سعى الرئيس السوداني عمر حسن البشير للبحث عن مخارج للازمة السودانية، قبيل ايام فقط من استفتاء شعب الجنوب على مصيره، بإعلانه في يناير من العام الجاري عزمه تشكيل حكومة قاعدة عريضة تضم في حقائبها الوزارية القوى السياسية المؤثرة في البلاد بعد الاستفتاء والانفصال الرسمي للجنوب. غير ان الانتظار طال مع قرب نهاية العام ولازم التعثر خطى تشكيل حكومة البشير فتأخرت لشهور طويلة. فالمعارضة التي يقف على رأسها حزب الأمة بزعامة رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي اعتبرت وعود البشير محاولة لشرعنة المؤتمر الوطني. واعلن المهدي، بعيد إطاحة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، ان اختيار الحكومة القومية، قد يجنب البشير مصير الرئيس التونسي المخلوع. وقال المهدي حينها ان على الحزب الحاكم ان يختار «اما التذكرة القومية او التذكرة التونسية». الحوار الماراثوني وترقب الجميع الاعلان الرسمي عن الحكومة الجديدة بوقت أقصاه نهاية اغسطس، بعيد فقدان الحكومة صيغتها التشاركية اثر اعلان الانفصال رسميا في يوليو الماضي، وفراغ نسبة من السلطة تعادل 28 في المئة من التشكيل الكلي للحكومة منحتها اتفاقية السلام الشامل الموقعة في 2005 للحركة الشعبية. الا ان الحوار الماراثوني بين الحكومة وحزبي الامة و«الاتحادي» عطلها لشهور. وحالت جولات التفاوض السرية والعلنية بين الحزبين الكبيرين دون التوصل لصيغة مشتركة وتأسيس حكومة تستند الى اكبر الاحزاب حجما من خلال القاعدة الجماهيرية. ولم يخف المؤتمر الوطني ان حقيقة تلكوئه في اعلان التشكيل الوزاري الجديد ترجع الى البطء في الوصول لتفاهمات بينه و«الأمة» و«الاتحادي». وبعد شهور من التأجيل المتعمد في اعلان حكومة البشير العريضة، طفت على السطح تسريبات بأن سفينة التفاوض مع «الامة» و«الاتحادي» لم تسر كما تشتهي رياح المؤتمر الوطني، فأعلن حزب الامة على الملأ رفضه المشاركة بالسلطة لعدم التوصل لما أسماه «اتفاقات على الاجندات الوطنية العشر»، تأتي في مقدمتها حكومة قومية وحل ازمة دارفور والجوار الاخوي مع الجنوب وصياغة دستور ديمقراطي دائم للبلاد، لتتجه كل الانظار صوب «الاتحادي» بعد استبعاد حزبي «الشيوعي» و«الشعبي» من التفاوض للمشاركة لموقفهما المتشدد ضد حكومة البشير ومطالبتهما الى جانب قوى اخرى بضرورة اسقاط النظام على غرار ثورات الربيع العربي. تمرد الشمال ولم يكد الحزب الحاكم في السودان يفق من تمرد الحركة الشعبية بالشمال في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق، لاختلافات جمة على صعيد وضعية جيش الحركة وبقائه مسلحا دون اندماج أو بنزع أسلحته ودمجه في القوات النظامية ومؤسسات المجتمع المدني، ليفاجأ بتيار عريض في «الاتحادي» يعلن رفضه المشاركة على لسان امين الاعلام في الحزب ومرشحه السابق للرئاسة حاتم السر. وأعلن القيادي في الحزب اختيار طريق التغيير ورفضه المطلق المشاركة في أي حكومة يختارها الرئيس السوداني. وتعقدت مسارات تشكيل الحكومة اكثر فأكثر نهاية أكتوبر الماضي، اثر تصريحات البشير وطلبه فصل نائب رئيس «الاتحادي» علي محمود حسنين والقيادي التوم هجو، ما عده الحزب تدخلا في شؤونه. عيد الأضحى وفي الوقت الراهن، يواجه المؤتمر الوطني تحديات في إعلان الحكومة خاصة عقب إعلانه عن إمكانية ولادتها بعد عيد الاضحى، ما يرجح لجوء الحزب إلى تحالفاته القديمة مع الاحزاب المنشقة مثل «الامة» بقيادة الزهاوي ابراهيم مالك إضافة إلى «الاتحادي الديمقراطي» بزعامة جلال الدقير، دون استبعاد الاحتمال الضئيل بمشاركة «الاتحادي» بشكل مفاجىء. البيان