة فى تاريخ العالم كله على الإطلاق، تنازلت عن حريتها وكرامتها واستقلالها، وأهدت أجزاءا من موطنها – الغنى بكل مقومات الدولة الحديثة – إلى دولة أخرى مجاورة، إلا المجموعة التى يمثلها ربيع عبد العاطى..! تقول أطروحة ربيع عبد العاطى – وأصحاب عمله – أنهم تدارسوا مشروع (دولة وادى النيل)، (هذا اسمها الجديد المقترح)، والتى تتكون من جمهورية مصر العربية، والمديريات السودانية التسع التالية: الشمالية، نهر النيل، البحرالأحمر، كسلا ، القضارف، سنار، النيل الأبيض، الجزيرة، الخرطوم..! (ملحوظة: لا أستخدم فى كتاباتى لفظ ولايات مطلقا). وأسباب المقترح (الفطير)فى رأيهم، تتلخص فى أن السودان به مشكلات صرف صحى، ومشكلة مياه صالحة للشرب، ومشكلة كهرباء..! والسؤال هنا، ما الذى أعجز دولتكم (دولة المشروع الحضارى) أن تقوم بهذه الاصلاحات طوال ثلاثة عقود كاملة، بدلا من تهريب أموال الشعب السودانى إلى ماليزيا ودبى وتركيا ؟ وهنالك أسباب أخرى مرتبطة بمصر، ذكرها أيضا ربيع، وهى أن لديهم جيشا قويا يستطيع حماية الدولة المقترحة من الأعداء (!!!) كما أن لديها جهاز بوزارة الداخلية متطور جدا لإصدار الجوازات بدقة شديدة بعد الرجوع للأسرة والقبيلة (!!!) والسؤال هنا : من الذى أهمل الجيش السودانى (سادس الجيوش فى المنطقتين الأفريقية والعربية)، حتى أصبح ضعيفا من الناحية المهنية بهذه الدرجة المهينة، التى رأيناه فيها عاجزا عن حماية شعبه، ومؤسساته، بل ومقراته ومعسكراته الخاصة ؟ ومن الذى تسبب فى فوضى إصدار الجوازات السودانية، وأصبحنا نعانى فى السودان من أن أجناسا كثيرة غير سودانية قد حملت الجواز السودانى بدون وجه حق، حيث بيع بآلاف الدولارات لكل من هب ودب أثناء سيطرة الدولة الرسالية ؟ ويقول اقتراح ربيع عبد العاطى و(أصحاب عمله)، أن لدينا إمكانات كبيرة فى السودان وأن مصر ستساعدنا على تطوير مقدرات بلدنا (!!) والسؤال هنا : تساعدكم مصر بأى صفة؟ ماهى صفتكم بعد الضم؟ وهل ستساعدكم مصر أم ستساعد نفسها بعد انضمام هذه المديريات إليها؟ وستتحولوا أنتم إلى مجرد موظفين فى الحكومة المصرية. هل تطمعون مثلا فى تعيينكم مسؤولين عن الشعب السودانى؟ وهل سيقبل الشعب السودانى بكم؟ والأسئلة الأهم – مما سبق كله – من أوهام وهلاوس، هى: 1/ من أنتم؟ (وهى العبارة الشهيرة للقذافى رحمه الله )، هل وكالة أو جمعية أو غرفة أصحاب العمل مسؤولة عن الشعب السودانى ووصية عليه حتى تقرر مصيره، ومصير مستقبله ومستقبل أجياله ؟ ويقول ربيع فى تسجيله الصوتى، نحن وافقنا وسنعمل على إقامة هذه الدولة التى (يجب) أن تقوم . من أنت حتى تقرر ذلك أنت وجمعيتك ؟ 2/ تحمل فكرتكم إدعاءات لا أساس لها من الصحة، فتحكمون على إخواننا وأهلنا فى دار فور وكردفان أنهم لايريدون التواصل تحت راية السودان الواحد، ويريدون الانفصال، اعتمادا على بعض الأصوات النشاز هنا وهناك؟ هل قمتم باستفتاءات فى هذه الأقاليم، أو بقياس الرأى العام فيها؟ أم أن هذه الأفكار ناتجة عن هلاوسكم وأوهامكم المريضة فى كراهية الأوطان وواجب تفتيتها، كفكرة زرعتها فى أدمغتكم الأدبيات الفاسدة لهذا التنظيم الذى تنتمون إليه، والتى عبر عنها الرئيس السابق بقوله فى آخر اجتماع للمؤتمر اللاوطنى عام 2018م بالحرف الواحد (إن انتمائنا للتنظيم الدولى للإخوان المسلمين، أقوى وأعمق من انتمائنا للوطن). فما دام هذا الوطن – بشهادة رئيسكم فى محضر اجتماع رسمى – ليس وطنكم، فلماذا لا ترحلون عنه ؟ خذوا ما نهبتموه معكم من أموال ولن نطاردكم، وسنبدأ فى بناء الوطن – بدونكم – من جديد..! أما أهلنا فى دار فور وكردفان فشىء لايخصكم – وكاتب هذه السطور من أقصى الشمال – وأنتم غير مسؤولين عن الشعب السودانى حتى تقرروا فى شأنه، أما أهالى هذه الأقاليم، فكانوا ولا زالوا وسيظلوا – أخوة أكارم وأصدقاء ورجال حقيقيون، ارتبطنا بهم برباط وثيق فى الجامعات أيام الدراسة، ومن نعم الله سبحانه وتعالى على كاتب هذه السطور أنه درس فى الجامعات الأربع الحكومية، وفى كل منها وجدت اخوة وأصدقاء حقيقيون من دار فور وكردفان، ثم توثق الارتباط فى أماكن العمل بوزارة التربية، ثم بمعاهد وفروع بخت الرضا التى عملنا بها، كما توثقت العلاقة أكثر وأكثر حين تمت إعارتنا لتدريب المعلمين فى اليمن، فقد كنا طيفا واسعا من كل أقاليم السودان، موحدون معا فى السراء والضراء، ماعدا المنتسبين لجماعة ربيع، الذين غردوا وحدهم بعيدا عنا، فاعتبرناهم غير موجودين أساسا ولم نعبأ بهم. وياليتهم تركونا فى حالنا كما تركناهم. والوقت والحيز والمناسبة والأزمة التى نعيش فيها والتى هى من صنعهم، لاتسمح أن نتحدث فى مخازى كثيرة حدثت منهم وسيأتى وقت ذكرها بالتفصيل فى يوم قريب بإذن الله تعالى. هكذا قضينا ثلاثون عاما فى خدمة دولتنا لم نشعر فيها مع زملائنا بدارفور وكردفان إلا بأنهم نعم الأخوة الذين ارتبطنا بهم بعلاقات صداقة ومحبة لا ينفصم عراها أبد الدهر..! وتأتى أنت وجماعتك ياربيع، والتى اختبأت ورائها لتدبج فكرتك الفطيرة، وتقرر أن دار فور وكردفان – نيابة عنهما معا – تريدان الإنفصال ؟ هذه أفكار عشوائية كأعمالكم طوال 33 عاما حتى الآن. والأمور العظام التى تخص الأوطان لاتعالج هكذا عشوائيا، ففى حالة تكوين الدولة المدنية ذات السلطات المنفصلة، وانشاء برلمان سودانى بانتخابات حرة ونزيهة، فى هذه الحالة إذا قرر نواب دارفور وكردفان الانفصال كرغبة شعبية عامة، يمكن تحقيق ذلك بأسوب سلمى، وبترتيبات تعاون وثيق يربط بين الدولة الأم وغيرها من الأقاليم التى فضلت الانفصال. هكذا يُقرر مستقبل الدول والشعوب، وكفى عشوائية وارتجال وسواقة فى الخلا لشعب بأكمله، صبر عليكم سنوات طويلة حتى تصلحوا أخطاءكم وسلوكياتكم، ولكنكم تظلون كما أنتم بلا أى تغيير أو تطوير، أو احترام لوطن وشعب، إلا من منظار مصالحكم الشخصية فقط ، وما تتكسبوه من مبدأ (سكن لا وطن)، مما سبب تدمير وطن من أغلى وأغنى الأوطان..! 3/ تم اختيار اسم الدولة من قبلكم وهى (دولة وادى النيل)، وما يدريكم أن مصر ستوافق على هذا الاسم، يمكنها طبعا أن تحتفظ بإسمها، (جمهورية مصر العربية) وتتحول مديرياتكم إلى محافظات مصرية، إلى جانب محافظاتالمنيا وأسيوط وبنى سويف وغيرها، فمصر فى هذا الموقف هى صاحبة الكلمة العليا، حيث تقف أنت وجمعيتك (أذلاء) أمامها (منكسو الرؤوس) (تتسولون) الدمج معها، وقد ترفضكم جميعا، لأنها تعرفكم جيدا وتعرف اتجاهاتكم الفكرية، لا تعتقدوا أن مصر غبية، فهى أذكى من أن تخدعوها وتوقعونها فى حبائلكم للهرب إلى الأمام خوفا من المحاكمات…! وأعتقد أن مكان ضيافتكم المريح سيكون (سجن العقرب)، وهى إن استقبلتكم وفعلت بكم ذلك، تكون قد قدمت للشعب السودانى أعظم خدمة على الإطلاق فى تاريخ العلاقات بين الدولتين الشقيقتين..!