القاهرة - ا ف ب: على بعد بضعة امتار من ميدان التحرير، لم يعد المجمع العلمي الذي أسسه نابليون بونابرت والذي تم احراقه اثناء الاشتباكات بين قوات الامن والمتظاهرين، سوى مبنى مدمر التهمت النيران وثائق نادرة ومخطوطات تاريخية يحويها ارشيفه. صباح الاحد، كان متطوعون يحاولون من خلال النوافذ الحديدية للدور الارضي استخراج بعض الاوراق الممزقة او الكتب المتفحمة من داخل المبنى ويضعونها في اكياس من البلاستيك. وتقول الفة وهي شابة كانت تملأ كيسا من البلاستيك بكتب مخلوطة بالرماد 'نحاول انقاذ ما يمكن انقاذه من هذه الوثائق التاريخية، فالمبنى يمكن ان ينهار في اي لحظة'. واضاف ممتاز الذين جاء مع اخرين للمساعدة في هذه المهمة 'سنسلم هذه الاوراق والكتب للسلطات' قبل ان يتم سرقتها او تمزيقها. ولكن حولهم، كان مراهقون يلهون باوراق تناثرت امامهم على الرصيف او سقطت في برك المياه التي تكونت نتيجة محاولة رجال الاطفاء اخماد الحريق. وفي محيط المجمع العلمي حيث استمرت الاشتباكات بين متظاهرين مناهضين للمجلس العسكري وقوات من الجيش والشرطة، لم تثر هذه الوثائق الثمينة التي تحولت الى رماد اهتمام احد. وكان الدخان لايزال يتصاعد الاحد من داخل المبنى الذي اشتعلت فيه النيران صباح السبت في ظروف غير واضحة. وتبادل الجيش والمتظاهرون الاتهامات بالمسؤولية عن احراق المبنى. ومازالت الجدران الخارجية للمبنى قائمة ولكن اثار الدخان الاسود كانت واضحة عليها غير ان سقفه انهار. ولم يتبق شئ داخل المبنى الذي تحول الى حطام سوى بعض اجزاء من ارفف او من قطع الاثاث. اسس المجمع العلمي في العام 1798 اثناء الحملة الفرنسية على مصر من ادل تعزيز البحث العلمي. وكان المبنى المحترق الذي شيد في بداية القرن العشرين يحوي 200 الف كتاب بعضها نادر تتعلق بتاريخ وجغرافيا مصر. ومن بين مقتنياته كانت هناك خصوصا نسخة اصلية من كتاب وصف مصر الذي وضعه علماء نابليون بونابرت. وقالت الصحف المصرية ان هذه النسخة دمرت. وقال عبد الرؤوف الريدي عضو مجلس ادارة المجمع العلمي والسفير المصري الاسبق في واشنطن ان 'هذا الحريق يملأني حزنا، انها نكبة بالنسبة لمصر'. واكد عالم الاثار كريستيان لوبلان ان 'هذا المجمع جزء من تاريخ مشترك لمصر وفرنسا'. واعتبر وزير الثقافة شاكر عبد الحميد احتراق المجمع العلمي ووثائقه 'كارثة' واعلن تشكيل لجنة من الخبراء لترميم الكتب والمخطوطات التي امكن انقاذها. وقال عبد الحميد ان 'المبنى يحوي مخطوطات بالغة الاهمية وكتبا نادرة يصعب وجود مثيل لها في العالم'، مشيرا الى ان 'شباب الثورة وموظفين من المجلس الاعلى للثقافة بذلوا جهودا كبيرة' مساء السبت لانقاذ الكتب والمخطوطات ونقلها من المبنى قبل ان تأتي عليها النيران. واكد وزير الاثار محمد ابراهيم في بيان اصدره انه سيطلب من السلطات المصرية المساهمة في ترميم المبنى.