بعد غد الاثنين 27/ مايو الحالي تجئ ذكرى مرور تسعة أشهر علي خروج البرهان من سرداب القوات المسلحة في الخرطوم بعد أن قضي محاصرا فيها طوال مدة (120) يوم ، ومنذ هروبه المخجل ما فكر في يوم من الايام أن يتجاسر يزور القيادة العامة التي تعيش طوال هذه الشهور العصيبة بلا قائد عام للقوات المسلحة!! وبدون وجود الفريق أول ركن/ كباشي نائب القائد العام!!، بل وحتي الفريق أول ركن/ ياسر العطا الجنرال الوحيد الذي سطع نجمه من بين كل جنرالات المؤسسة العسكرية ما عتبت قدماه الخرطوم والخرطوم بحري وجزيرة توتي واكتفي بالمساحة المحررة في امدرمان ومبني الإذاعة!! . لم يعد يخفي علي أحد ، أن البرهان طوال مدة بقاءه في بورتسودان قد أدلي بعشرات التصريحات الكثيرة عن الاستعدادات للحرب في المرحلة المقبلة التي ستقودها القوات المسلحة مع تنظيمات اسلامية مستنفرين وبقايا من الفلول ، هذه التصريحات اصلا ما وجدت الاهتمام الشعبي او الاعلامي او كانت محل حديث الناس -علي اعتبار انها فقاعات كلامية "فشنك" ينطبق عليها قول الشاعر الأصمعي: "أسمعُ جَعْجَعَة ولا أرى طِحنًا"-. من منا لا يعرف ، أن كل تصريحات البرهان كانت تتم أثناء لقاءاته مع الضباط والجنود في المعسكرات بالمدن الآمنة والمناطق البعيدة عن القتال ، وإنه ولا مرة واحدة منذ بدء القتال في أبريل 2023م حتي الان لم يلتقي وجها لوجه مع الجماهير في لقاءات شعبية ، ولا كلف نفسه أن يبادر باللقاء مع فئات من الشعب في بورتسودان ويحاورهم ويسمع ارائهم في الحرب!!، ولا قام بالتجول في عاصمته الجديدة وعاين احوالها وأحوال السكان والنازحين فيها!! ولا كلف نفسه التحقيق في الشكاوي الكثيرة التي قدمت له من المواطنين في مناطق كثيرة تضرروا ضرر بالغ من الممارسات التعسفية والاعتقالات والتعذيب والتي قامت بها الاستخبارات العسكرية وتنظيم "البراء بن مالك" وصلت فيها بعض الحالات للموت!! . سكت عن جرائم "الكتائب الإسلامية" التي تشبه الي حد كبير نفس جرائم قوات "الدعم السريع"!! وغض النظر عن الممارسات العنصرية التي تطبقها القوات المسلحة ضد المواطنين الدارفوريين العزل!! . قبل أيام قليلة مضت ، وبلا مقدمات او سابق انذار فجر البرهان تصريح أضحك الناس كثيرا خفف عنهم حر الصيف قال في تصريحه العجيب" الحرب في بدايتها ولن نترك للعدو فرصة للراحة "!!، اما السبب الحقيقي الذي اضحك خلق الله عليه ، أن البرهان اعتبر الحرب التي اندلعت قبل (390) يوم مضت ودخلت عامها الثاني لم تكن حرب وانما (المناظر قبل بدء الفيلم)!! . ضحك الشعب كثيرا أن البرهان (المتجدع!!) في بورتسودان وأخر راحات في عاصمتة الجديدة ينعم بالهدوء والطمأنينة التامة وسط ضباطه وجنوده وحرسه الخاص توعد أن يقلق راحة الدعامة وكانهم – في نظره- جنود وضباط مثله لا يقاتلون ولا يقربون من السلاح وعندهم جلسات وونسات أخر مزاج عالي مع بائعات القهوة واللقيمات!! . ما مر يوم منذ هرب البرهان من بدروم القيادة العامة إلا وجاء خبر غريب عن تصرفاته التي أصبحت تتكاثر يوم بعد بعد يوم ، ولست هنا بصدد رصدها والكتابة ولكن ساكتب عن أشهر عشرة "جلطات" ارتكبها البرهان بعد خروجه من الخرطوم في يوم 27/ أغسطس 2023م : اولا: ما كان الواجب عليه أن يتهرب من مسؤولياته كقائد عام للقوات المسلحة التي كانت وقتها وما زالت محاصرة من قوات "الدعم السريع" ويفر الي بورتسودان الأمنة ، كان الواجب عليه أن يبقي فيها مثل قبطان السفينة التي علي وشك الغرق هو أخر من يغادرها. ثانيا: بعد أن تم تحرير جزء من مدينة امدرمان -وتحديدا منطقة الاذاعة-، كان الواجب عليه أن يرحل اليها يجعلها نقطة انطلاق للمعارك تحت قيادته شخصيا ، بهذا التصرف يرفع من روح الضباط والجنود أن القائد العام بينهم في ساحة القتال!! . ثالثا: ارتفعت أصوات الغاضبين ضده وضد سياساته وتصرفاته المتناقصة ، بإنه قد أولي أهتمام كبير بتنظيم "الكتائب الاسلامية" و"المستنفرين" علي حساب القوات المسلحة التي أصبحت كاليتيم ، ومن رصد أخر تصريحاته يجدها تشييد بهم وبدورهم في الوقوف جنبا الي جنب مع (رفقاء السلاح) في الجيش!! . رابعا: بتاريخ يوم 2/ ديسمبر 2023م ، أصدر البرهان قرار قراراً بتشكيل لجنة برئاسة وزير الداخلية ، للقبض على منسوبي النظام البائد الفارين من السجون ، والضالعين في إشعال حرب الخامس عشر من أبريل ، هذا القرار حتي اليوم وبعد (5) شهور لم ينزل الي حيز التنفيذ ولا أحد من المسؤولين في وزارة الداخلية تجرأ واعتقل أحد من الفارين رغم أن السلطات تعرف تماما اين يقيمون هؤلاء الفارين وأغلبهم موجودين في نفس مدينة البرهان!!، عدم تنفيذ القرار يعني أنها قرارات غير ملزمة بالتنفيذ ولا الإتهام بها اذا كانت تخص شخصيات كانت كبيرة في زمن الحكم السابق!! . خامسا: بعد وصول البرهان الي بورتسودان ، رصدت الصحف السودانية والاجنبية أخباره بدقة ونشرت الكثير عنه وكيف إنه غدا اسير "الحركة الاسلامية" وما عاد هو الحاكم الفعلي للبلاد ، وان القادة في "الحركة الاسلامية" هم الذين اصروا علي البرهان مواصلة الحرب وعدم الخضوع للسلام ، أن يرفض جلوس وفد الحكومة مع وفد الدعامة علي طاولة واحدة في اجتماع جدة ، والا يلتزم بفتح الممرات أمام شاحنات الإغاثة الوصول الي مناطق الشدة والجوع ، القادة في "الحركة الاسلامية" هم الذين منعوا البرهان من المشاركة في اجتماع القمة العربية في المنامة ، هم ايضا من وضعوا كتائبهم الاسلامية تحظى باهتمام البرهان والعمل علي دعمها بالمال السلاح في الوقت الذي فيه بعض المعسكرات في دارفور تعاني نقص حاد في السلاح والمؤن مما حدا بإحدى الفرق العسكرية وعددهم (300) جندي الفرار الي دولة تشاد بكامل أسلحتهم وعتادهم!! . سادسا: طوال مدة وجود البرهان في بورتسودان منذ شهر أغسطس 2023م حتي اليوم اصبحت كل اهتماماته تنصب في أعمال ادارية مثل التعيينات والاقالات واستقبال الوفود الغير رسمية ، وتوجيهات مكررة ومعادة بخصوص إصلاحات في الخدمة المدنية ولكلها توجيهات لم تجد التنفيذ بسبب عدم وجود ميزانيات لها !! . سابعا: رغم أن البرهان يرفض التوضيح عن سبب امتناعه زيارة السعودية اسوة بزيارات خارجية كثيرة سبق أن قام بها ، ورغم أن الفريق أول ركن/ ياسر العطا كف عن الهجوم علي تشاد ودولة الامارات ، إلا أن السؤال المطروح بشدة في الساحة السياسية هو ما شكل العلاقة القائمة الآن بين نظام بورتسودان مع الاماراتوتشاد وليبيا وأفريقيا الوسطى وكينيا ، ولماذا يرفض النظام توضيح موقفها الرسمي في علاقتها بهذه الدول؟!! . ثامنا: أصبح من الواضح بلا إخفاء او دس ، أن البرهان انفرد بالسلطة الكاملة مع "الحركة الاسلامية" ولم يعد هناك وجود ذي اهمية لمجلس السيادة (التي إختفت تماما ولم يعد أحد يتذكرها) ، ولا وجود للحكومة التي اصلا منذ انقلاب 25/ أكتوبر لا عمل لها ولا شغل او مشغلة!!. تاسعا: سؤال عن أين إختفي جيش ال(100) ألف جندي لم يعد يشغل بال البرهان كثيرا بعد أن ضمن ولاء "الكتائب الاسلامية"!!، وما عاد يتكلم عن "هيكلة" القوات المسلحة ولا عن الإصلاحات داخل المؤسسة العسكرية!! . عاشرا: في ظل الخلافات التي ظهرت علي سطح الاحداث بين كباشي وياسر ونشرت الصحف السودانية والاجنبية تفاصيلها ، وكيف أن كباشي يرفض أن تمارس "الكتائب الاسلامية" نشاطها بلا ضبط او ربط ، وبين ياسر الذي اعطاها الضوء الاخضر في كل شيء .. وايضا في ظل تذمر كثير من الضباط في القوات المسلحة علي تغلغل الضباط الاسلاميين في الشأن العسكري وفرض اطروحتها في كل شيء من منطلق اسلامي وليس عسكري ، جعل البرهان يتوجس من حدوث شيء ضده بعد أن تفاقمت الأوضاع السيئة داخل الجيش ، لذلك اصبح يقوم بزيارات مكثفة معسكرات القوات المسلحة في المدن والمناطق الآمنة في محاولة منه لاثبات أن كل شيء داخل الجيش ولا توجد شقاقات اوتوتر داخله!! . [email protected]