ترجمة احمد حسن محمد صالح قرأت كتاب زقاق الأغاني (LYRICS ALLEY) في جلسة واحدة كنت مسافرة بالطائرة إلى ليبيا من دبي في أوائل فبراير 2011م، فضلاً أن الرواية كانت بقلم واحد من الكتاب المفضلين لدي وهي ليلى أبو العلا وان مسرحها في موطني السودان دعوني احكي لكم خلفية حصولي على هذا الكتاب. انتظرت هذا الكتاب سنوات، قرأت كل كتب أبو العلا وقصصها القصيرة عدة مرات. عندما حاورتها عبر البريد الالكتروني لصحيفة انجليزية يومية تصدر في الخرطوم في العام الماضي قالت لي أن أبقى على اتصال معها حتى أكون من أوائل قراء زقاق الأغاني، صدر الكتاب في يناير 2011م عندما مرضت أمي كانت تقابل طبيبها في القاهرة ووصلنا العاصمة المصرية في 26 يناير قبل يومين من اندلاع الثورة. قضينا الأسبوع التالي محصنين داخل مسكننا ملتصقين بشاشة التلفاز مستغلين مواردنا الشحيحة لمساندة الشباب الذين كانوا يتناوبون على حراسة المبنى خلال الأيام الأولى من الثورة المصرية، حشد من الرجال جالسون على الكراسي او واقفون حاملين بنادق ومطاوي وأوعية مطبخ عشوائية تحولت لأسلحة. الأممالمتحدة اجلتنا لدبي بعد أسبوع، وكانت عملية الترحيل الزاماً لموظفي الأممالمتحدة ووالدي كان لا يزال يعمل في المنظمة الدولية حينذاك. اشتريت زقاق الأغاني وانا في طريقي الى الطائرة المتجهة لليبيا من مطار دبي الدولي، انفقت كل ما لدينا من النقود على الكتاب و(بدون) وهي مجلة فنون وثقافة. في بداية الكتاب عرفنا انه ملهم من قبل حسن عوض أبو العلا (1922 - 1962م) وهو قريب للكاتبة وابرز شعراء السودان، الكتاب يحكي قصة أسرة عريقة في أم درمان، آل ابو زيد الذين يعيشون في شارع الموردة حيث يقع المسكن السابق لأسرة أبو العلا، وعلى الجانب الأخر من الشارع يقع منزلي الحالي. اعتقد ان الكتاب يدور حول موضوعين، الأول هو التضارب في الهوية السودانية ضد المصرية الذي يفصل شخصيات كثيرة خاصة محمود أبو زيد المتزوج بالحاجة وهيبة وهي زوجة سودانية تقليدية ونبيهة الزوجة المدائنية الأصغر التي ترفض كل الأشياء السودانية. هذا الموضوع شبيه بالمئذنة التي تتمركز على امرأة سودانية واسرة مصرية وسودانية وسلالة ابو العلا نفسه تغذي هذا الموضوع امها مصرية ووالدها سوداني. ولدت في القاهرة ولكنها نشأت في الخرطوم انها ممزقة بثبات هاتين الهويتين. في الكتاب المواقف شبيهة بالمواقف الحياتية الواقعية -السودانيون يرتابون في المصريين والمصريون ينظرون الى السودانيين باستعلاء ويعدونهم الاقل سفسطة. الموضوع الآخر هو التزاوج بين الخيال والواقع. ظللت ألاحظ تشابه أسرة ابو زيد باسرة ابو العلا ،إقامتهم في ام درمان وانخراطهم في التجارة وإعجابهم بكلية فكتوريا في الاسكندرية التي كانت تعتبر كلية ايقون الشرق الاوسط في ذلك الوقت. نور ابو زيد ابن محمود ابو زيد اصيب بالشلل في حادث على شواطئ الاسكندرية. حسن عوض ابو العلا هو الآخر أصيب في حادث مأساوي شبيه في مصر. كلا الشخصيتين استخدما الشعر للهروب من الواقع الأليم، كانا متعلمين جداً وامامهما مستقبل زاهر. دراسة في كلية فكتوريا تليها كلية في كامبريدج او اكسفورد ووظيفة مرموقة عند العودة الى موطنهما السودان. حول اصابته كتب حسن ابو العلا فيك يا مصر اسباب ازايا وفي السودان همي وعزايا، هذه الكلمات في اغنية (السفر هو السبب) غناها احمد المصطفى وان الموسيقى السودانية الحديثة ابو العلا كتب أيضاً (يا ملاك) وهي اغنية اداها ايضاً احمد المصطفى مع المغنية اللبنانية الشهيرة صباح في فيلم مصري. اغنية (السفر هو السبب) حفظها كل السودانيين في تلك الحقبة. حادث نور هز أسرة أبو زيد ولكن الحياة مضت في حالها، أنهيت قراءة هذا الكتاب بينما كنا نهبط في ليبيا وبعد اسبوعين تم إجلاؤنا مرة أخرى عندما اندلعت الثورة الليبية. إنني أزكي (زقاق الأغاني) ليس فقط لان الرواية تمثيل قوي لتاريخ السودان الاجتماعي والثقافي ولكن لانني كنت أقرأها وأنا في محنة وبعد أن قرأت الصفحة الأخيرة شعرت بالراحة. الراي العام