أسفرت الحقيقة عن وجهها بتوقف هطول الأمطار لهذا العام، ووصول الموسم الزراعي لنهايته، الذي تأكد معه أن مناسيب هطول الأمطار لهذا العام كانت أقل من المتوسط بكثير، وأن حصيلة انتاج هذا الموسم من المحاصيل ضعيفة جدا ، وان ذلك يؤدى إلى تفاقم الأزمة وتعميق آثارها السالبة، فالمرحلة تعدت الحديث عن حدوث فجوة غذائية ، فالاصوات تعالت بالنداء عن نذر فجوة غذائية حقيقية ، ويرى كثير من الخبراء والمختصين ان مواجهة المشكلة وتقدير حجمها أفضل من الهروب منها، واستهانة الحلول اللازمة لها، ويجب إعطاؤها ما تستحق من تدابير ومعالجات وإجراءات ، فالأمطار التي هطلت بمعدلات ضعيفة هذا العام ترتب عليها تدني الإنتاجية بصورة مخيفة، الأمر الذي أثر عكسياً على أسعار المحاصيل، فقد بلغ سعر جوال الذرة في مناطق الإنتاج الرئيسية التي ترفد سائر البلاد باحتياجاتها من الذرة كمنطقة القضارف، (110 - 120) جنيهاً للجوال الواحد, ولم يتعد في العام السابق وفي نفس التوقيت (50%) من السعر الحالى ، فهنالك مناطق حسب متابعات الرأي العام ، تكاد تكون معدلات الإنتاج فيها تصل إلى درجة الصفر، وهنالك مناطق بكاملها ليست لها أية غلة إنتاجية ، رغم تأكيد المسؤولين بأن معدلات الإنتاج العام عالية وتنبئ بمحصول وفير،وفى السياق أكد عدد من التجار( الرأي العام ) أن أسباب تصاعد الأسعار ترجع لقلة المعروض في الأسواق من قبَل المنتجين وضعف الوارد من مناطق الإنتاج إلى الأسواق ، وأشاروا إلى أن الخريف في كل الولايات غير مبشِّر، لذلك اتجه التجار لاحتكار السلعة ، وبلغ اردب الدخن بسوق امدرمان (440) جنيها ، بدلا عن (280) جنيها في العام السابق ، واردب طابت (315) جنيها بدلا عن (220) جنيها ، والفتريتة (250) جنيها للاردب بدلا عن (165) جنيها حتى نهايات الموسم الماضي ، والهجين (260) جنيها بدلا عن (160) جنيها الموسم الماضي ، وارجع التجار ذلك الى الكميات الضئيلة التى وصلت الى الاسواق(فقط) من منطقة جبل موية غرب سنار،واوضحوا ان فى مثل هذه الايام ومنذ منتصف نوفمبر من كل عام تبدأ إنتاجية الموسم الجديد فى الانتظام حتى في المشاريع المروية ، لكنها تأخرت هذا العام كثيرا ، بجانب انتاج الزراعة المطرية ، وقد حذر رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل بولاية القضارف محجوب يوسف دكين من حدوث فجوة غذائية وشيكة فى الولاية بعد فشل الموسم الزراعي خاصة فى المناطق الشمالية منها، وطالب حكومة الولاية باعلان الجفاف والمجاعة حتى يتسنى للمنظمات أجنبية الدخول لتوفير الدعم ، وقال رئيس الحزب فى تصريحات صحفية ان الوضع الحالي في القضارف ينذر بخطر حدوث فجوة غذائية شبيهة بالعام 1985م، من جهته قال كرم الله عباس والي ولاية القضارف في حوار مع (الرأي العام) : ان الموسم الزراعي بالولاية الآن يمكن أن نصفه (بالفاشل ) بسبب قلة الأمطار وهذا يعني أن إشكالية كبيرة ستواجه المزارعين واعلان عن اعسار مبكر ، يمكن حلها مع البنوك وشركات التأمين ، ولكن تبقى مشكلة الدخول للموسم الزراعي الجديد . من جانبها نفت هيئة المخزون الإستراتيجي وجود فجوة غذائية في أي جزء من البلاد، و أكدت أنها - أي- الهيئة قادرة على التحكم في أية فجوة يمكن أن تحدث ، وأوضح ابراهيم البشير أحمد مدير عام هيئة المخزون الإستراتيجي المكلف) أن الهيئة قادرة على التحكم في أية فجوة تحدث بإعتبار أن لديها كميات من المخزون بمناطق مختلفة تمكنها من تأمين الغذاء حيال حدوث أية فجوة غذائية كما هو منوط بها ، وابان أن من مهام الهيئة الأساسية مقابلة النقص الكلي في إنتاج الحبوب الغذائية ومواجهة حالات الطوارئ وتوفير الحبوب الغذائية للجهات المعنية بالتعاون والتنسيق المسبق مع هذه الجهات، وقال إن العام السابق من أكثر الأعوام التي شهدت فيها الهيئة استقراراً، وأن المخزون بالبلاد يكفي لاطول فترة ، وأن موسم ( 2010م 2011م) كان من أحسن المواسم إنتاجاً ، وقال البشير ل (الرأي العام) : إن الهيئة تمكنت هذا العام من شراء حوالي (500) ألف طن ذرة أي ما يعادل (5) ملايين جوال تقدر قيمتها بحوالي ( 450 ) مليون جنيه . من جهته اقر اتحاد مزارعي ولاية القضارف بفشل الموسم الزراعي الجاري بالولاية بسبب قلة الامطار، فى وقت قلل فيه من نسبة الاعسار وسط المزارعين وقدرها ب (10%)، وقال عبدالمجيد علي التوم نائب رئيس اتحاد المزارعين، انه للاسف الشديد تأثر الموسم الزراعي الحالي كثيرا بسبب تأخر هطول الأمطار ، وأكد ل(الرأي العام)، أن المنطقة الشمالية التى كانت تعول عليها الولاية فى زيادة الانتاجية تعد من اكثر المناطق تأثرا هذا العام مما ادى الى ضعف كبير فى الانتاجية ، واكد ان ذلك ليس معناه الفشل التام، واشار الى ان انتاجية معقولة تحققت فى المناطق الاخرى، من جهة اخرى اشار محمد عبدالرحمن الحاج احد قيادات المزارعين بالقضارف وعضو الاتحاد السابق الى نقص في توزيع الأمطار خاصة الأجزاء الشمالية والشمالية الغربية من مناطق الزراعة الآلية ، وقال ل (الرأي العام ) ان انتاجيتها تكون ضعيفة جدا ، لكن المناطق الجنوبية فان الخريف بها احسن نوعا ما ولكنه اقل من خريف الاعوام الماضية بكثير ، واكد ان الفجوة الغذائية بالولاية غير محتملة لان اجزاء كبيرة منها منتجة ، وما يمتلكه المخزون الاستراتيجي من ذرة يمكن ان يغطي المناطق غير المنتجة ، واوضح ان القضارف هى الرائدة فى مجال الزراعة الآلية المطرية بالبلاد ، وتغطي حاجة بقية ولايات السودان بجانب الصادر إلى دول الجوار ، وضعف الانتاج يلقي بظلاله السالبة على جميع انحاء القطر ، واضاف : الاسعار الحالية على الرغم من ارتفاعها عن العام الماضي إلا إنها غير مجزية اطلاقا ، مقارنة بتكاليف الانتاج العالية ، واقل مما كان يتوقعه المزارع مقارنة بما تم صرفه على مدخلات الانتاج ، التى تضاعفت اسعارها ابتداء من المحروقات والزيوت وقطع الغيار والمبيدات والخيش وغيرها ، بجانب عدم توفر العمالة وارتفاع اسعارها ، وتابع : كنا تنوقع سعر اكبر مقارنة باسعار الدولار ، وقال : اسعار الدولار لم تنعكس على اسعار المحاصيل الزراعية بل انعكست على مدخلات الانتاج ، ومن المفترض ان يبلغ اردب الذرة (300) جنيه بدلا عن (220-210) جنيها سعره الحالى ، واضاف : على الرغم من تمويل البنك لاعداد كبيرة من المزارعين الا ان التمويل لم يكن بالصورة المطلوبة وحسب احتياجات المزارع ،بجانب عدم جدوى التمويل قصير الاجل ، وطالب بتمويل طويل الاجل حتى يتسنى للمزارع امتلاك الآليات والمدخلات التي تؤدى إلى مضاعفة الإنتاج والإنتاجية ، وناشد البنك الزراعي باستيراد آليات حديثة تواكب طموحات النهضة الزراعية وتتماشى مع التقانة والتكنولوجيا التى انتظمت العالم اجمع ولكنها لم تصل مناطق الزراعة الآلية بالسودان ، حيث يتم العمل بآليات عفا عنها الدهر. الراي العام