هذا أمر من الله سبحانه وتعالى، يدعونا إلى اللين والتعامل برفق مع الآخرين، والرسول الكريم هادي الأمة عرف بالدماثة، الرفق واللين والتعامل مع الآخرين بلطف، وسبحان الله طبيعة الإنسان جزء من تكوينه الرباني ومن وجهة نظري المتواضعة، لا تتحمل طريقة التربية أي نصيب في طبع البني آدم وطريقة تعامله مع الآخرين، وقد تجد شقيقين نشآ تحت كنف نفس الأبوين، وطبعهما وطريقة تعاملهما في الحياة ومع الآخرين على طرفي نقيض، فأحدهما رقيقا لينا يفيض عذوبة على كل من يقترب منه، والآخر غليظا متعنتا، يصعب التعامل معه، العلاقات الإنسانية بكل أنواعها المختلفة تقوم على التغاضي والتجاوز عن الأخطاء، فقد خلقنا الله سبحانه وتعالى خطائين، وخير الخطائين التوابون، ابتداءً بعلاقة الزواج التي هي أصل العلاقات الإنسانية، تنعقد استمراريتها على التجاوز عن النقائص وستر العيوب والأخطاء، وقد تحدثت مرارا عن أنه لا يجب رفع التوقعات في مؤسسة الزواج، وكل إنسان مهما كان جميلا ومميزا، لا بد أن لديه عيوب ونقائص، والزيجات التي تستمر للأبد أساسها أن طرفي الشراكة قد وعيا جيدا هذه النقطة البديهية وهي أنه لزاما عليهما التنازل والتجاوز، وإقصاء علاقة الزواج عن (الكرامة والثأر)، فهما لا يتماشيان مع طبيعة هذه العلاقة ، ينطبق الأمر بكل حيثياته على بقية العلاقات، ففي كل بيت نجد أحد أو إحدى الأخوان حاد الطباع، قد يستطيع بشراسته مع أسرته أن يحيل حياتهم إلى جحيم، ومع ذلك يتجاوزون ويتغاضون ولا يلفظونه خارج الأسرة، مرورا بعلاقات الأهل والأقارب، الجيران، زملاء العمل والأصدقاء، التي تعمر طويلا وتستمر هي العلاقات التي يتشارك أطرافها نفس القدر من المحبة، الاهتمام والحرص على استمراريتها، بينما تنتهي سريعا تلك التي تنبني على الأخذ والتضحية من طرف واحد، والتي تكثر فيها المحاسبة القاسية على كل صغيرة وكبيرة، عدم تجاوز الأخطاء والإصرار على الثأر، التشفي والانتقام وعدم المسامحة على الهفوات والفلطات العادية التي قد تصدر في كثير من الأحيان بدون قصد،،،