ليست الإنقاذ أسوأ ماحدث لنا وعشناه ولا الدعم السريع ولا الحرب. الأسوأ المتوقع أن يتصالح الكيزان والدعم مرة أخرى ، وهذا أيضا ليس الأسوأ جدا. إن أسوأ ما يمكن أن نعيشه هو أن يتقبل الشعب هذه المصالحة التي ستسوق له على أنها : 1. من أجل إيقاف الحرب (وقتها على الشعب أن يقول بل بس) . 2. عفا الله عما سلف (وقتها على الشعب أن يقول لا عفى الله عنا إن عفونا عنكم) . 3. من أجل السلام (وقتها على الشعب أن يقول لا سلمني الله ولا سلمكم إن قبلت بعودة أي منكم حتى ولو كان الصف العاشر منكم). 4. من أجل الضحايا والمشردين (على الشعب وقتها أن يقول ضحينا ب 14 الف وتشردنا ما يقارب 16 مليون ، فهل لذلك ثمن؟ أم ستعودون ويصبح الضحايا مجرد فطائس والمشردون مجرد حيوانات ضالة في أرض الله) . 5. من أجل بداية جديدة (وقتها يقول الشعب بالفم المليان أنعل أبوكم وإنعل ميتينكم وإنعل كل خلاياكم الفاسدة ومساماتكم النتنة ، البداية الجديدة في نهايتكم معا) . 6. من أجل المدنية (وقتها يقول الشعب (يا مستني السمنة من ط… ز النملة) . 7. من أجل الحفاظ على ما تبقى من السودان (وقتها يقول الشعب إذا ذهب الحمار بأم عمرو فلا عادت ولا عاد الحمار. هل ستكررون مأساة الجنوب) . 8. . من أجل محاسبة من بدأ الحرب (وقتها يقول الشعب ما قاله الفيتوري : في قاضي ياقوت العرش فأنتم مجرمي الحرب وليس قضاتها) نعم نحن الشعب الآن الأضعف وفاقد الحيلة لأنكم احتكمتم لآلة الجبناء، إحتكمتم للسلاح ونحن سنحتكم لحمامة حتما ستنزل على كتف ياقوت العرش) وللذين لا يعرفون قصة (الحمامة) : ياقوت العرش قذفه البحر الهائج صدفة على شاطئ الأسكندرية وكان حبشيا قرشيا أخذ كعبد مملوك من الحبشة لبيعه عبر البحار. فنزل عند ابو العباس المرسي فأحبه وقربه وعلمه ، وعندما كبر ظهرت عليه علامات التقوى والكرامات وتجئ قصة الحمامة كأحد هذه الكرامات فقد كان في المسجد وبعد الصلاة نزلت على كتفه حمامة وهمست في أذنه قائلة (إن المؤذن بمسجد عمرو بن العاص يذبح فراخي) فقال لها سأرسل معك أحدا فقالت لا يكفيني إلا أنت ، فخرج وركب من الأسكندرية حتى القاهرة (الفسطاط) وفي جامع عمرو بن العاص نادى ياقوت على المؤذن فأتى فقال له ياقوت (هل صحيح أنك تذبح فراخ هذه اليمامة) فقال المؤذن نعم أفعل ذلك كلما كبر فراخها والآن تبت ولن أعود لذلك. وقيل أن أبو العباس حين حضرته الوفاة طلب عليه أن يسمي خليفة له فقال (خلفوا من ستنزل الحمامة على كتفه). وبعد وفاته اجتمع الناس بالمسجد ينتظرون الحمامة فنزلت على كتف ياقوت فلم يصدقوا أن يكون خليفتهم من كان عبدا حبشيا مستضعفا. فكرروا انتظارهم فنزلت على كتفه مرة أخرى ، فخلفوه. نحن يا سادة الحرب ويا لوردات الحرب ويا مجرمي الحرب في انتظار الحمامة وحتما ستأتي وحتما ستنزل على كتفنا فالحمامة لن تنزل أبدا بعد هذه الحرب على كتف فيها دبابير ولا نجوم ولا نسور ولا أسياف. رحم الله شاعرنا الفيتوري فقد لخص القصة في اروع قصيدة قرأتها باللغة العربية وأوردها لكم في خاتمة هذا المقال الاستشرافي (لجدة 2) و( الطائف 2) وللطائف 2 حكاية أخرى. دُنيا لايملكها من يملكها أغنى أهليها سادتها الفُقراء الخاسر من لم يأخُذ منها ماتُعطيه على إستحياء والغافل من ظن الأشياء هيّ الأشياء تاج السلطان الغاشم تُفاحه تتأرجح أعلى سارية الساحة تاج الصوفي يُضيء على سجادة قش صدقني يا.. ياقوت العرش أن الموتى ليسوا هُم هاتيك الموتى والراحة ليست هاتيك الراحة — عن أي بحار العالم تسألني يامحبوبي عن حوت .. قدماه من صخر عيناه من ياقوت عن سُحُبٍ من نيران وجزائر من مرجان عن ميت يحمل جُثته ويُهرول حيث يموت لاتعجب يا.. ياقوت الأعظم من قدر الإنسان هو الإنسان القاضي يغزل شاربه لمغنية الحانة وحكيم القريةِ مشنوق والقِردة تلعب في السوق يامحبوبي … ذَهب المضطرُ نِحاس قاضيكم مشدود في مقعدة المسروق يقضي مابين الناس ويجرُ عباءتهُ كبراً في الجبانه — لن تبصرنا بمآقٍ غير مآقينا لن تعرفنا مالم نجذبك فتعرفنا وتكاشفنا أدنى مافينا قد يعلونا ياقوت .. فكن الأدنى تكن الأعلى فينا —- وتجف مياه البحر وتقطع هجرتها أسراب الطير والغربال المثقوب على كتفيك وحزنك في عينيك جبال ومقادير وأجيال يامحبوبي .. لاتبكيني يكفيك ويكفيني فالحزن الأكبر ليس يُقال (هذه القصيدة كأنها كتبت بعد هذه الحرب اللعينة وفيها رمزية لكل مآسينا ، أقرأها/أقرأيها عشرة مرات في اليوم فهي ورد السوداني المظلوم المكلوم وهي حجته وحجابه وتميمته وبخرته التي سيدخل بها الامتحان مخبأة في ضرس (العقل لديه) ويا مثبت العقول ثبتنا) [email protected]