زين العابدين صالح عبد الرحمن بعد انفصال الجنوب كنت قد ركزت في عدد من المقالات إن الإنقاذ تستهين بالتجمعات السودانية في الخارج و هي تجمعات يمكن أن تستخدم في إحلال السلام و الاستقرار في السودان و تكون هي نفسها تجمعات تعمل من أجل توسيع دائرة الاستثمار الأجنبي في السودان و خلق علاقات وطيدة مع تلك الدول التي تتواجد فيها تلك التجمعات و في ذات الوقت يمكن أن تكون تلك التجمعات قوة تعمل من أجل محاصرة نظام الإنقاذ و العمل من أجل تضيق علاقاته الخارجية و فرض المزيد من العقوبات عليه و لكن قيادات الإنقاذ كما تقول الآية الكريمة ( أني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم وآستغشوا ثيابهم و أصروا و استكبروا استكبارا) صدق الله العظيم في اعتقاد أنهم قادرين علي لعب البيضة مع الحجر و أنهم قادرين علي التصدي للمشاكل و التحديات دون السماع لصوت العقل من الآخرين و لكن دائما تثبت الأحداث عكس ذلك تماما حيث أنهم يخرجون من أزمة بعد ما خسروا فيها إلي أزمة أخري أشد من سابقتها مما يؤكد أن الحكمة تغيب عن قيادات الإنقاذ دائما في تناول القضايا و البحث عن حلول. بعد ما أعلنت 66 منظمة في الولاياتالمتحدة أنهم بصدد العمل سويا " الحركة من أجل السودان" بهدف الضغط علي الإدارة الأمريكية لجعل هناك حظرا للطيران العسكري السوداني في المناطق التي فيها نزاعات مسلحة قالت الإنقاذ إن هذه الحركة تضم المنظمات التي لها عداء ضد السودان و أغلبيتها منظمات يهودية و صهيونية و الشيء الذي كان يجب أن تفهمه الإنقاذ إن ضغطها علي الناس و محاصرتهم في الداخل و التضييق عليهم سوف يدفعهم للإستعانة بأية قوة تستطيع أن تساعدهم للتخلص من الإنقاذ و هو ذات الفعل الذي دفع الرئيس البشير أن يعلن في كسلا أنهم دعموا الثوار في ليبيا ضد نظام الرئيس القذافي و موافقة السودان في جامعة الدول العربية في دعوة حلف الناتو حماية المدنيين في ليبيا و بالتالي قياسا لذلك أن دعوة الخارج للمساعدة أصبحت سابقة شاركت الإنقاذ فيها و الإدانة غير واردة و رغم كانت هناك فرصة سمينة جدا أن تذهب الإنقاذ في طريق الحلول السياسية الداخلية بعيدا عن استخدامات القوة و عمليات العزل و التضييق و لكن الإنقاذ نفسها تعاني من انقسامات داخلها تجعل دعاة الحرب و استخدامات القوة لهم الغلبة داخل التنظيم. ثم جاء الاتهام للطيران السوداني العسكري في قصف معسكر للنازحين السودانيين في دولة جنوب السودان و قد اتهمت حكومة دولة جنوب السودان الجيش السوداني و قد نفت القوات المسلحة السودانية ذلك الاتهام و لكن دعاة الاتهام الذي تمثله دولة جنوب السودان يؤكدون أن لديهم دلائل تثبت أن حكومة السودان قد قامت بذلك الفعل الأمر الذي يسهل مهمة ( الحركة من أجل السودان) في إقناع الإدارة الأمريكية أن تتخذ خطوة جادة تجاه حكومة الخرطوم في الوقت الذي تعرف فيه قيادات المؤتمر الوطني أنهم يفتقدون إلي العلاقات التي تستطيع أن تدافع عنهم في المحافل الدولية و حتى الصين و روسيا في أفضل المواقف أنها تمتنع عن التصويت و لكن ليس هناك ما يجعلها أن تدفع بالفيتو لوقف الإجراء دفاعا عن دولة تتوالد فيها النزاعات و قد أدمنت إثارة الصراعات و لا تستطيع العيش بعيدا عنها. من خلال مجريات الأحداث و خطب الرئيس البشير يتأكد هناك تناقض في الخطاب السياسي و يتأرجح بين الدعوة من أجل الحوار الوطني و تهيئة الساحة السياسية للوصول لنتائج مرضية للحوار و بعد فترة قليلة نجد إن الخطاب السياسي للرئيس يأخذ منحي أخر يهدد في استخدام القوة و التضييق علي الناس و اتهامات المعارضة مما يجعل الخطاب مرتبكا يجعل المراقب السياسي للشأن السوداني حائرا بين الخطابين و الذي يصدر من مصدر واحد الأمر الذي يؤكد أن الإنقاذ لا تستند إلي مرجعية فكرية و ثقافية تقيم بموجبها الأحداث أنما السياسية خاضعة للمزاج الشخصي و الذي يتأثر بالأحداث سلبا و إيجابا و هذا الفعل لا يشير إن السودان سوف ينعم بالسلام و الاستقرار و بالتالي يجب علي قيادات المؤتمر الوطني أن لا ترمي بالأئمة علي الخارج لأنهم هم الذين دفعوا الناس للبحث عن حلول خارج الوطن و تأكيدا علي ذلك التناقض في الخطاب علي المرء سماع خطابات الرئيس البشير في هذه المنابر" في البرلمان بعد الانفصال – خطابه في القضارف – خطابه في كسلا – خطابه في الكرمك" حقيقة تحمل في أحشائها تناقضا لا يعرف المراقب ماذا يريد الرئيس البشير مرة يدعو للقوة و القبضة الحديدة و يتوعد المعارضة و مرة يدعو للحوار في مثل هذه الأجواء لا يمكن أن يصنع السلام و الاستقرار كنت أحسب إن المكتب القيادي للمؤتمر الوطني هو الذي بيده القرار و لكن أثبتت الأحداث أن القرار عند رجل واحد فقط هو الذي يقرر و البقية عليها أن تبصم عليه و تبحث عن المسوغات له و هي معضلة تنعكس سلبا علي مجريات السياسة في السودان و أعتقد هذه إشكالية العسكرية في العمل السياسي. و كنت قد أكدت من قبل أن البندقية لا تصنع نظم ديمقراطية و قد ضربت أمثلة بالعديد من الحركات و المجموعات التي حملت السلاح و وصلت للسلطة في العديد من دول العالم و لم تحقق ديمقراطية في بلدانها أنظر إلي ( دولة جنوب السودان - أثيوبيا – اريتريا – كوبا – نيكارجوا قبل الضغط علي دانيال أرتيقا أن يتبني الديمقراطية – تشاد - فيتنام و غيرها) و في ذات الوقت لا يمكن لنظام أن يستمر في الحكم اعتمادا علي القوة و المؤسسات الأمنية كما إن التجارب الماثلة في الإقليم العربي أن القوة الأمنية و العسكرية لم تحمي النظم التي احتمت بها و لكن الحوار الوطني و الانتفاضات الشعبية هي وحدها التي تصنع النظم الديمقراطية و غياب القانون و الاعتماد علي المؤسسات الأمنية هي التي تدفع المعارضين للبحث عن مناصرين خارج الحدود فمتى تستوعب قيادات الإنقاذ ذلك كما لا اعتقد أن المعارك العسكرية هي سوف تقدم حلولا للمشاكل السياسية أنما القوة العسكرية تزيد النزاعات و الزعماء دائما يحاولون البحث عن الحلول التي تجنب بلادهم إراقة الدماء كما إن السودانيين مثل غيرهم يتطلعون للديمقراطية و الحرية و إذا كانت قيادات الإنقاذ تذهب لكي تهنئ الشعوب التي خلعت النظم الديكتاتورية كان جدير بها أن تجنب البلاد ويلات الحروب و الصراعات و تعمل من أجل التحول الديمقراطي في البلاد بالطرق السلمية و لكن الإنقاذ تتصرف بذات التناقض في خطابها السياسي تهنئ الشعوب علي تحقيقهم أهدافهم في خلع الديكتاتوريات و تمارس هي ذات السلوك غير الديمقراطي و هي عندما تفعل ذلك في اعتقاد أن المعارضة ضعيفة و لا تستطيع تحريك الشارع و يغيب عنها أن الجماهير في البحث عن حلول لمشاكلها تتجاوز قياداتها و تصنع قيادات جديدة و نسأل الله أن يجنب السودان الحروب و نسأله التوفيق. زين العابدين صالح عبد الرحمن