اعتبرت منظمات حقوقية مغربية طريقة مقتل العقيد الليبي الراحل معمر القذافي بعد اعتقاله جريمة حرب واضحة ومقرفة، مطالبة بضرورة فتح تحقيق دولي نزيه وشفاف حول ظروف تصفية القذافي، وهو واقع تحت الأسر من طرف مجموعة من ثوار ليبيا، يوم العشرين من أكتوبر/تشرين الثاني الجاري. وعبّر الحقوقيون المغاربة عن إدانتهم الشديدة لعملية اغتيال القذافي بعد اعتقاله، لكونها قد تعيد إنتاج نفس الاستبداد الذي كان يتعامل به الطاغية إبان سنوات حكمه العديدة مع خصومه السياسيين، الأمر الذي يتعارض مع أهداف ثورة 17 فبراير الليبية التي انطلقت من مدينة بنغازي شرقي البلاد. وتجدر الإشارة إلى أن طريقة مقتل القذافي، وانتشار صور تعنيفه قبل تصفيته قسمت الشارع المغربي إلى فريقين: الأول يرى في نهايته الدموية أمراً طبيعياً بسبب ما اقترفه من جرائم متعددة بحق أبناء الشعب الليبي، بينما تعاطف قسم ثانٍ مع القذافي بسبب ما اعتبروه تعاملاً "غير إنساني" في تلك الصور المعروضة. جريمة حرب ووصف عبدالسلام أديب، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع الرباط أحد أكبر المنظمات الحقوقية بالبلاد، مقتل معمر القذافي بعد اعتقاله، بجريمة حرب واضحة ومقرفة، حيث إن الذين اعتقلوه - رغم ادعائهم الانتساب إلى الإسلام وترديدهم عبارات التكبير والتهليل - مارسوا طرقاً بشعة في تعنيفه وتعذيبه، وفق تعبير الناشط الحقوقي. وقال أديب في تصريحات ل"العربية نت" إن أحد معتقليه من الثوار الليبيين ظهر وهو يغرس سلاحاً أبيض في مؤخرة القذافي الذي لم يكن معه حينها أي سلاح، كما أنهم قاموا بارتكاب أفعال عنف لاإنسانية بحقه، وشنقوه إلى أن أردوه قتيلاً، بدليل الآثار التي بدت واضحة في عنقه. وتابع الحقوقي أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تعتبر مقتل القذافي بعد اعتقاله جريمة حرب خارج أي منطق أو اعتبار لآدمية الإنسان، مضيفاً أنها جريمة تستوجب الإدانة القوية من طرف جميع الفاعلين والقوى التي تشتغل في مجال القانون وحقوق الإنسان. وشدد أديب على ضرورة فتح تحقيق دولي في مقتل القذافي، مشيراً إلى أن هناك شكوكاً حول دور "الناتو" في تصفية القذافي، حتى يصمت نهائياً ولا يعترف بعدة أمور وأسرار تتعلق بقضايا دولية ذات حساسية معينة، في حالة لو تم اعتقاله وتقديمه للمحاكمة. دفن أسرار دولية ومن جانبه، ندّد الدكتور خالد السموني الشرقاوي، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، بطريقة قتل ما وصفه بطاغية ليبيا معمر القذافي، مبرزاً أن تعنيفه الجسدي الذي طاف حول العالم بسبب مقاطع الفيديو المصورة، ثم قتله بعد اعتقاله حياً دون تقديم الإسعاف إليه، يعد جريمة حرب في أعراف القانون الدولي وحقوق الإنسان في العالم. ومثل أديب، يرى الشرقاوي أن قتل القذافي مباشرة بعد اعتقاله قد يكون سببه "حسابات سياسية إقليمية ودولية، الغرض منها دفن أسرار الجرائم التي ارتكبها الطاغية معه، واحتمال ضلوع دول في ممارساته ضد شعبه، وضد الأبرياء في العالم بأسره". واستطرد بيان المنظمة الحقوقية أن "اغتيال الطاغية أثناء أسره دون محاكمة مؤشر سلبي لما بعد حقبة الديكتاتور، وينطوي على وجود طابور خامس لا يؤمن بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، والتي تقتضي إحالة كل متهم على المحاكمة العادلة حتى يلقى جزاءه المنصف والعادل، بعيداً عن روح الانتقام والضغينة والحقد"، بحسب تعبير البلاغ. وفي سياق متصل، سارت آراء بعض الناشطين في حركة 20 فبراير في الاتجاه ذاته، حيث اتفقوا على أن مقتل القذافي بتلك الطريقة يطرح تساؤلات حقيقية حول وعود المجلس الانتقالي الليبي من قبل بضمان محاكمة عادلة للقذافي في حالة اعتقاله، وهو ما لم يتم، حيث تم تعنيفه وتصفيته بطلق ناري مباشر في رأسه، دون الخضوع لمحاكمة قانونية تتيح معرفة الأسرار التي يحملها معه في العديد من القضايا، بدءاً من الثورة الليبية وانتهاءً بقضية "لوكربي".