حاوره في الصين : فتح الرحمن شبارقة: تصوير : كمال عمر: هل فعل د. عبد الحليم المتعافي في الزراعة ما يستوجب الاستغفار؟.. وما الذي تغيّر في الرجل بعد نجاته من حادث سقوط الطائرة ، ألا يحتم الاقتراب من الموت على ذلك النحو ترتيب بعض الأوراق في الزراعة على الأقل؟.. ما هي حكاية (البزنس) الخاص به وقصة ولعه بالاستثمار؟.. كيف يقرأ د. المتعافي الاتهامات التي تلامس الفساد بشأنه أحياناً في صحف الخرطوم؟ وهل صحيح أنه كان يقلد الترابي في زمان غير؟.. أين ذهب وعده القديم بأن يصبح الفراخ طعاماً للفقراء ؟ ومتى سيرتاح المتعافي ويغادر الوزارة ، أم يزعجه ربما أن تلحق باسمه صفة (وزير سابق)؟! تلك الأسئلة، وأخرى تفرعت منها، طرحتها (الرأي العام) في الأيام الفائتة على د. المتعافي بعد ترتيب مسبق في بهو فندق شيراتون الفخيم بمدينة تشانغستو الصينية، فلم يسلك المتعافي أياً من الدروب المفضية للهروب من صيغة الأسئلة، بل واجهها بإبتسامته المعهودة، وبما تحتاجه من إجابات واثقة كما سنرى: *زواجك من أسرة اقتصادية مشهورة هل كان عن حب، فالبعض لا يستبعد أن يكون زواجك نفسه تم بغرض الاستثمار والجاه؟ - أنا تزوجت من زميلتي في الجامعة وتعارفنا سنوات طوال والتقينا في العمل العام والعمل الإسلامي وتعرفنا على بعضنا البعض ونشأت بيننا مودة ورحمة وعلاقة ودودة. ووقتها لم نفكر حتى في المادة وكنا شبابا في العشرينات والأموال والثروات والجاه ما كانت لها قيمة، وكل الذي كنت أُفكر فيه أنني وجدت شريكة لحياتي على الأقل تفكر بصورة قريبة جداً من الطريقة التي أُفكر بها وتعمل لذات الأهداف التي أعمل لها، فالقضية بالنسبة لنا في ذلك العمر لم يكن المال من بينها. *المتعافي قبل وبعد حادث الطائرة الذي نجوت منه.. ما الذي تغيّر؟ - لا أعتقد أن هنالك تغييراً كبيراً غير أن المرء كان قريباً جداً من الموت في حادث الطائرة، ولكن سرعان ما ينسى المرء قضية الموت. *لكن الحوادث دائماً تجعل الشخص يتقرب إلى الله أكثر؟ - كل الذي شعرت به أن المسافة بين الحياة والموت شعرة بسيطة بكل المقاييس. *ألم يدفعك هذا الشعور لترتيب بعض الأوراق ربما ? في الزراعة على الأقل؟ - أسأل الله سبحانه وتعالى أن تكون أوراقنا مرتبة.. صحيح ان الحادث كان فيه عبرة وعظة واضحة جداً جداً، ولكن أسأل الله سبحانه وتعالى أن تكون الحياة كلها فيها من العبر والعظات ما يجعل المرء قريبا من الله سبحانه وتعالى وقريبا من أن يجتهد في أن يكون من أصحاب الأعمال الصالحة. *يلاحظ أن د. المتعافي يبدو في عمله أقرب إلى التكنوقراط من السياسيين، وقلما يرصد وهو منخرط في عمل سياسي مباشر؟ - هذا يتوقف على فهم الشخص للسياسة، وأنا دائما عندي قناعة بأن السياسة الحكيمة هي التي تؤدي إلى خدمة المواطن خدمة مباشرة، وكلما كانت الخدمة مباشرة وملموسة كلما كان الأثر السياسي أكبر. وهناك آخرون يعتقدون ان السياسة هي أنك تطرح فكرتك وتبشر بها وتدافع عنها وتستقطب لها الآخرين. لكن أنا أفتكر ان أفضل سياسة تستقطب بها الآخرين وتضمهم إلى فكرتك هي أن تقدم لهم الخير وتبدأ معهم بالنموذج العملي. * ما الذي يجبر المتعافي على احتمال اتهامات العمل العام .. ولماذا لم ينتقل إلى عمله الخاص، خاصة وأن البعض يعتقد أنك ستبدع فيه؟ - الذين يتحدثون مثل هذا الحديث لا يعرفون أننا لم نطلب الوظيفة في يوم من الأيام، ولكنا كلفنا بها، وإذا كُلِف المرء بعمل فينبغي أن يؤديه لأن في ذلك خيرا وأجرا كثيرا له، فلن نترك ما نراه من أجر، وما نراه من نعمة العمل العام لإتهامات يطلقها بعض الأشخاص. *هل شعرت في لحظة ما أنك فعلت في وزارة الزراعة ما يستوجب الاستغفار؟ - العبد المؤمن الذي لا يستغفر الله سبحانه وتعالى كل يوم أكثر من خمسين مرة أو مائة أو أكثر، ليس قريبا من الثواب. لأن الرسول (صلى الله عليه و سلم) يحدثنا (استغفروا ربكم فإني استغفر الله سبحانه وتعالى في اليوم أكثر من سبعين مرة)، فإذا كان الرسول (صلى الله عليه و سلم) يستغفر أكثر من سبعين مرة فما بالنا نحن؟.. صحيح أننا لا نستطيع أن نؤدي ما فعله الرسول (صلى الله عليه و سلم) ولكن هي سنة وعلى المرء أن يستغفر كل يوم، وكل يوم يمر على المرء تدعوه عشرات الأخطاء لأن يستغفر الله سبحانه وتعالى. *ما قصدته تحديداً الاستغفار لأخطاء زراعية؟ - العبد المسلم دائماً يخطئ وخير الخطائين التوابين، فنحن كبشر نخطئ ونستغفر الله سبحانه وتعالى، ونسأل الله أن نستغفره أكثر مما يظن بنا الناس. *ما الذي أعطته لك الوظيفة د. المتعافي؟ - أسأل الله سبحانه وتعالى أن تعطيني الوظيفة الأجر من عنده، وأعتقد أنني مدين للشعب السوداني وللأمة السودانية بكثير جداً من الإمتنان لأنني تعلمت في مدارس السودان وتخرجت في جامعات السودان وأُتيحت لي فرصاً كثيرة أن أخدم الشعب السوداني في مواقع كثيرة، وأُتيحت لي كثيرا من التجارب والمعارف وكثيرا من الأصدقاء وكثيرا من الخبرات التي لا حد لها، وهذه كلها نعم تستوجب الشكر لله سبحانه وتعالى. *بعد كل هذا الذي ذكرته.. أما آن لك أن ترتاح؟ - ليس للعبد المسلم من راحة حتى يلقى الله سبحانه وتعالى، وطالما هناك قدرة على الحركة (فإذا فرغت فأنصب وإلى ربك فأرغب).. *(أما آن لك أن ترتاح) في السؤال السابق عبارة كانت تستبطن رغبة البعض في أن تذهب وتتيح فرصة لغيرك؟ - الذين يعتقدون إن الناس يحددون مصائرهم ويحددون فترة بقائهم من عدمها، ينسون إن الله سبحانه وتعالى هو الذي يقدم ويؤخر، ويمنح ويعطي، ويختار ذلك وينحي هذا، فهذه قضية لا تشغل بالي. *هل أنت رجل قدري بطبعك؟ - أنا أسأل الله سبحانه وتعالى أن أكون على الأقل مقتنعا بثوابت هذا الدين. * في حوارات سابقة معك سُئِلت عن سر الابتسامة الدائمة، لكن دعني أسألك هنا عن نقيضها فيما يبدو.. متى يغضب المتعافي وتتحول ابتسامته تلك إلى (تكشيرة)؟ - كثيراً ما أغضب وأنا لست حليماً بالقدر الكافي. فأنا أغضب وانفعل ولكن سريعاً ما أعود من الغضب. *هل من الممكن أن نحصل على صورة للمتعافي وهو زعلان أو غاضب؟ ضحك وهو يقول: -(إذا ما لقيتوها لغاية هسي إن شاء الله ما تلقوها بعد دا). *يقال إنك كنت تقلد د. الترابي في وقت سابق حتى في طريقة كلامه.. هل هذا صحيح؟ ضحك باقتضاب قبل أن يقول: - ليس هناك من وجه شبه بيننا، والشيخ الترابي رجل آتاه الله الكثير جداً من العلم والكثير جداً من المعارف والكثير من القدرات الهائلة، وليس هناك وجه شبه إلا ربما في بعض الابتسامة، فهو رجل كثير التبسم.