شاهد بالفيديو.. القيادي بالدعم السريع إبراهيم بقال يظهر بأحد الملاعب العالمية ويتابع مباراة كرة قدم.. تعرف على الحقيقة!!    شاهد بالصور.. المذيعة نسرين النمر توثق للحظات العصيبة التي عاشتها داخل فندق "مارينا" ببورتسودان بعد استهدافه بمسيرات المليشيا ونجاتها هي وزميلتها نجمة النيل الأزرق    شاهد بالفيديو.. القيادي بالدعم السريع إبراهيم بقال يظهر بأحد الملاعب العالمية ويتابع مباراة كرة قدم.. تعرف على الحقيقة!!    494990309_2099522250472054_2765873171644141355_n    باريس يقهر آرسنال ويتأهل لمواجهة إنتر في نهائي دوري الأبطال    شاهد بالفيديو.. نجمات المسلسل السوداني "ديالا" يقدمن فواصل من الرقص المثير على أنغام أغنية (الآمان بي)    بهدفين مقابل هدف.. باريس يقهر آرسنال ويتأهل لمواجهة إنتر في نهائي دوري الأبطال    شاهد بالصورة والفيديو.. على أنغام الفنانة إنصاف مدني.. شيخ الأمين "يجرتق" عريس سوداني وعروسته    بيان توضيحي من مجلس إدارة بنك الخرطوم    سقوط مقاتلة أمريكية من طراز F-18 في البحر الأحمر    عندما كان المصلون في مساجد بورتسودان يؤدون صلاة الصبح.. كانت المضادات الأرضية تتعامل مع المسيّرات    ريال مدريد وأنشيلوتي يحددان موعد الانفصال    المسابقات تجيز بعض التعديلات في برمجة دوري الدرجة الأولى بكسلا    المضادات الأرضية التابعة للجيش تصدّت لهجوم بالطيران المسيّر على مواقع في مدينة بورتسودان    ما حقيقة وجود خلية الميليشيا في مستشفى الأمير عثمان دقنة؟    التضامن يصالح أنصاره عبر بوابة الجزيرة بالدامر    اتحاد بورتسودان يزور بعثة نادي السهم الدامر    محمد وداعة يكتب: عدوان الامارات .. الحق فى استخدام المادة 51    أمريكا: الهجمات بالمسيرات على البنية التحتية الحيوية تصعيد خطير في الصراع بالسودان    "آمل أن يتوقف القتال سريعا جدا" أول تعليق من ترامب على ضربات الهند على باكستان    شاهد بالصورة.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل تسابيح خاطر تنشر صورة حديثة وتسير على درب زوجها وتغلق باب التعليقات: (لا أرىَ كأسك إلا مِن نصيبي)    في مباراة جنونية.. إنتر ميلان يطيح ببرشلونة ويصل نهائي دوري أبطال أوروبا    الهند تقصف باكستان بالصواريخ وإسلام آباد تتعهد بالرد    والي الخرطوم يقف على على أعمال تأهيل محطتي مياه بحري و المقرن    "أبل" تستأنف على قرار يلزمها بتغييرات جذرية في متجرها للتطبيقات    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    ما هي محظورات الحج للنساء؟    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يتحمل المسؤولية في الانفصال المحتمل لجنوب السودان؟
نشر في الراكوبة يوم 29 - 07 - 2010

خضع السودان للحكم البريطاني على مدى ثمانية وخمسين عاما، وقد عمل البريطانيون خلال هذه المدة الطويلة على المحافظة على وحدة البلاد، فأقاموا خطوط السكك الحديدية الحديثة التي بلغ طولها نحو أربعة ألاف كيلومتر من الخرطوم إلى حلفا وكريمة فى شمال السودان ومن الخرطوم إلى كسلا وبورتسودان في شرق السودان والأبيض في غرب السودان ، وقد ساعدت هذه الشبكة الطويلة على توحيد البلاد كما ساعدت على إزدهار الحركة التجارية بين الأقاليم المختلفة في البلاد، وعلى الرغم من أن البريطانيين اعتبروا منطقة الجنوب منطقة مقفولة،وبالتالي لم يقيموا خطا حديديا بينها وبين الشمال فقد كانت الأسباب مفهومة بعد حقبة طويلة من تجارة الرقيق، ويبدو أن تلك كانت في الوقت ذاته رغبة جنوبية لأنه بمجرد أن خرج البريطانيون من السودان بدأت الحركة العسكرية في جنوب البلاد وهي الحركة التي أطلق عليها الشماليون حركة التمرد وتمت مواجهتها بالقوة العسكرية في مختلف مراحل الحكم في شمال السودان دون إعطاء القضية مساحة من التفكير الموضوعي لمعرفة أبعادها وكيفية حلها.
ومن الغريب أنه على الرغم من ظهور حركة وطنية في السودان تطالب بخروج البريطانيين من البلاد فإن السودان لم ينعم خلال خمسة وخمسين عاما من الاستقلال بأكثر من عشر سنوات من الحكم الديموقراطي بصرف النظر عن كونه أقيم على أسس طائفية ، إذ بعد عامين فقط من الحكم الديموقراطي قام رئيس الوزراء عبدالله خليل بتسليم الحكم للعسكريين الذين أسسوا نظاما أطلقوا عليه ثورة السابع عشر من نوفمبر وكانت بقيادة الفريق ابراهيم عبود ، ولم يكترث الناس كثيرا بهذا التغيير ، فقد كانوا ينظرون إلى القادة الجدد على أنهم سودانيون ولن يخرجوا على المبادئ الوطنية المتعارف عليها وكانوا كذلك في معظم تصرفاتهم إلا في قضية الجنوب التي واجههوها مواجهة عسكرية ،ولم تقتصر هذه المواجهة على من كانوا يسمون بالمتمردين بل تجاوزتهم إلى السكان الأبرياء وقد سمعت شخصيا من أحد قادة هذا الحكم كيف أنهم كانوا يحرقون أحياء كاملة من العشش دون اهتمام بالضحايا في داخلها ،واستمر هذا الوضع في السودان على مدى ست سنوات حتى أسقط النظام بثورة شعبية أطلق عليها ثورة أكتوبر ،وقد بدأت شرارة هذه الثورة في جامعة الخرطوم بعد أن قتلت قوات الشرطة أحد طلبة الجامعة ويدعى القرشي ، وبعد سقوط النظام تأسس حكم ديموقراطي طائفي لفترة محدودة ، وخلال هذه الفترة عقد مؤتمر المائدة المستديرة لمناقشة قضية الجنوب ، ولكن لم تحدث تحولات أساسية في الموقف من الجنوب كما أن الحكم نفسه لم يستمر طويلا إذ وقع انقلاب عسكري في عام تسعة وستين بقيادة جعفر النميري ، ولم يكن هناك داع لقيام انقلاب عسكري ولكن يبدو أن المودة التي كانت سارية في المنطقة كلها هي خروج القوات المسلحة لتولي مسئولية الحكم ليس لأسباب داخلية بل فقط لتعلن مبادئ كبيرة مثل الاشتراكية والوحدة العربية وغير تلك من الأمور التي كانت في حقيقتها خالية من المحتوى ولا تمثل حركة تقدم حقيقية، وقد جاء انقلاب النميري في أعقاب نكسة حزيران ولذلك فقد وجد الانقلاب ترحابا من الرئيس جمال عبدالناصر الذي اعتبر النميري والقذافي تجديدا لشبابه، وكان ذلك كافيا لإعطاء النميري دفعة قوية للاستمرار في الحكم الذي دام أكثر من خمسة عشر عاما ، وباستثناء مواقفه من الشيوعيين ومحمود محمد طه فقد كان الحكم عاديا ولا يعرف أنه اتسم بمظاهر الفساد على الرغم من كثرة الأقاويل وأستطيع أن أروى حادثة شخصية ،فقد ذهبت لزيارة الرئيس جعفر نميري بعد خلعه بعدة سنوات في أحد المنازل في شارع إنفيرنس الموازي لكوينز ويي في لندن، وبعد أن تجاذبنا الأحاديث أخبرني الرئيس جعفر نميري أنه يعاني من مرض في القلب وأن الأطباء في الولايات المتحدة نصحوه بزيارتهم على الأقل مرة في العام ، وبعد فترة صمت قال لي ولكني لم أستطع منذ عامين من زيارة الأطباء في اميريكا ، فقلت له لماذا؟
فقال لأنه لا يملك نفقات السفر إلى الولايات المتحدة، وليس ذلك غريبا فقد كان النميري كغيره كثير من القادة السودانيين يلتزمون بالأخلاق الاجتماعية ولا يعتدون على الحق العام ، وبالطبع فإن ذلك لايعني عدم وجود استثناءات خاصة في فترات لاحقة من الحكم .
وإذا نظرنا إلى الجانب السياسي وخاصة في ما يتعلق بقضية الجنوب وجدنا أن الرئيس النميري قام بجهود من أجل اتمام المصالحة بينه وبين قائد الحركة العسكرية في جنوب السودان جوزيف لاقو ، وكما هو شأن الحركة السياسية في السودان فقد سقط نظام النميري أيضا بحركة شعبية وكما هو الشأن في السودان أيضا فإن الحركات الشعبية التي تسقط الحكومات لا تمتلك رؤى خاصة لما سيكون عليه نظام الحكم المقبل ، وهكذا تجد الثورات الشعبية نفسها بعد إسقاط أنظمة الحكم محاطة من جديد بالقيادات الطائفية التي تزعم أنها قيادات ديموقراطية ولكن سرعان ما تظهر فشلها في إقامة نظام حكم حديث لتفتح المجال من جديد لنظام حكم عسكري وذلك ما حدث مع النظام الذي أعقب ثورة مايو التي قادها الرئيس جعفر نميري إذ جاء نظام حكم لم يستطع أن يثبت أنه قادر على تأسيس وضع جديد صالح لحكم السودان وهو ما أفسح المجال للجبهة الوطنية الاسلامية كي تستولي على الحكم من خلال نظام عسكري أطلقت عليه نظام الإنقاذ وهو النظام الذي مازال يحكم السودان على مدى عشرين عاما ويستقطب مواقف مختلفة من العالم الخارجي .
وبصرف النظر عن قدرة النظام على تحقيق الشعارات التي ظل يرفعها وأهمها إقامة نظام إسلامي هو الوحيد في هذه المنطقة فإن المشكلة الحقيقية التي يواجهها النظام هي مشكلة جنوب السودان ، ذلك أن النظام استطاع أن يتوصل بمساعدة الولايات المتحدة إلى اتفاقية سلام مع العقيد الراحل جون جرنق في عام ألفين وخمسة وهي اتفاقية نيفاشا ، ولكن هذه الاتفاقية اشتملت أيضا على لغم لم يتنبه له الكثيرون لحظة توقيع الاتفاقية وهو لغم الاستفتاء الذي يجرى في جنوب السودان لتقرير مصيره ،ولا يدري أحد لماذا وافقت الحكومة في الأساس على هذا البند في الاتفاقية ، إذ السودان ليس نسيج وحده في وجود اثنيات وقبليات وعرقيات في داخله فالولايات المتحدة هي نفسها نسيج مختلف من عرقيات وإثنيات متباينة كما أن العرقية ليست أساسا في إقامة الدول التي تقوم في الاساس على المصالح وحكم القانون.
ولكن الولايات المتحدة التي لها رغبة خفية في تفكيك السودان -ربما بدافع الحسد بوجود قطر على هذه الضخامة يمتلك إمكانات هائلة وربما لأسباب لم تتضح بعد- تعمل بجهد من أجل تحقيق هذه الغاية وهي تجد نظام حكم يرفع شعارات إسلامية مناسبا لكي يبعث الخوف في نفوس كثير من الجنوبيين ويقدم أسبابا موضوعية من أجل استمرار الجنوبيين في مطالبهم ، ومن الغريب أن بعض أركان النظام في الشمال الذين تأكدوا أن الإنفصال واقع لا محالة بدأوا يطلقون شعارات تدعو إلى إنفصال الجنوب حتى يبدو الأمر وكأنه رغبة شمالية أيضا ، بل ودعا أخيرا الرئيس السوداني قادة الأحزاب والمعارضة لعقد مؤتمر يبحثون فيه مستقبل الجنوب وذلك ما رفضته أحزاب المعارضة التي لا تريد أن تظهر وكأنها مشاركة في عملية الانفصال التي ستقع لا محالة ، ويحدث ذلك على الرغم من أن الصادق المهدي كان يدعو صراحة في الماضي إلى عقد مؤتمر جامع يبحث الوضع في السودان بأسره ولكن الأمر قد اختلف الآن لأن موعد الاستفتاء قد اقترب ولا تريد أحزاب المعارضة أن تظهر وكأنها مشاركة في أي عمل ينتهي في آخر الأمر بإنفصال جنوب السودان.
وهنا لا بد أن نتوقف لأن نقول إن المسألة في حقيقة الأمر لا تتعلق فقط بمن يتحمل المسئولية لأن الأمر إذا تم فلن ينتهي عند انفصال جنوب السودان ، إذ هناك مشكلة أيضا في دارفور وقد تظهر مشكلات في مناطق أخرى إذا ما تحقق انفصال جنوب السودان ، ونرى في دعوة محكمة الجنايات الدولية للقبض على الرئيس عمر البشير نوعا من التخويف من أجل عدم الوقوف في طريق الانفصال المرتقب في هذه المرحلة.
وفي رأيي فإن مسألة استفتاء جنوب السودان ليست مسألة ممارسة حق ديموقراطي أو مسألة اتفاقية أو رغبة دولية بل هي مسألة تتعلق بصميم الأمن الوطني في السودان ويعرف الجميع أنه في الوقت الذي قد تتساهل فيه الدول في بعض قضاياها الدنيا فإنها لا تتساهل في الأمور التي تتعلق بالأمن الوطني وبالتالي فيجب أن ينظر إلى استفتاء جنوب السودان على أنه مسألة تتم في هذا الإطار ويجب مواجهتها بالحزم الذي يبقي على السودان موحدا ولكن من يتحمل المسئولية في هذه المرحلة الحاسمة في تاريخ السودان ، هذا هو السؤال الذي يجب أن يفكر الجميع فيه.
د. يوسف نور عوض
' كاتب من السودان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.