بغرابة شديدة يتساءل الكل ، شيبا وشبابا ، ذكورا واناثا ، سودانيين وأجانب عن ماذا يجري في السودان؟ وما هي الأسباب وراء كل ذلك؟ ومن هو المستفيد؟ يا سبحان الله . كلنا ينكر معرفة السبب أو الأسباب ، بل بالتاكيد سيحاول كل منا أن يقنع الأخرين بأنه ليس له يد أو ضلع في ما يحدث الأن من خراب ودمار !!! بل كلنا بريئين من كل هذا براءة الذئب من دم يوسف بن يعقوب . كلنا ندعي حب الوطن وعشقه الأبدي وأن اجدادنا قد وصونا عليه ونفدية بدمائنا بل بارواحنا ومن من يقول بالغالي والنفيس!!!. وبالتاكيد الأن بعد مرور عام بالتمام والكمال من العذاب والتشرد والذل والمهانة علي يد أوباش وحثالة البشرية عرفنا قيمه الوطن ، وندمنا علي التفريط فيه (ربنا يستر) ، وندعوا الله بكرة وأصيلا أن يعيدنا لوطننا سالمين غانمين ، ويحفظ لنا سوداننا وينصر جيشنا ، ويقضي علي كل من تأمر علي وطننا وعلينا كشعب من الداخل أو الخارج ، ويحصيهم عددا ويقتلهمم بددا ولا يترك فيهم أحدا وأن لا يحقق لهم غاية ولا يرفع لهم راية وأن يجعلهم عبرة للباغين وأية. سؤال مشروع ، أسالكم ونفسي ، لماذا نقرا قرأننا دون تدبر؟ ونحفظ سوره دون فهم.؟ فلننظر لواقعنا المعاصر علي الأقل خلال الأربعين عاما الأخيرة ، وسناتي الي قرون قبلها في ما بعد بالتفصيل أن أمد الله في أيامنا. هل نحن كشعب وكجماعات وكافراد (أقل سوءا) من قوم عاد وثمود ولوط ونوح وشعيب وفرعون وهامان وقارون … الخ . من الأقوام التي عاقبها الله بالصيحة والرجفة والزلزلة والغرق والطوفان وريح صرصر العاتية التي استمرت 7 ايام و8 ليالي وتركتهم كاعجاز نخل خاوية، والقمل والضفادع واحجار من الطين مسومة!!! الم نكن نستحق ان ترسل علينا طيرا ابابيل ، ترمينا بحجارة من سجيل، وتجعلنا كعصف مأكول. بل أستطيع أن أقول ، صادقا وجازما ، حيث أنني لا أكتب عن التاريخ أو متخصصا فيه ، بل معايشا لكل هذه المأسي ، اننا أسوا وأضل سبيلا من كل من ذكرتهم أعلاه من الأمم والجماعات والافراد التي عاقبها سبحانه وتعالي وارسل لهم الأنبياء والرسل. منهم من ذكرهم لنا في القرأن ، ومنهم من لم يذكر لعلنا نتعظ ونتجنب ما يقودنا الي الهلاك. أن تسليط الجنجويد منه سبحانه وتعالي علينا نتيجة ذنوبنا وهم لا يخافون الله ولا ولن يرحمونا ، والذين دمروا وطننا ومواطننا دمارا شاملا ما هو الا عقاب بسيط لنا ، مقارنة بما حدث لمن قبلنا وما جري حتي في قارتنا من قتل وسحل وابادة جماعية، وما يحدث الأن في غزة حتي نعي الدرس ونغير ما بأنفسنا ونراعي الله في وطننا وفي بعضنا البعض ونتحري الحلال ونتجنب الحرام والشبهات ، وان نتجنب ان نختان أنفسنا ، ونبرر ونشرع بما يوافق أهوائنا . نحن نقرا القرأن ونفسره علي هوانا . نؤدي العبادات واركان الاسلام ونعتقد أن (التدين هو الدين)!!!، وننسي أن الدين هو المعاملة. كما (ننسي ونتعمد النسيان) لكل اخطائنا تجاه الوطن والأهل والاخرين بصفة عامة وكل منا يعتقد أن الله قد خلق الدنيا كلها من اجله، وأنه هو محور الكون وبقية البشر ، حتي وأن كانوا اقرب الأقربين ، يجب أن يوفروا له كل شيء ويتقبلوا منه أي شيء حتى وان كان فظا غليظ القلب. نعود لموضوعنا الأساسي. نحن كسودانيين يجب أن نراجع بهدوء شديد وبصبر أشد منه اسباب ما يجري الأن؟ ومنذ متي بدانا نقع في الأخطاء التي قادتنا الي ذلك؟ ثم هل يمكننا وضع خطة أو برانامج أو استراتيجيات للتصحيح وباسرع ما يمكن؟ هل اخطاءنا كلها دينية أم أيضا دنيوية؟ هل نحن عبر القرون كنا نستحق هذا الوطن؟ هل هنالك شعوب أخري دخلت علينا غيرت من سلوكياتنا؟ هل هي شعوب أفريقية أم أسيوية/ عربية؟ لماذا تدنت أخلاقياتنا الي هذه الدرجة وبمعدلات متسارعة وسريعة لم تستطع عاداتنا وتقاليدنا الأصلية والأصيلة كبح جماحها؟ هل نحن شعوب متعددة يصعب جمعها في بوتقة شعب موحد؟ ام أن هذا التعدد ثروة يجب أن ترتقي بنا؟ هل يعيش بيننا خونة؟ هل هم حقيقة من بني جلدتنا أو كما يقال (غواصات) ؟ هل نحن بالفعل شعب معلم؟ من الذي منحنا هذه الصفة؟ وهل نستحقها؟ هل نحن بالفعل الشعب السوداني الكريم؟ كرمنا هذا هل هو ادعاء أم حقيقة؟ هل هو خصلة غريزية فينا ، حب عمل الخير ونتمني الخير للجميع ، بما يمكننا أن نجود به للأخرين حبا فيهم وشكرا للخالق املين أن يكون للخير حيزا كبيرا في مجتمعاتنا ورفعا للمعاناة؟ أم حتي يقال أننا كرماء؟ ما هي معايير الكرم لدينا؟ هل نحن شعب عنصري؟ وما هي أسباب عنصريتنا؟ ومن يتفوق علي من عنصريا وباي معايير؟ هل كل ذلك راجع الي فشل النظام التعليمي؟ أم الي فشل الأحزاب السياسية؟ أم بسبب الدكتاتورية العسكرية ؟ أم اسباب تدخلات خارجية تهدف الي أن تقودنا الي أن نصبح دولة فاشلة ثم يأتوا ليسيطروا عليها! . نحتاج أن نواجه أنفسنا وبصراحة شديدة حتي نشرح مشاكلنا وعيوبنا ونقاط ضعفنا ونقاط قوتنا ومنها نصنع الترياق المناسب لحياتنا بصفة عامة برؤيا وأهداف وسياسات وبرامج وخطط ومشروعات تعيد صياغة أخلاقياتنا وتصرفاتنا وسلوكياتنا بحيث نستطيع أن (نتصالح مع انفسنا) أولا داخل بيوتنا وعائلاتنا وقبائلنا ومجتمعاتنا ومع دول الجوار ومع بقية العالم. انشاءالله سنتحدث في عدة حلقات قادمات عن تفاصيل تتعلق بكل محور من محاور أسباب فشلنا في أن نصبح دولة لها مكانتها وتدحرجنا حتى وصلنا الي الحرب الحالية ، وهي بالمناسبة (غير عبيثية) ، بل هي (نتيجة حتمية) وكانت متوقعة منذ امد بعيد نتيجة كل ما ذكرته أعلاه من اخطاء وهشاشة وضعف وهزال انعدام الانسجام والنفاق والفساد و(الحلول البانادولية) وانعدام التخطيط ، بل لدي اعتقاد جازم بأنها تأخرت كثيرا . لعل وعسي نكون قد وعينا الدرس ، واعترفنا بامراضنا، وتوقفنا عن نفخ الذات والكذب علي انفسنا حتي لا نكتب عند الله كذابين. اللهم نسالك اللطف (أمين).