قاربت حرب السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع على إكمال شهرها الثامن، والوضع مازال يزداد تعقيدا، ويعني المواطنون أوضاعا اقتصادية صعبة؛ كما انعكست آثار الحرب سلبا على الموظفين والعاملين بالدولة، خاصة بعض الولايات التي لم يصرف الموظفون فيها رواتبهم منذ اندلاع الحرب في أبريل الماضي. ففي ولاية كسلا، شرق السودان، لم يصرف العاملون سوى مرتب شهر أبريل، وعجزت حكومة الولاية في أن تفي بالتزاماتها من إيراداتها لتغطية الأجور، وفي ظل هذا الوضع نجد أن الموظفين والعاملين بكسلا، والولايات الأخرى، ضاقت بهم السبل وتقطعت بهم الأسباب لإيجاد سبل كسب عيش. وفي منحى آخر، كان عدم صرف المرتبات سببا مباشرا في عدم فتح المدارس، ورهن المعلمون انطلاقة العام الدراسي بصرف استحقاقاهم؛ وقادوا عدة مبادرات مع الوالي السابق إلا أنها باءت بالفشل، وحتى في عهد الوالي المكلف الجديد لاتلوح في الأفق بوادر لحل الأزمة. ويقول المعلم طارق ميرغني حول عدم صرف الأجور أن تأثيرها ظهر منذ الشهر الأول، شهر أبريل، الذي صادف عيد الفطر المبارك، وأصبحنا نتناول وجبتين، وأحيانا وجبة واحدة في اليوم، كما أننا حرمنا من منحة العيدين، واستمرت المعاناة وطال أمدها حتى وصلت إلى سبعة أشهر. وأشار ميرغني إلى أن كثيرا من المعلمين لجأوا للأعمال الهامشية. أما الموظفة، ندى حسن، فقد بدت مستاءة من الوضع، وقالت إنها عاشت ظروفا سيئة للغاية بسبب عدم صرف المرتبات منذ بداية الحرب. وفي أحد تصريحاته قال وزير التربية والتعليم المكلف بولاية كسلا إن عدم صرف المرتبات يقف عقبة أمام بداية العام الدراسي، كما أن ذات الأمر ينعكس على أولياء الأمور في التزاماتهم بتجهيز الاحتياجات المدرسية. ومنذ الشهور الأولى للحرب تركت وزارة المالية الاتحادية أمر المرتبات للإيرادات الذاتية للولايات وركزت صرفها على الحرب وصرف رواتب القوات النظامية. وكانت منظمة العمل الدولية اعتبرت الأمر انتهاكا صريحا لقوانين العمل الدولية، وعلى رأسها الاتفاقية "95" المتعلقة بحماية الأجور لسنة 1949م والاتفاقية رقم "173" بشأن حماية مستحقات العمال عند إعسار صاحب عملهم، لسنة 1992م. وشددت على أن حقوق العاملين في الأجر تعتبر استحقاقا محميا وفقا للاتفاقية رقم "173" لمنظمة العمل الدولية، كما أنه لا يجوز الحجز أو التنازل عن الأجور فيما عدا الحالات التي ينص عنها القانون، كما تحمي المادة "10" من الاتفاقية رقم "95" لمنظمة العمل الدولية أجور العاملين من الحجز بالقدر الذي يعتبر ضرورياً لحياة العامل وأسرته. تظل الحرب متستعرة بين الطرفين ولاتلوح في الأفق بوادر حل أو تهدئة ويظل حال المواطن واقف وأوضاعه كارثية .