بدأت الحرب في السودان يوم السبت 15/ أبريل الماضي 2023، وهي الحرب التي أخذت عدة مسميات مثل "حرب السودان"، "حرب الجنرالين" "الحرب العبثية"، "حرب لا منتصر فيها ولا خاسر"، ومنذ اندلاعها قبل عام مضى وحتى اليوم ما زالت كثير من أحداثها يكتنفها غموض شديد، بل والأسوأ ما في الامر أن هناك تعتيم متعمد من الطرفين المتقاتلين القوات المسلحة وقوات "الدعم السريع رفضا بشدة كشف كل الحقائق للشعب بلا دس او إخفاء عن مجريات المعارك وحساب الربح والخسارة بعد كل معركة، كلا الطرفين المتقاتلين رفضا بشدة وجود مراسلين حربيين او صحفيين بين الجنود منعوا أن يقوموا بنقل الاخبار راسا من مواقع القتال الي الصحف والقنوات الفضائية!!، وهو شيء غير مألوف انفرد به الجيش والدعم بلا تفسير او توضيح ، فقد تعودنا أن نشاهد من خلال تغطيات المراسلين في القنوات الفضائية الأجنبية -علي سبيل المثال- أخبار الحرب الروسية الأوكرانية وأخبار ما يدور في قطاع غزة وأخيرا حرب الحوثيين ضد السفن في البحر الاحمر، وعرفنا من خلال هذه التغطيات الاعلامية ما يدور حولنا من أحداث ما كان في استطاعتنا أن نلم بتفاصيلها لولا جهود هؤلاء المراسلين في مواقع القتال. والاغرب من كل هذا، أن القوات المسلحة عندها ناطق رسمي هو العقيد/ نبيل عبدالله، الذي يحتم عليه واجبه المهني بحكم وظيفته أن يدلي بصورة مستمرة بتصريحات عن سير المعارك، وعن كل ما يجد جديد في جبهات القتال، أن يدلي بتصريحات حول الخسائر وعدد القتلى والجرحى والمفقودين والاسري، أن يكون هو حلقة الوصل ما بين الجيش والشعب بهدف الا يكون أحد من المواطنين مغبي وغير ملم بأحداث هامة وقعت في وطنه، كل جيوش العالم بلا استثناء عندها من يشغل منصب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، الا عندنا (يوجد ولا يوجد!!) ناطق لم يظهر خلال فترة الحرب الا لماما مما استعصى علي المواطنين فهم أن كان الجيش عنده ناطق رسمي!! الصحف والمواقع السودانية والاجنبية تضرر كثيرا من التعتيم الذي غطي علي كل شيء له علاقة بحرب السودان، وتضرر ايضا من تعدد التصريحات المتضاربة التي صدرت من جنرالات بالقوات المسلحة بعيدا عن الناطق الرسمي الذي لم يستطيع أن يؤكد او ينفي كثير من هذه التصريحات المتضاربة، وعندما شن الفريق أول/ ياسر العطا هجومه الحاد علي دولة الامارات العربية واتهمها بمولاة قوات "الدعم السريع" وتمدها أسلحة ومؤن وذخائر،وقتها وحتى اليوم لم نعرف هل هجوم ياسر رآي شخصي…أم هو رآي القوات المسلحة؟!!، ولماذا لم يوضح الناطق الرسمي العقيد/ نبيل عبدالله حقيقة هذا الهجوم علي الإمارات وإن هو رأي شخصي ام رسمي؟!! طوال عام كامل والشعب مغيب عن كل شيء حوله، وأغلب المواطنين كانوا ومازالوا يعرفون أخبار السودان من خلال ما بث في المحطات الفضائية الاجنبية، أصبحت هذه المحطات الوسيلة الوحيدة لمعرفة الاخبار ، ولكن مع انقطاع التيار الكهربائي وبالتالي الانترنت في عموم السودان ما عاد أحد ملم بحال السودان، بعض الصحف الاجنبية نشرت إنه وبعد انقطاع الانترنيت في البلاد وفي ظل هذا الانقطاع وقعت مجازر كثيرة لا تحصي ولا تعد قامت بها قوات "الدعم السريع" في كثير من مناطق ودمدني لم تستطيع القنوات الفضائية تغطية أخبارها ومازالت هذه المجازر خافية عن العيون، وكنا نتوقع أن يقوم الناطق الرسمي بالقاء الضوء عليها والادلاء بتصريحات حولها حتي لا يكون أحد في البلاد مغبي ومهمش لا يعرف ما يدور حوله. جاءت الاخبار قبل عام وافادت، إنه في فجر صباح يوم السبت 15/ مارس 2023، هاجمت قوة مسلحة قوامها (30) جندي مسلح تابعين لقوات "الدعم السريع" مقر البرهان بغية قتله ، وإنه قد دارت معركة بين حرس المقر وجنود الدعامة تم فيها استخدام الاسلحة النارية بكثافة، بعض الصحف العربية كتبت أن البرهان شارك بنفسه في المعركة، بعد خروج خبر ما وقع في مقر البرهان، تضاربت الأخبار بشكل كبير في الصحف حول تفاصيل الحادث، بعض الصحف نشرت عدد القتلي (50) قتيل من الجانبين ، وصحف أكدت أن الرقم غير معروف بسبب اجلاء الجثث بسرعة ولم يتم حصرها!! المهم في تفاصيل الحادث، أن لا احد سواء من ضباط وجنود القوات المسلحة او من افراد الشعب يعرف تفاصيلها وخفايا الحادث!! بل وهناك راسخ عند كثيرين من المواطنين أن قصة المعركة التي دارت في مقر البرهان (فيلم هندي) لا اكثر ولا أقل!!، الناطق الرسمي نبيل عبدالله ما نطق بحرف حول الواقعة!!، ولا الناطق الرسمي باسم قوات "الدعم السريع" أكد أو نفي صحة الهجوم علي مقر البرهان!!، وهذا الحادث سواء وقع أو لم يقع لماذا تحسم القوات المسلحة بواسطة مدير البرهان الجدل الحاصل منعا للبلبلة وانطلاق الإشاعات!! ما كتب أعلاه عن التعتيم المقصود من قبل القوات المسلحة ينطبق أيضا بنفس الصورة والشكل مع ما قامت بها قوات "الدعم السريع" من تعتيم وتضليل في كثير من الأحداث التي وقعت خلال العام الماضي من عمر الحرب، فبالرغم أن الدعم عندها عدة ناطقين بأسمها، الا انهم الناطقين -بلا استثناء- رفضوا التعليق عن سبب امتناع "حميدتي" وجود مراسليين وصحفيين ينقلون للشعب حقائق ما يدور من قتال في ميادين القتال؟!!، ورفضوا ايضا أن يوضحوا سبب امتناع "حميدتي" كشف حجم الخسائر التي تكبدتها قواته طوال عام الحرب؟!!، ويبقى السؤال مطروح بشدة، هل حقيقة أن قوات "الدعم السريع" رفضت بشدة وجود اعلاميين وصحفيين ومراسلين اجانب بينهم حتي لا يعرفوا حقيقة عن وجود ضباط وجنود اجانب يقاتلون جنبا الي جنب مع قوات الدعم؟!!، هل حقا رفض "حميدتي " بشدة عدم وجود المراسلين والصحفيين في جيشه خوفا من تصوير والتقاط افلام فيديو حجم الكوارث التي قاموا بها قواته؟!! مر عام كامل علي حرب "رفقاء السلاح"، وكانت العادة قد جرت عند كثير من الدول التي تعرضت لحروب سابقة، أن قامت بعد إنتهاء الحروب بعمليات جرد "حساب الربح والخسارة" هدف تنوير شعوبها بحقائق ما وقع، فعلي سبيل المثال، قامت الحكومة الأوكرانية في شهر فبراير الماضي 2024 وبمناسبة مرور عامين علي الحرب التي شنتها روسيا عليها بنشر حقائق كاملة عن أرقام القتلي، وجاء في "شبكة الجزيرة الاعلامية" بتاريخ يوم 26/ فبراير 2024 ما يلي: (…- معركة جديدة اندلعت بين كييف وموسكو مسرحها عدد قتلى الطرف الآخر في الحرب التي دخلت عامها الثالث، حيث يؤكد كل طرف صحة الأرقام التي يعلنها ويتهم خصمه بالتقليل من خسائره. وذكرت مجلة لوبوان الفرنسية أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أكد أن عدد القتلى ضمن الجنود الأوكرانيين الذين لقوا حتفهم خلال هذه الحرب لم يتجاوز 31 ألفا. وانتقد زيلينسكي روسيا وقال إن ما روجت له بشأن عدد القتلى الأوكرانيين غير صحيح "فهم 31 ألفا، وليس 150 ألفا أو 300 ألف، على الرغم من أن كل ضحية هو بالنسبة لنا خسارة كبرى". ونقلت لوبوان عن الموقع الروسي "ميدوزا" -الموجود خارج روسيا- أن تقديراته لعدد القتلى الروس تصل إلى نحو 75 ألفا. وأضاف أن حوالي 24 ألف جندي روسي قتل في 2022، ونحو الضعف لقوا مصرعهم عام 2023، مبرزا أن أغلب القتلى سقطوا في معركة باخموت، وأن جلهم كانوا من السجناء السابقين الذين تم تجنيدهم. وبحسب لوبوان، فقد أعلنت القيادة العامة للجيش الأوكراني أن عدد الخسائر البشرية الروسية وصل إلى أكثر من 409 آلاف، ويشمل هذا الرقم القتلى، والمصابين العاجزين عن مواصلة الخدمة العسكرية.).- انتهى- وهنا أسأل بمناسبة مرور عام علي حرب السودان، ما الذي يمنع البرهان من كشف كل الحقائق عن الحرب؟!!، ما الذي يمنعه من الأداء بحديث صريح مثل الرئيس الرئيس الأوكراني/ فولوديمير زيلينسكي، ويقول فيه كل شيء بالتفاصيل الدقيقة عن: 1- حساب الربح والخسارة في القوات المسلحة؟!!. 2- يكشف خفايا واسرار قصة المعركة التي جرت في مقره؟!!. 3- من كان وراء خروجه من الخرطوم الي بورتسودان؟!!. 4- رأيه في علاقة الجيش بالاسلاميين؟!! 5- سبب السماح لعلي كرتي التدخل في الشأن العسكري؟!! 6- ما السبب في عدم السماح للصحفيين والمراسلين بتغطية الاحداث؟!! 7- هجوم ياسر العطا علي تشاد رأي شخصي ام رسمي؟!! 8- هل تشارك قوات من اوكرانيا مع الجيش في الحرب؟!! 9- ما رأيه في غضب ملايين المواطنين من فكرة تسليح الشعب؟!! 10- لماذا سمح بانسحاب الضباط والجنود من مدينة ودمدني؟!! ملحوظة مرفق رابط هام: قرار لجنة تحقيق في أنسحاب الجيش من ولاية الجزيرة- تبريري بامتياز. https://sudaneseonline.com/board/515/msg/1710244745.html 11- لماذا يرفض زيارة السعودية؟!!، وهل حقيقة ما يقال أن الضباط الاسلاميين هم الذين ضغطوا بشدة من أجل افشال الزيارة؟!! أحداث كثيرة مؤلمة وقعت خلال الفترة من (يوم السبت 15/ إبريل 2023 حتي اليوم 15/ مارس 2024) وكان من أسوأ الاعوام في تاريخ البلاد، وحتي هذه اللحظة بسبب التعتيم والتضليل من الطرفين المتقاتلين لا احد يعرف – سواء كان في القوات او مواطن عادي-، وإن كانت الحرب ستنتهي سريعا، أم سنشهد عام ثاني ملئ بالكر والفر والهجوم والدفاع والانسحاب والتقدم؟!!