هرب الجيش امام الدعم السريع من مدني، فاستلم الدعم السريع ولاية الجزيرة بأكملها، ما عدا القليل، بدل ان يحول الدعم السريع هذه المنطقة الى نموذج للسودان الذي يبشر به الدعم السريع في مشروعه الذي يحارب تحت راياته، مشروع محاربة الكيزان واعادة الديمقراطية كما يقول، حول الدعم السريع ولاية الجزيرة الى سجن كبير، الى أسوأ مكان للعيش في العالم في الوقت الحالي. ما وصلني من مصادر مقربة ومؤكدة وموثوقة وشهود عيان عن ما تقوم به عناصر الجنجويد المجرمة من انتهاكات في قرى الجزيرة، يؤكد ان هذه المليشيا لا تتمتع بالحد الادنى من الأخلاق الفضيلة، وانها تمارس انتهاكات ترقى لجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية. فرض الدعم السريع جبايات باهظة على المواطنين الفقراء في الجزيرة، ذكرتهم بدولة الكيزان ودولة المستعمر، جبايات على الماء، النقل، الحركة، على كل شيء تقريبا، ولا تخضع هذه الجبايات لفرمانات او قوانين، وانما تترك لمزاج الدعامي الذي يفرضها، فعادت الجزيرة فعليا في عهد كيكل وجماعته الى القرون السحيقة المظلمة. لم يتوقف الامر هنا، بل استمرت الانتهاكات على القرى، وأصبح منظر اقتحام القرى كل يوم واخر، هو عنوان المرحلة، يقتحمون القرية، يطلقون النار على من يقف في وجههم، يسرقون، ينهبون، يعذبون الرجال، ويهينون الشباب، مناظر لا يمكنك ابدا ان تتوقع حدوثها في هذا العصر الحديث، كانك تشاهد فيلما عن عهود الاقطاع، وزمان الغابة، حيث ياكل القوى الضعيف، ويبطش صاحب القوة بالابرياء العزل. وما تقوم به ما تسمى بلجنة حسم الظواهر السالبة بالدعم السريع، هي مجرد محاولات خجولة بائسة، اذ بمجرد مغادرة هذه اللجنة للقرية، يأتي بعدها فوج اخر من الجنجويد ليعيد نفس الانتهاكات وأسوأ. الحقد العنصري لجماعات الجنجويد على انسان الجزيرة البسيط الفقير الاعزل الذي لا يملك قوت يومه، هو مرض نفسي وهوس غريب، يؤكد ان دواخل هؤلاء الجنجويد مجردة تماما من الرحمة والمروءة والأخلاق السودانية السمحة، تماما كما هو حال صانعيهم الكيزان. سقط مشروع الدعم السريع اخلاقيا في الجزيرة، ولن يصلح العطار ما افسد الدهر، مع العلم ان الجزيرة لم يعد فيها عساكر في مناطق سيطرة الدعم السريع، ومع ذلك يمارس الدعم السريع انتهاكاته على مواطنين عزل، ابرياء، وليس لهذا إلا وصف واحد هو الجبن والعار. اذا كان الدعم السريع يبحث عن العساكر، فهم موجودون في امدرمان التي انتزعها الجيش رجالة وحمرة عين، اذا كان الدعامة اهل دواس، فليتركو عزل الجزيرة وليذهبوا لامدرمان لاستردادها من الذين يحملون السلاح. يعلم الدعم السريع ان الشعب السوداني لا يرضى الضيم، وانه بعد ثلاثين سنة من القهر، اذاق الكيزان المر واسقطهم من عليائهم للسجون، وعليه، لا يحسبن كيكل وجماعته انهم بمأمن من غضبة هذا الشعب الحليم، وانه مانعتهم تاتشراتهم، هذه الانتهاكات لن تمحي عن ذاكرة الجزيرة، ولن تسقط بالتقادم، وسيحاسب عليها الدعم السريع عاجلا ام اجلا، بيد الشعب السوداني لا بيد الكيزان وجيشهم الهارب. والشعب لا ينسى ولا يغفر