منذ انقلاب القائد العام للجيش الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان على الوثيقة الدستورية التي تم توقيعها في العام 2019 بين المجلس العسكري والقوى المدنية عقب ثورة ديسمبر منذ انقلابه في 25اكتوبر من العام 2021م والبلاد تعيش في حالة من الفراغ الدستوري ورغم توقيع الجيش والدعم السريع على الاتفاق الاطاري السياسي مع قوى الحرية والنغيير ومجموعات متحالفة معها في الخامس من ديسمبر العام الماضي إلا ان الخلافات بشأن الاطاري حالت دون توقيع الاتفاق النهائي واستمر الفراغ الدستوري وازدادت تعقيدات المشهد السياسي بعد نشوب الحرب في الخامس عشر من ابريل الماضي بين الجيش والدعم السريع وبدأ التفكير في امكانية العودة للوثيقة الدستورية عقب ماكشفت عنه مصادر (التلفزيون العربي ) عن تقدم البرهان في زيارته لجيبوتي وكينيا لمنظمة(ايقاد) بمقترح العودة للوثيقة الدستورية بغرض إنهاء الحرب وأكدت المصادر ان (ايقاد) نقلت المقترح إلى رئيس جبهة القوى الديمقراطية والمدنية(تقدم) رئيس الوزراء السابق د.عبد الله حمدوك ،والذي رفض المقترح. وفي تعليقه على ذلك قال الخبير القانوني نبيل أديب في تصريح مقتضب للراكوبة (لا ادري على ماذا استند حمدوك في رفضه للوثيقة الدستورية رغم انه قبل العودة لرئاسة مجلس الوزراء في 21 نوفمبر 2021 استنادا على الوثيقة الدستورية ؟). وكان أديب قد تقدم في وقت سابق بمذكرة أكد فيها إلزامية الوثيقة الدستورية ونوه الى أن السلطة التي تضع الدستور هي السلطة التي تنشأه من العدم. وفي العصر الحديث فإن السلطة التي تنشئ الدستور هي الشعب وهذا يتم عن طريق هيئة مفوضة من الشعب، إما في شكل جمعية تأسيسية أو مؤتمر دستوري. ولفت الى ان هنالك حالات أخرى للتفويض الشعبي منها حالة التفويض الشعبي الذي أنتج الوثيقة الدستورية، والذي يكون عقب الثورات التي تسقط الدستور القائم. واشار الى ان القبول الشعبي الذي وجدته قوى الحرية والنغيير في ثورة ديسمبر ينطوي على تفويض لها عبر عنه الشعب بالسلوك كما يقول أهل القانون، . وهذا التفويض هو تفويض مؤسس على برنامج الحرية و التغيير المحدود بالفترة الإنتقالية. وقال اديب في المذكرة (لما كان المجلس العسكري قد تجمعت في يديه السلطات نتيجة لقيامه بواجبه في الحماية فإنه ملزم بتسليم السلطة لجهة مفوضة من قبل الشعب لممارستها. . و اشار الى السلطة التأسيسية الفرعية وفقا للمادة 78 من الوثيقة هي سلطة المجلس التشريعي بأغلبية الثلثين، واستدرك قائلا( لكن الحكام في الفترة الإنتقالية السابقة أخلوا بواجبهم الدستوري في تكوين المجلس التشريعي، ولكن هذا الإخلال يدعونا للجوء لمكوناته بإعتبارأن السلطة التأسيسية الفرعية رغم أهميتها إلا أنها سلطة محدودة وتخضع لرقابة القضاء) وذكر (لا يجوز لتلك المكونات أن تتجاوز سلطات السلطة التأسيسية الفرعية بأن تضع دستورا كاملا أو أن تعدل من أساسيات الوثيقة فوضع دستور جديد ليس من سلطات السلطة التأسيسية الفرعية، وهذا ما إستقر عليه الفقه الدستوري في العالم) مبررات رفض انقلاب البرهان وبرر رفض انقلاب25 اكتوبر بأن إن المنطق في الاعتراض عليه ليس في المجادلة حول ما أثاره بيان الانقلاب فيما ورد في بيان القائد العام صبيحة 25 أكتوبر عما شاب الفترةالانتقالية من عيوب، ولا فيما كانت تتخذه الحكومة من سياسات تحت تأثير المجلس المركزي، ولكن المنطق الذي حتم رفضه، هو في حقيقته أنه لاتوجد سلطة للقائد العام فيما إتخذه من إجراءات وفق الوثيقة الدستورية. ولقد أقر هو بنفسه بذلك حين إستند الى قانون القوات المسلحة، رغم سمو الوثيقة الدستورية على سائر القوانين. واشترط القيادي السابق بالمجلس المركزي لقحت امين سعد في تصريح للراكوبة( اي وضع قادم لوثيقة الدستورية يجب اجراءتعديلات كثيرة فيها لانها تحتاج لذلك حتي تكون صالحة ومقبولة لكل الفاعلين في الساحة السياسية ؛و هذا لا يعني بالضرورة قبول وثيقة المحامين التي رفضتها بعض القوي السياسية) وشدد على ضرورة تجنب أخطاء الماضي بعد نهاية الحرب حيث ان القوى السياسية اهدرت وقتا غير قليل. تنازلات حمدوك من جهته قلل رئيس الحزب الاشراكي الديمقراطي حشد الوحدي صديق أبو فواز من مقترح البرهان وقال في تصريح للراكوبة لا خير في البرهان ولا حمدوك والاخير اذا رفض الوثيقة الدستورية فقد صدق وهو كاذب وأكد أن الوثيقة الدستورية التي اعلنوا رفضهم لها منذ البداية فهي التي أدت الى المشاكل لانها قننت وجود الدعم وشراكة المؤسسة العسكرية مع المدنيين وهي التي اعطت الفترة التأسيسية الاولى للعساكر وهوالسبب الاساسي بطريقة غير مباشرة في فشل الفترة الانتقالية وأردف نحن رفضنا الوثيقة ليس من منطلق تفكير البرهان الذي يرفض اي شي أو عقد اجتماعي بأخذ منه السلطة أما حمدوك فقد تم تمزيق الوثيقة وهوعلى راس السلطة التنفيذية و تنازل عن كل صلاحياته فالوثيقة على علاتها اعطته صلاحيات لكنه تنازل عنها كلها بكل اريحية للعساكر حيث تنازل عن الشؤون الخارجية واصبح يقوم بها البرهان الذي ذهب الى يوغندا والتقى برئيس الوزراء الاسرائيلي دون استشارة مجلس السيادة أو مجلس الوزراء وبدون علم وزير الخارجية فضلا عن ان حمدوك ترك رئاسة اللجنة الاقتصادية الى حميدتي حيث قبل بأن يكون نائبا له فيها رغم انه يحمل دكتوراة في الاقتصاد الزراعي وعمل في منظمات اقليمية وذكر قبل أن يمنح جنجويدي ملف السلام واشار الى أن التنازل الرابع الذي قدمه حمدوك للعسكر تمثل في منح الفريق جابر ابراهيم رئاسة اللجنة التي تنسق بين الحكومة والبعثة الأممية رغم ات الوثيقة الدستورية تقول ان اللجنة التي تنسق بين الحكومة الاممالمتحدة تتبع لمجلس الوزراء. بالاضافة الى أنه ترك رئاسة لجنة ازالة التمكين للفريق ياسر العطا واوضح أن هذه خمسة اشياء اساسية من مهام الفترة الانتقالية تخلى عنها حمدوك للمجلس العسكري وليس للسيادي وذكر ليس منطقيا ان تحرس الذئب للضان خلافات على السلطة ولفت الى ان لجنة ازالة التمكين كان يجب أن تذيل العساكر من السلطة ووصفهم بالفاسدين وانتقد عدم مقدرة اللجنة على التحقيق معهم بشأن ال80شركة التي تذهب عائداتها الى جيوبهم وكما هو معلوم فان تلك الشركات تابعة للمؤسسة العسكرية وفشلت اللجنة تماما في تتبيعها لوزارة المالية واستنكر منح رئاسة اللجنة الى عسكري منهم بالفساد فضلا عن أن المجلس العسكري هواللجنة الامنية للرئيس المخلوع وتلاحقها اتهامات وعلامات استفهام كبيرة جدا جنائية ومالية وسياسية واخلاقية ورأى أبو فواز انه لاخير في البرهان أو حمدوك لانهما لم يحترما الوثيقة في 25 اكتوبر حيث اتفق البرهان وحمبدتي وإنفلبا عليه ومزقوا الوثيقة الدستورية ووصف ذلك بأنه لعب على الذقون ولن يؤدي الى تقدم البلاد سواء كان من قبل حمدوك أو الحرية والتغيير أو الحركات فهم يسيرون في نفس الخط وكذلك الاتفاق الاطاري وكذلك حركات جوبا ورأى أن أفكارهم واحدة ومختلفين في السلطة ووصف أفكارهم بالمحنطة التي يجب ان تذهب الى مزبلة التاريخ. وكان أديب قد قطع في المذكرة ب0ن انقلاب 25 أكتوبر على الوثيقة الدستورية يجعل العودة لها مع أحكامها هو السبيل الدستوري الوحيد المتاح للقوى السياسية المدنية الآن من ناحية دستورية لعدم وجود سلطة تأسيسية لتصدر دستوراً جديداً حسبما جرت عليه السوابق الدستورية السودانية التزاماً بالأسس الدستورية.